النفط الروسي أكبر المستفيدين من أزمة البحر الأحمر

العقوبات التي فرضتها مجموعة السبع على تجارة النفط الروسية، بسبب الحرب في أوكرانيا، ساهمت في النمو السريع لأسطول الظل من السفن التي تنقل النفط.
الجمعة 2024/02/02
شحنات بمخاطر أقل

تعطي أحدث المؤشرات أدلة إضافية على أن إمدادات النفط القادمة من روسيا أكبر مستفيد من التوترات في البحر الأحمر نظرا للعلاقات التي تتمتع بها موسكو مع اليمنيين، الأمر الذي يعزز الآراء التي ترجّح إمكانية تحقيق أهداف مزدوجة في ظل الحظر الغربي.

موسكو- واصلت الناقلات التي تحمل النفط الروسي الإبحار عبر البحر الأحمر دون انقطاع إلى حد كبير رغم هجمات الحوثيين على السفن وتواجه مخاطر أقل من المنافسين، وفقا لمسؤولين تنفيذيين في قطاع الشحن ومحللين وبيانات رحلات.

وأصبحت موسكو أكثر اعتمادا على التجارة عبر قناة السويس والبحر الأحمر منذ غزوها أوكرانيا، والذي دفع أوروبا إلى فرض عقوبات على وارداتها وأجبرها على تصدير معظم نفطها الخام إلى الصين والهند. وقبل الحرب كانت تصدر المزيد إلى أوروبا.

ووفقا لبيانات شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية، انخفض عدد السفن الروسية التي تمر عبر البحر الأحمر بشكل طفيف منذ ديسمبر الماضي، لكنها كانت الأسبوع الماضي لا تزال أعلى بنحو 20 في المئة عن المتوسط في عام 2023. ويتناقض ذلك مع الاضطرابات واسعة النطاق التي شهدها إبحار ناقلات النفط عبر البحر الأحمر في الأسبوعين الماضيين.

إيان ويلكنسون: الإمدادات الروسية ستستمر طالما كانت مجدية اقتصاديا
إيان ويلكنسون: الإمدادات الروسية ستستمر طالما كانت مجدية اقتصاديا

وأكدت فورتيكسا أن شحنات الديزل ووقود الطائرات من الشرق الأوسط وآسيا إلى أوروبا، أحد الطرق الرئيسية لتجارة النفط من الشرق إلى الغرب، توقفت تقريبا في الأيام التي أعقبت الجولة الأولى من الغارات التي قادتها الولايات المتحدة على اليمن الشهر الماضي.

وتتمتع روسيا بعلاقات وثيقة مع إيران، التي تدعم الحوثيين، وربما ساعد ذلك في منع الهجمات. وفي غياب الروابط الواضحة مع الشركات الغربية، فمن غير المرجح أن تكون سفنها هدفا.

وقال خبير النفط المخضرم أدي إمسيروفيتش لرويترز “ينقل أسطول الظل معظم النفط الخام والوقود الروسيين، لذلك من غير المرجح أن يكون في مرمى هجمات الحوثيين”. وأضاف “الحوثيون يستهدفون السفن المرتبطة بدول معينة”.

ولا تمتلك السفن التي تحمل النفط الروسي في معظمها أي صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا. وقال الحوثيون إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بتلك الدول في هجمات لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة.

وساهمت العقوبات التي فرضتها مجموعة السبع على تجارة النفط الروسية، بسبب الحرب في أوكرانيا، في النمو السريع لأسطول الظل من السفن التي تنقل النفط الخام والوقود الخاضع للعقوبات. ويتم استئجار هذه السفن من قبل شركات مسجلة عادة خارج الدول التي فرضت عقوبات على روسيا. كما أنها تستعين بالخدمات البحرية وعقود التأمين من الدول التي لا تفرض عقوبات.

وقالت ماري ميلتون المحللة في فورتيكسا إن “الكثير من السفن التي تحمل شحنات روسية تشير إلى أنها غير مرتبطة بإسرائيل عبر إشارات من أنظمة التعريف الآلي التي تبث معلومات تشمل موقع السفينة ووجهتها”. ونددت روسيا، وهي شريك لقوى عربية رئيسية مثل السعودية والإمارات بالإضافة إلى علاقاتها مع إيران، بما وصفته بالهجمات “غير المسؤولة”.

