النشاط الاجتماعي وصفة سحرية لذاكرة سليمة وأسلوب حياة صحي

لندن - يشدد المختصون على أن النشاط الاجتماعي يعد وصفة سحرية لمعالجة مشكلة ضعف الذاكرة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص لاسيما من كبار السن، وهو ما يثير مخاوفهم من مخاطر ذلك على صحتهم العقلية، كما يعد الاختلاط بالآخرين فرصة حقيقية لاعتماد أسلوب حياة صحي من خلال الآفاق الواسعة التي يفتحها.
ويؤكد الطبيب الروسي ألكسندر مياسنيكوف “عندما يكون الإنسان نشطا اجتماعيا، ويهتم بكل شيء، سيتذكر كل شيء”، مشددا على ضرورة تدريب الذاكرة دائما من خلال الاهتمام بكل ما يجري في العالم من أحداث.
ويوضح الدكتور مياسنيكوف، في تقرير لموقع “فيستي.رو” الروسي ونشر موقع “روسيا اليوم” نسخة مترجمة عنه، أن “الوقود الأساسي للدماغ يؤخذ من خلال النشاط الحياتي، أما الأدوية فتقدم له مساعدة بسيطة”.
وينصح بالمطالعة باستمرار والتفكير بالأحداث واتباع نظام غذائي صحي حيث تساعد المأكولات البحرية على تحقيق هذا الهدف. كما يجب ممارسة النشاط البدني باستمرار لأنه يلعب دورا كبيرا في تحفيز نشاط الدماغ.
كما يشدد مياسنيكوف على أهمية التخلي عن العادات السيئة و”أن يكون الإنسان نحيفا وكثير الحركة والنشاط ويشعر بالجوع بعض الشيء، وأن يهتم بجميع مظاهر الحياة، وإذا كان لا بد من تناول أدوية معينة، فعليه التشاور مع المتخصصين”.
وبالنسبة للبعض من الأشخاص يبدأ فقدان الذاكرة لديهم في وقت مبكر لكن يصبح الوضع أكثر سوءا مع تقدمهم في السن وتكون لذلك تأثيرات سلبية أخرى كأن يشعر الشخص الذي يعاني من هذه المشكلة من الإحباط وفقدان الثقة في النفس.
لكن تعزيز الحياة الاجتماعية يساعد الشخص كثيرا على تجاوز مشكلة ضعف الذاكرة حيث يزيد لديه الشعور بالسعادة وبالتالي تحفيز ذاكرته، لاسيما عندما يقوم بالتدريبات والألعاب مثل ممارسة لعبة الشطرنج والكلمات المتقاطعة والتعامل مع الأجهزة والبرامج الإلكترونية. وقال البروفيسور فرانسيس أوستاش، أخصائي علم النفس العصبي الفرنسي، إن “النشاط الاجتماعي هو عنصر مهم للغاية في الاحتياطي المعرفي لأن التفاعل مع الآخرين يتطلب الكثير من ذاكرتنا”.
عندما يكون الإنسان نشطا اجتماعيا ويهتم بكل شيء سيتذكر كل شيء وبالتالي يجب تدريب الذاكرة دائما بالاهتمام بما يجري في العالم
وكانت دراسة علمية حول الشيخوخة في عام 2012 قد كشفت أن الأشخاص ذوي الالتزام الاجتماعي المنخفض كانوا أكثر اكتئابا وأكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر.
ويحذر المختصون باستمرار من مخاطر العزلة الاجتماعية على كبار السن، خاصة في ما يتعلق بصحتهم العقلية.
ويبدو أن الأشخاص الذين يجرون باستمرار محادثات عميقة أو مجرد دردشة عابرة مع الجيران والأصدقاء، عند الالتقاء بهم مصادفة مثلا، يعانون مع تقدمهم في العمر درجة أقل من فقدان الذاكرة.
وقد تمثل أشكال التواصل الاجتماعي المتعددة والمختلفة أفضل المحفزات للعقل، بفضل التفاعلات التي تتضمنها والتي تشمل الاستماع والمشاهدة وملاحظة تعبيرات الوجه ولغة الجسد والبحث عن الكلمة المناسبة لوصف العواطف أو الأحاسيس واسترجاع الذكريات.
وينصح الخبراء بالتعرف على أصدقاء جدد لتقوية وظائف المخ الذي يقوم حينها باستخدام مهارات عقلية مختلفة منها الذاكرة قصيرة المدى والتركيز. كما أن سماع وجهة نظر شخص آخر للأمور يدفع العقل للتفكير بشكل مختلف وبطرق جديدة.
وتعد الضغوط من أكثر الأسباب والعوامل التي تعرض الإنسان للإصابة بالاكتئاب وبالتالي تدهور صحته العقلية والشعور بالعجز وفقدان الثقة في النفس والاهتمام بكل شيء، لذلك يشدد المختصون على أهمية العناية بالصحة النفسية من خلال تغيير العادات السيئة واعتماد أسلوب حياة صحي كتجربة أشياء جديدة تنفتح آفاقها من خلال الاختلاط بالآخرين وممارسة النشاط الاجتماعي، فمثلا يمكن أن يقتدي الشخص الذي يعاني من ضعف في الذاكرة بأصدقائه أو جيرانه أو أي فرد آخر في دائرة معارفه وأقاربه من أجل تعلم شيء جديد أو مهارة جديدة كالكتابة أو الغناء أو العزف على آلة موسيقية، أو تعلم لغة جديدة.