النشرة الجوية في تونس "الله ورسوله أعلم"

نابل (تونس) - أثارت تصريحات مهندس بالمعهد التونسي للرصد الجوي جدلا وسخرية على فيسبوك وتسببت في إيقافه عن العمل.
وكان المهندس عبدالرزاق الرحال تدخّل في “راديو ماد” الخاص للتعليق على الفيضانات الأخيرة في محافظة نابل، قائلا “هنيئا لمن فقد أحد أقاربه في الفيضانات لأن الغريق شهيد… ووالد الفتاتين ستكون له حوريتان في الجنّة… هنيئا لمن غرق ومن ضربته صاعقة”.
وتابع “شعور نبيل أشعر به ومن القلب تجاه عائلات الضحايا.. أهنئهم وتمنيت لو كنت مكان من غرق أحد أبنائه.. شاهدت صور الفتاتين وتأكدت أنّ مكانهما ليس الأرض عوض أن أقول لهم البركة فيكم أقول هنيئا لكم”.
وأثارت تصريحات الرحال نقاشا واسعا على فيسبوك في تونس.
وأدت الفيضانات الكبيرة الناجمة عن أمطار غزيرة في محافظة نابل في شمال شرق تونس السبـت الفـائت إلى وفاة ستـة أشخاص وفقدان آخر بحسب حصيلة نشرتها وزارة الداخلية الاثنـين. كما ألحقت الفيضانات أضرارا فادحة بالمئات من المساكن والعشرات من الطرقات والجسور والمتاجر والسيارات.
وأطلق نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حملات تنظيف لأحيائهم.
وقضى شاب عمره 26 عاما الأحد بصعقة كهربائية في بوعرقوب التابعة لمحافظة نابل والتي تقع على بعد 45 كلم جنوب شرق العاصمة. وفي البلدة ذاتها جرفت المياه شقيقتين (21 و24 عاما) عندما حاولتا عبور واد للعودة من العمل إلى المنزل. وهم الأشخاص الذين قصدهم الرحال في مداخلته.
وقال الأستاذ بمعهد الصحافة محمد شلبي:
Mohamed Chelbi
“هنيئا لهم” أحصيتها 28 مرة… عبدالرزاق الرحال يكررها 28 مرة في راديو ماد متحدثا عن الأختين اللتين جرفهما الطوفان في نابل. تحدث عن الأمر في دقيقة و45 ثانية… كل أقل من 4 ثوان يقول “هنيئا لهم”. كنا ننتظر أن يقول “فالغريق شهيد” ويمر، أما أن يبلغ الأمر ذلك الحد فنخشى أن يصبح المعهد الوطني للرصد الجوي خيمة دعوية للشهادة.
واستنكرت وزارة النقل ما جاء في تصريحات على لسان عبدالرزاق الرحال وأكّدت أنّ تصريحاته لا علاقة لها بالنشرة الجوية وتمس من مشاعر عائلات ضحايا الفيضانات والتونسيين بصفة عامة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به جهة الوطن القبلي.
وأعلنت وزارة النقل أنّه تقرر إيقاف عبدالرزاق الرحّال عن العمل فورا بسبب هذا “الخطأ الجسيم” في انتظار اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة بعد استكمال البحث الجاري في الغرض.
وبعد الفيضانات حاول التونسيون الظفر بإجابة شافية عن سؤال يتعلق بالأسباب الفعلية التي أفضت إلى وقوع الكارثة.
ووجهت أصابع الاتهام إلى عدة أطراف أبرزها المعهد الوطني للرصد الجوي الذي لم يستبق -على حدّ قول البعض- الأمطار الطوفانية التي شهدتها جهة الوطني القبلي مكتفيا بتوقع نزول كميات من الأمطار فضلا عن عدم أخذه على محمل الجد توقعات الأرصاد الجوية والتحذيرات الإيطالية.