وذكرت مصادر إيرانية ومسؤول دبلوماسي لرويترز الأسبوع الماضي أن المسؤولين الصينيين يضغطون على إيران لكبح جماح الهجمات على السفن في البحر الأحمر وضمان ألا تضر بالمصالح الصينية.

واستبعدت ميلتون أن يؤثر الهجوم الذي شنّه الحوثيون الأسبوع الماضي على ناقلة تحمل وقودا تم تحميله في روسيا على تدفقات التجارة الروسية بشكل عام، إذ جاء استهداف هذه السفينة تحديدا لصلتها بشركات بريطانية وأميركية. وأضافت “للناقلة صلات بشركات مقرها الولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتالي السفن الأخرى التي تحمل شحنات روسية ولا ترتبط بتلك الشركات لن تواجه مثل هذه المخاطر”.

ووفقا لبيانات صادرة عن شركة التحليلات كبلر، الناقلة مارلين لواندا التي تعرضت للهجوم مملوكة لشركة أوشينكس سرفيسيز وهي شركة مسجلة في المملكة المتحدة مقرها لندن. وقالت شركة ترافيغورا لتجارة السلع الأولية، والتي تملك الشحنة، إنها تُقيّم المخاطر الأمنية المترتبة على تسيير رحلات أخرى في البحر الأحمر.

أدي إمسيروفيتش: أسطول الظل ينقل معظم الشحنات الروسية وليست هدفا
أدي إمسيروفيتش: أسطول الظل ينقل معظم الشحنات الروسية وليست هدفا

وتُظهر بيانات كبلر أن أربع ناقلات تحمل خام الأورال الروسي مرت عبر مضيق باب المندب مع ثلاث ناقلات أخرى تتجه جنوبا عبر البحر الأحمر منذ الهجوم على سفينة ترافيغورا في السادس والعشرين من يناير الماضي.

وقال إيان ويلكنسون، نائب رئيس المبيعات في شركة إنشكيب لخدمات الشحن، لرويترز إن “تدفق النفط الروسي يجب أن يستمر طالما كان ذلك مجديا من الناحية الاقتصادية ويمكن الحصول على تغطية تأمينية بالنظر إلى مستوى الطلب من الصين والهند”.

ورجحت شيفالي شوكين، كبيرة محللي الشحن لدى شركة شحن في دبي، أن تغير المزيد من الناقلات الغربية مسارها بعيدا عن البحر الأحمر لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.

وفي كلتا الحالتين تتكبد شركات الشحن تكاليف مرتفعة. فإن سلكت السفينة طريق البحر الأحمر، يطلب أصحاب السفن أسعار شحن ورسوما للطاقم أعلى من المعتاد، كما ارتفعت تكاليف التأمين على السفن ضد مخاطر الحرب في المنطقة بشكل كبير.

ووفقا لمصادر في قطاع الشحن، تضاعفت رسوم الطاقم في حين تبلغ أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب الآن حوالي واحد في المئة من قيمة السفينة بعد أن كانت 0.5 في المئة قبل نحو 10 أيام، إلا إذا كانت هناك تخفيضات.

وارتفعت تكاليف استئجار سفينة سويزماكس بسعة مليون برميل لإرسال النفط العراقي إلى مصافي البحر المتوسط بين 2.5 و3.5 دولار للبرميل، بينما زاد التأمين ثلاثة أمثال تقريبا إلى ما بين 10 سنتات و15 سنتا للبرميل، وفقا لمتداول مع شركة تكرير أوروبية.

ويضيف الطريق البديل عبر رأس الرجاء الصالح ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع إلى زمن الرحلة ويتطلب وقودا إضافيا لنحو 3300 ميل بحري، بالإضافة إلى ضرائب الانبعاثات بالنسبة إلى السفن التي تملكها دول الاتحاد الأوروبي أو تتجه إليها.

11