النظام الإلكتروني للسيارة يفقد ميزته في ضمان سلامة السائق

مبالغة السائق في تقدير إمكانيات المساعد الإلكتروني تزيد خطر حصول الحوادث.
الاثنين 2019/12/30
التفاصيل مهمة في حركة السير

سيارات المستقبل لا يمكن أن تعتمد بالكامل على مهارات السائق الذاتية في القيادة بل توفر له العديد من الأنظمة لمساعدته على هذه المهمة التي قد تكون في البعض من المواقف معقدة، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في الفرامل ومدى تثبيت إطارات السيارة على الطريق وتقدير المسافات التي تفصل السيارة عن بقية مستخدمي الطريق. كما يمكنه قراءة إشارات الطريق وتوفير المعلومات الضرورية للسائق بشكل مسبق، والأهم أن هذه التكنولوجيا المتطورة يمكن أن تسهل اتخاذ القرارات بالنسبة للسائق أو حتى تتخذها مكانه. لكن كل هذه الميزات لا تخلو من عيب قد يكون قاتلا في البعض من الأحيان وهو مرتبط أساسا بالمبالغة في تقدير قرارات أنظمة المساعدة على القيادة، فينشغل السائق بسلوكيات أخرى كالاهتمام بالهاتف فتعجز هذه الأنظمة عن القيام بأهم وظيفة ابتكرت من أجلها وهي منع الحوادث وضمان سلامة السائق.

لندن - شكلت الأنظمة الإلكترونية المساعدة للسائق ثورة في مجال تحسين تجربة القيادة إلى جانب مساهمتها الكبيرة في التقليل من حوادث السير، لكن دراسات حديثة وجهت أصابع الاتهام لهذه التقنيات المتطورة حيث قالت إنها مسؤولة في مراحل معينة عن تشتيت انتباه السائق، وهو الأمر الذي يضرب في العمق أهم وظيفة ابتكرت من أجلها هذه الأنظمة وميزتها الأكبر وهي ضمان سلامة السائق، إذ تبين أنها يمكن أن تكون مسؤولة عن وقوع حوادث سير.

وكشفت دراسة حديثة أن الأنظمة الإلكترونية لمساعدة قائد السيارة تؤدي في الكثير من الأحيان إلى تشتيت تركيزه مما يزيد من احتمالات وقوع حوادث.

وتوصلت الدراسة التي أجراها معهد تقنيات النقل في ولاية فيرجينيا الأميركية بالتعاون مع مؤسسة “أي.أي.أي” للسلامة المرورية في الولايات المتحدة إلى أن السائقين الذين يمتلكون سيارات مزودة بأنظمة مساعدة السائق تتزايد احتمالات انغماسهم في سلوكيات تؤدي إلى تشتيت التركيز مثل الكتابة على لوحات المفاتيح أو متابعة شاشات البيانات أو النقر على أزرار التحكم المختلفة.

وأكدت الدراسة التي أوردها الموقع الإلكتروني “فيز دوت أورج” أن أنظمة مساعدة قائد السيارة يمكن أن تحسن السلامة على الطرق، ولكن يتعين على السائق ألا يبالغ في تقدير قدرات هذه الأنظمة على منع وقوع الحوادث.

وأضافت أن قائدي السيارات لا يحصلون على معلومات أو بيانات كافية بشأن أنظمة مساعدة قائد السيارة قبل استخدامها على الطرق الرئيسية.

وتشير بيانات إدارة النقل في مدينة سياتل الأميركية إلى أن 24 حادثة مرورية تسببت في سقوط قتلى وقعت خلال عام 2018 جراء تشتيت انتباه قائد السيارة.

وتحظر قوانين المرور المعمول بها في ولاية واشنطن الأميركية استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة والكمبيوتر اللوحي والمحمول وأجهزة الألعاب الإلكترونية، أثناء القيادة، وتفرض عقوبات مشددة للتصدي لهذه السلوكيات مثل الغرامات.

أنظمة مساعدة السائق تزيد من احتمالات انغماسه في سلوكيات تؤدي إلى تشتيت التركيز مثل الكتابة على لوحات المفاتيح أو متابعة شاشات البيانات أو النقر على أزرار التحكم

والأنظمة المتطورة لمساعدة السائق التي تم إنشاؤها لضمان السلامة وراحة القيادة، تتواجد بشكل متزايد على أحدث سيارات الجيل الجديد. وتشمل هذه الأنظمة، على سبيل المثال، فرامل الطوارئ المستقلة والمساعد في التحكم في السرعة والتحكم في ضغط الإطارات والتعرف على المشاة والتحكم التكيفي في نظام تثبيت السرعة ومساعد وقوف السيارات وكاميرا الرؤية الخلفية، وتحديد إشارات الطريق، ونظام التحذير من مغادرة الخط.

