النفوذ الفرنسي يواجه ضغوطا في السنغال وتشاد

الرئيس السينغالي يؤكد أن فرنسا ستضطر إلى إغلاق قواعدها العسكرية في بلاده، بينما أعلنت الحكومة التشادية أنها بصدد إنهاء اتفاق دفاعي مع باريس لإعادة تحديد مفهوم السيادة الوطنية.
الجمعة 2024/11/29
فرنسا تخسر الكثير من الساحات في افريقيا

دكار/انجمينا - يواجه النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل وجنوب الصحراء مزيدا من الضغوط فبعد خسارة ساحات مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو بات الوجود العسكري الفرنسي في السنغال والتشاد على المحك.

وأعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي في مقابلة صحفية الخميس أن فرنسا ستضطر إلى إغلاق قواعدها العسكرية في بلاده قائلا إن وجودها يتعارض مع السيادة الوطنية.
وأضاف في المقابلة التي أجريت في القصر الرئاسي "السنغال دولة مستقلّة. إنّها دولة ذات سيادة، والسيادة لا تتّفق مع وجود قواعد عسكرية (أجنبية) في دولة ذات سيادة".
وفاي الذي تولّى منصبه في أبريل بعدما فاز في الانتخابات رافعا لواء السيادة وإنهاء الاعتماد على الخارج، أكّد أنّ رفض وجود عسكري فرنسي في بلاده لا يعني "قطيعة" بين دكار وباريس.
وأكّد الرئيس السنغالي أنّه تلقّى من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة تعترف فيها باريس بمسؤوليتها عن "مجزرة" ارتكبتها قواتها الاستعمارية في ثياروي قرب دكار في الأول من ديسمبر 1944.
وقال "لقد تلقّيت الخميس من الرئيس إيمانويل ماكرون رسالة يعترف فيها بأنّها كانت مجزرة، بشكل واضح جدا، دون أي لبس في المصطلحات". ورحّب فاي بهذا الاعتراف، معتبرا إياه "خطوة كبيرة" من جانب ماكرون.
وخلال المقابلة، كشف فاي أن الرسالة التي أكدها قصر الإليزيه قد أُرسلت قبل ثلاثة أيام من الاحتفالات التي تعتزم السلطات السنغالية الجديدة إيلاءها أهمية خاصة.
وأكد مجددا رغبته في تنويع شركاء بلاده التي تسعى إلى ان تطور نفسها وتبقى محاورا لأكبر عدد من الدول، في وقت انفصلت دول في منطقة الساحل عن فرنسا فجأة وتحولت نحو روسيا. 
وقال "تظل فرنسا شريكا مهما للسنغال لناحية مستوى الاستثمارات ووجود الشركات الفرنسية وحتى المواطنين الفرنسيين الموجودين في السنغال".
لكن بعد مرور 64 عاما على استقلال السنغال عن فرنسا، أكّد فاي أنّه "يتعيّن على السلطات الفرنسية أن تفّكر في إقامة شراكة مجرّدة من الوجود العسكري، ولكنّها شراكة غنيّة، شراكة مثمرة، شراكة مميّزة وشاملة كتلك التي تربطنا مع الكثير من الدول الأخرى" مضيفا إنّ "وجودا عسكريا أو عدم وجود عسكري لا ينبغي أن يعني قطيعة".
وأوضح أنّ بلاده تربطها علاقات وطيدة مع دول عدة مثل الصين وتركيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية و"كلّ هذه الدول ليست لديها أيّ قاعدة عسكرية في السنغال".
وأضاف "الصين اليوم هي شريكنا التجاري الأول من حيث حجم الاستثمارات والتجارة. هل للصين وجود عسكري في السنغال؟ كلا. هل نتحدث عن قطيعة؟".
وتحدث عن تحديث مرتقب لعقيدة التعاون العسكري. وأوضح أن هذا التحديث "يعني بوضوح أنه لن تكون هناك قواعد عسكرية في السنغال لأي بلد كان".
وقررت فرنسا تقليص وجودها العسكري في إفريقيا إلى حد كبير.
وبحسب الرئيس السنغالي فقد "اعتذر" ماكرون في رسالته لعدم تمكّنه، بسبب جدول مواعيده الحافل، من المشاركة في حفل سيقام في ثياروي الأحد لإحياء الذكرى الثمانين لضحايا تلك المجزرة.
وبحسب نصّ الرسالة يقول ماكرون إنّه "يجب على فرنسا أن تعترف بأنّه في ذلك اليوم، أدّت مواجهة بين جنود ورماة كانوا يطالبون بأن تدفع لهم رواتبهم المشروعة بالكامل، إلى سلسلة من الأحداث التي أدت إلى مجزرة". ولم يستبعد فاي إمكان أن تقدم بلاده إلى فرنسا طلبا لتقديم تعويض لذوي الضحايا.
ويواجه النفوذ الفرنسي في تشاد العديد من المشاكل حيث أعلنت الحكومة التشادية أنها بصدد إنهاء اتفاق دفاعي مع باريس لإعادة تحديد مفهوم سيادة البلاد بعيدا عن الدولة التي كانت تستعمرها في الماضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التشادية عبدالرحمن غلام الله في بيان الخميس إن القرار يمثل نقطة تحول تاريخية منذ حصول البلاد على استقلالها قبل ما يربو على ستة عقود.
وأشار المتحدث إلى أن قرار إنهاء الاتفاق سيسمح لتشاد بإعادة تحديد شراكتها الاستراتيجية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية.
وتولى الرئيس المؤقت في تشاد محمد ديبي إتنو على السلطة بعدما لقي والده الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، حتفه إثر إصابته في اشتباكات مع المتمردين في عام .2021
ويشير محللون إلى أن الرئيس التشادي فقد الثقة في فرنسا منذ مدة، ويمثل قرار إنهاء الاتفاق فرصة لدول أخرى مثل روسيا وتركيا والإمارات.