وسخر معلق:
A Ben Salem
من هنا فصاعدا عندما نذهب للتعزية نقول “مبروك عليكم وكل شيء بالبركة وهنيئا لكم.
فيما أكد آخر:
Mohammad Salim Oukhai
الفكرة صحيحة أما التعبير والتفسير في واد آخر… كان الأجدر أن يتكلم في علمه الذي هو أصلا لم يفلح فيه واكتفى بتعزية عادية…
وذهب البعض إلى وصف تصريحات الرحال بالداعشية:
Nejib Bouhaja
الدواعش متغلغلون في أعماق أعماق الدولة! ما هذا التفكير؟ ما هذا الخطاب؟ ما الفرق بين كلامه الذي يبدو أنه يؤمن به كثيرا، وكلام الخليفة الداعشي أبوبكر البغدادي؟ يا داعشي برتبة وامتيازات مدير أو مدير عام ويعيش بيننا! (تنظيم) داعش أفكار قبل أن يكون أفعالا!…
ودافع آخرون عن المهندس فكتب معلق:
Farah Boulaaba
السيد يدخل الإذاعات كلها وكلامه فيه الكثير من العفوية وليس مصطنعا وأنتم تنتظرون منه زلة.
وكتب آخر:
jemel jamel
إجراءات تأديبية!!!! الرجل قال كلمة من دون قصد، وأنتم ما صدقتم حتى (وأنتم حالما زلّ لسانه انتهزتم الفرصة لأجل أن) تمسحوا فيه تخاذلكم عن أداء واجباتكم… الرجل أقدم من الخير فيكم، من المفروض أن تحترموه وتقدروه.
وسخرت معلقة:
Refka Jlassi
هنيئا لك البطالة، قال ليس لدينا أقمار اصطناعية متطورة سابقا، لأجل ذلك طرد.
وسخر متفاعل:
Mohamed Amin Dhaouadi
ناقص (لم يبق إلا أن) يختم النشرات الجوية بـ”الله ورسوله أعلم”. إذا كان موغلا في الإيمان فالدين يأمر بالسير على سير الأضعف. وإذا كان يتمنى الشهادة ويبحث عنها فلا يسحب ذلك على شركائه من المواطنين. تبا.. لماذا أصبحنا بين فكي الرداءة والفساد من جهة والسذاجة من جهة أخرى؟
يذكر أن التونسيين يتداولون على فيسبوك ما أسموه تحذير “المركز الألماني للكوارث” من أن تسونامي سيضرب تونس. ودشن بعضهم هاشتاغ #وينو_الإعصار. ونفى معهد الرصد الجوي صحة الأمر حيث أن المركز لا وجود له أساسا.
وبينت الأمطار الطوفانية التي ضربت محافظة نابل إفلاسا اتصاليا للمسؤولين.واستنكر كثيرون تصريحات وزير التجهيز محمد صالح العرفاوي الذي تمنى ألا تتكرر أمطار نابل مرة أخرى، معتبرا أن هذه الأمطار تحدث مرة في الـ300 سنة دون أن يقدم معطيات أو تصريحات شافية حول الأسباب التي أدت إلى تلك الحصيلة الكارثية.
أما تصريح وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب فقد كان “أكثر استفزازا” وقوبل بانتقادات لاذعة بعد أن صرح بأن الخسائر بسيطة ويمكن معالجتها وأن ما حدث في نابل كانت له فائدة كبيرة للفلاحة.
من جهته اعتبر وزير البيئة والتنمية المحلية رياض المؤخر أن “ما حدث بمحافظةنابل سببه الأمطار الطوفانية وليس البنية التحتية”. وتعتبر البنية التحتية في تونس مهترئة للغاية.
وبالتوازي مع التصريحات المستفزة للمسؤولين اقتصر تفاعل مختلف الأحزاب السياسية مع الفيضانات التي اجتاحت الطرقات والمنازل على بيانات التنديد التي عبّروت من خلالها عن “عميق انشغالها بما آلت إليه الأوضاع”.