وتساعد هذه الأنظمة الإلكترونية السائق على القيادة وتسهل اتخاذ القرارات بالنسبة للسائق أو حتى تتخذ القرار مكانه.

وتعمل أنظمة مساعدة السائق الإلكترونية والمتطورة على زيادة السلامة والفعالية من حيث التكلفة للسيارات والشاحنات. ويراها كثيرون أسلوب التنقل في المستقبل.

وتزيد التطبيقات التي تشملها هذه الأنظمة من نجاعتها حيث تشمل المساعدة العكسيّة والتحكم التكيفي في التطواف وتغيير الاتجاه ومسارات الحفاظ على الممرات أو رؤية بانورامية بزاوية 360 درجة، والتي لا يمكن الاستغناء عنها بمكونات مثل الكاميرات القوية وأجهزة الاستشعار البصرية.

ويمكن لأنظمة مساعدة السائق أثناء القيادة أن تحلل نقاط القوة والضعف لدى السائق وأن تتعرف من خلال ذلك على مدى حاجته إلى الدعم عندما يواجه الصعوبات على الطريق، كأن تعرف ما إذا كان بقية السائقين على الطرق يقتربون من نفس التقاطع وبأي سرعة، إلى جانب تمييز علامات وإشارات المرور وسرعة رد الفعل عندما يجد السائق نفسه في وضعية مرورية معقدة.

حلول سريعة

نظام يحاكي العقل البشري
نظام يحاكي العقل البشري

تنبع صعوبات القيادة من القيود الوظيفية مثل الضعف في إدراك الحركة والرؤية المحيطية ومرونة الرأس والرقبة والاهتمام الانتقائي وسرعة معالجة المعلومات واتخاذ القرارات. وهنا تكمن أهمية المنظومة الإلكترونية المساعدة للسائق حيث بإمكانها أن تجد حلولا سريعة لكل هذه القيود والمشكلات من خلال لفت الانتباه إلى اقتراب حركة المرور وللمعلومات ذات الصلة أو تقديم معلومات مسبقة عن حالة المرور التالية.

وبالتالي تكون للنظام الإلكتروني المساعد على القيادة، والوظائف التي يحتوي عليها، مساهمة هامة في تحسين وضمان سلامة السائقين، إذ يعمل بأنظمة التحذير من الاصطدام وتحسين الرؤية لاسيما بالنسبة للسائقين المتقدمين في السن من خلال تقديم المعلومات الضرورية بشأن وضعية بقية السيارات الموجودة على الطريق.

وكانت ثلاث سيارات من إنتاج شركة “هيونداي موتور” الكورية الجنوبية قد حصلت على أعلى تصنيف لمعايير السلامة من الإدارة الوطنية لسلامة حركة المرور على الطرق الرئيسية في الولايات المتحدة في وقت سابق هذا العام.

وقالت الشركة إن سيارات “كونا 2020” و”توسان” و”سنتافي”، وكلها من فئة السيارات متعددة الأغراض ذات التجهيز الرياضي ورباعية الدفع حصلت على تقييم السلامة الشامل من فئة 5 نجوم من قبل الإدارة الوطنية لسلامة حركة المرور على الطرق الرئيسية في الولايات المتحدة بفضل القدرة الفائقة على تحمل الصدمات ونظم تجنب الاصطدام.

وقال مايك أوبراين نائب رئيس هيونداي موتور الولايات المتحدة، في تصريحات تضمنها بيان صادر عن الشركة، “إن سلامة السائق هي أهم أولوياتنا. نسعى دائما إلى تطبيق أحدث تقنيات السلامة وذلك بدءا من ‘نظام الاستشعار الذكي لهيونداي’ وصولا إلى الإنذار الخلفي، من أجل توفير سلامة معززة لجميع عملائنا”.

ميزات متطورة

النظام الإلكتروني المساعد على القيادة يساهم في تحسين وضمان سلامة السائقين، إذ يوفر أنظمة التحذير من الاصطدام وتحسين الرؤية لاسيما بالنسبة للسائقين المتقدمين في السن من خلال تقديم معلومات بشأن بقية السيارات على الطريق
النظام الإلكتروني المساعد على القيادة يساهم في تحسين وضمان سلامة السائقين، إذ يوفر أنظمة التحذير من الاصطدام وتحسين الرؤية لاسيما بالنسبة للسائقين المتقدمين في السن من خلال تقديم معلومات بشأن بقية السيارات على الطريق

تشمل مميزات سيارات هيونداي نظام المساعدة على تجنب الاصطدام الأمامي، الذي يستخدم كاميرا السيارة الأمامية، ورادارا للمساعدة في الكشف عن الاصطدام الوشيك وتجنب تأثيره وتقليل الضرر عن طريق الفرامل ذاتية العمل، إلى جانب نظام تحذير السائق الذي يراقب أنماط القيادة لاكتشاف حالات النعاس أثناء القيادة أو القيادة غير الحذرة. ويقوم النظام بتنبيه السائق باستخدام إشارات صوتية ورسائل تحذيرية على لوحة العدادات في حال اكتشاف أي من الأوضاع سالفة الذكر.

وتصدر الإدارة الوطنية لسلامة حركة المرور على الطرق الرئيسية في الولايات المتحدة تصنيفا سنويا للسيارات من حيث توافر عوامل الأمان والسلامة من خلال مجموعة من الاختبارات الدورية لهذه السيارات، بهدف مساعدة المستهلكين في معرفة قدرة أي سيارة على تحمل الصدمات وما بها من أنظمة للمساعدة في تجنب الاصطدام ومساعدة السائق على القيادة الآمنة.

وأصبحت الشركات والحكومات تلجأ أكثر فأكثر إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتطوير أجهزة السيارات ومكوناتها ووظائفها إلى جانب الاعتماد على هذه التكنولوجيا للتقليل من حوادث السير وتحسين تجربة القيادة بما يتماشى مع متطلبات العصر الحالي الذي يتميز بتغلغل التقنيات الحديثة في كل تفاصيل الحياة اليومية.

وإدراكا منها بأهمية الذكاء الاصطناعي، وافقت الحكومة الألمانية على استراتيجية في هذا القطاع وعلى ضخ استثمارات تبلغ المليارات من اليوروهات لتطويره، على الرغم من أن التعريف الدقيق له ليس واضحا إلى حد ما.

وفي الوقت الحالي، يشير الذكاء الاصطناعي في الأغلب إلى قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري، بمعنى تصميم برامج كمبيوتر يمكنها أن تتعرف على النماذج في البيانات وتخرج باستنتاجات من تحليلها.

ويواجه قطاع النقل عملية تغيير واسعة النطاق بتطوير السيارات ذاتية القيادة، وأصبحت شركة “وايمو”، وهي فرع من شركة غوغل، الأولى من نوعها التي تعرض سيارة أجرة ذاتية القيادة وإن كانت قد طرحت بشكل أولي بضاحية من مدينة فينسك بولاية أريزونا الأميركية.

تعزيز القدرات القيادية
تعزيز القدرات القيادية

وتستعد شركات أخرى للقفز والدخول في هذا المجال، ومنها شركات صناعة السيارات وشركات توريد المكونات والشركات التكنولوجية التي لا تتوقف عن تطوير التطبيقات والأجهزة التي تحاكي العقل البشري أثناء قيادة السيارة وتوفر المساعدة اللازمة للسائق على الطريق، وكذلك شركات النقل التشاركي عبر تطبيقات على الإنترنت مثل أوبر وغيرها من الشركات الناشئة الأقل شهرة. ووضعت هذه الشركات خلال العام الحالي فاعلية وجودة تقنياتها والحلول التكنولوجية محل الاختبار على أرض الواقع.

وتختلف طبيعة الأنظمة الإلكترونية المساعدة للسائق بحسب اختلاف البلد وتشريعاته وأنواع السيارات التي تسير على طرقاته والمعايير التي يعتمدها. أحد الأمثلة على ذلك هو أن شاشة المراقبة العمياء تعمل بالرادار في الولايات المتحدة، بينما يتم استخدام الموجات فوق الصوتية في ألمانيا.

ولا تنطبق الاختلافات بين البلدان على القواعد واللوائح فحسب، بل تنطبق أيضا على القيم والقواعد الاجتماعية. ويوضح التحكم التكيفي في المسافة هذه النقطة تماما، إذ يعتمد نظام التحكم الذاتي بالمسافة على الطريقة التي يقود بها سائقو السيارات في البلدان المختلفة، وبالتالي يجب تعديلها وفقا لذلك.

وأظهرت التجربة أن السائقين في الولايات المتحدة يميلون إلى الفرامل ويسرعون بسلاسة، في حين أن الألمان يسرعون بشكل أكثر حدة.

12