النسخة الثامنة من "قمة المعرفة" تؤسس لمدن المعرفة عبر الثورة الصناعية الخامسة

مختصون عالميون في دبي يطرحون حلولا مبتكرة لبناء المستقبل.
الخميس 2023/11/23
القمة استشراف لمستقبل المعرفة

في كل دورة يحتدم النقاش خلال جلسات قمة المعرفة في دبي حول آخر التطورات على صعيد التكنولوجيا والثورة المعلوماتية وفي إطار إنشاء نظرة مستقبلية أكثر تنوعا وشمولية، وهو ما دأب عليه المشاركون من المختصين الذين يتناولون في كل دورة من القمة موضوعا هاما حول راهن الإنسان ومستقبله. وهذا العام اختارت القمة أن تهتم بمدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة.

عوض مختار/ عبدالناصر منعم

دبي - تتواصل فعاليات النسخة الثامنة من “قمة المعرفة” التي تنظمها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت شعار “مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة”، في مركز دبي التجاري العالمي – قاعة الشيخ راشد – على مدار يومي الحادي والعشرين والثاني والعشرين من نوفمبر الحالي، بينما يخصص يوم الثالث والعشرين للحضور عن بعد.

وتتمحور قمة المعرفة 2023 حول مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة، وتجمع تحت مظلتها قادة الفكر وصناع القرار والسياسات والخبراء والباحثين والأكاديميين ورواد الأعمال لمناقشة دور الثورة الصناعية الخامسة في بناء مدن المعرفة، وتقنيات الجيل الخامس التي أحدثت تحولا شاملا في نماذج الأعمال التقليدية، وباتت تشكل ركائز أساسية للنموذج الاقتصادي المستقبلي، لتصبح بذلك الحدث الأول الذي يتيح منبرا عالميا لمناقشة الثورة الصناعية الخامسة، وتبادل الأفكار ونقل المعرفة وإقامة الشراكات والتعاون للتوصل إلى حلول مبتكرة تُمهد الطريق أمام مستقبل أكثر ابتكارا وشمولية للبشرية جمعاء.

المعرفة والتقدم

قمة المعرفة تسعى عبر دوراتها المتتالية إلى توحيد الجهود وتبادل الخبرات والرؤى والأفكار لمواجهة التحديات المستقبلية العالمية

في هذه المناسبة لفت الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم إلى أن التجربة الإماراتية نموذج يحتذى به في التنمية المستدامة القائمة على المعرفة في شتى القطاعات، ووضع الاستثمار في الإنسان وتنوير العقول وتعزيز الابتكار في مقدمة أولويات مسيرتها التنموية الطموحة.

وعن تجربة دبي في إنماء المعرفة والكيفية التي أعلت بها الاعتماد عليها في مختلف مشاريعها ومبادراتها قال الشيخ أحمد بن محمد إن “المعرفة أساس لنهضة التطوير الشاملة التي تتقدم معها دبي بخطى سريعة نحو أرفع مستويات الريادة العالمية، وركيزة للنهوض بحياة الإنسان وتطوير الأداء ضمن القطاعات الحيوية التي تضمن تقدمه ورفاهيته. واليوم، تأتي النسخة الثامنة من القمة لتؤكد إصرار دبي على أن يكون لها دور مؤثر في تحفيز حوار إيجابي هدفه استشراف آفاق معرفية جديدة تعين المجتمعات حول العالم على بناء مستقبل أفضل تحقق فيه أهداف التنمية المستدامة”.

وتواصل قمة المعرفة تفعيل الحراك المعرفي من خلال هذا الحدث العالمي الذي يجمع قادة الفكر وصناع القرار من مختلف الدول والثقافات بهدف استشراف مستقبل المعرفة، كما يؤكد الجهود التي تبذلها دبي في هذا المجال انطلاقا من سعيها لتعزيز قدرات الدول لبناء مجتمعات المعرفة، وزيادة وعي الحكومات الطامحة للتقدم وتحقيق أعلى مستويات النماء والرفاهية لأبنائها.

وتُشكل المعرفة ركيزة أساسية للنهوض بالمدن والمجتمعات، ومحورا رئيسا لتحقيق التطور والتقدم في مختلف المجالات، وتسعى قمة المعرفة عبر دوراتها المتتالية إلى توحيد الجهود وتبادل الخبرات والرؤى والأفكار لمواجهة التحديات المستقبلية العالمية، واستكشاف الفرص التي تتيحها المعرفة، واستثمار أدواتها للتكيف مع المتغيرات العديدة والمختلفة.

وأثبتت مدن المعرفة حضورها وقدرتها على تحريك جهود التنمية والاقتصاد لأي دولة عبر تبني نهج الابتكار والإبداع، والتركيز على كفاءة العنصر البشري.

 وتركز هذه القمة على دور المدن المعرفية في احتواء الثورة الصناعية الخامسة الهادفة إلى خلق علاقة أكثر توازنا بين التقنيات الحديثة والطاقات البشرية، ما يسهم في تعزيز مفهوم الاستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي والارتقاء بجودة حياة الأفراد، وبناء مجتمعات مزدهرة.

مستقبل الإنسان

قادة الفكر وصناع القرار والخبراء والأكاديميون ورواد الأعمال يناقشون دور الثورة الصناعية الخامسة في بناء مدن المعرفة

تفرد القمة حيزا واسعا لسبل توظيف التقنيات المبتكرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية، ودفع عجلة الإبداع والابتكار وتعزيز سرعة وسهولة وصول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي واستخداماتها وتأثيرها في المجتمع.

وتستعرض الاتجاهات الكبرى المؤثرة في إرساء دعائم مدن المستقبل المستدامة والعادلة، إضافة إلى الدور المحوري للعاملين في مجال المعرفة في بناء اقتصاد المعرفة.

 وتتضمن فعاليات القمة أكثر من 43 جلسة حول موضوعات مختلفة، لاسيما الصحة الرقمية وإستراتيجيات السياحة المستدامة، وأدوات تحول التعليم وبناء مدن المعرفة والجيل الخامس من التقنيات التعليمية، وتأثير الثورة الصناعية الخامسة في ريادة الشركات الناشئة وصناعة التكنولوجيا الحيوية، وكيفية تعزيز الأمن السيبراني، والإعلام وصناعة المحتوى في ظل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كما يستعرض المشاركون حلولا ذكية مستدامة من أجل مستقبل الأمن الغذائي الزراعي، ويضعون تصورات لأهداف التنمية المستدامة في عصر الثورة الصناعية الخامسة، علاوة على نقاش مفهوم المجتمع البشري 5.0 وإستراتيجيات تحويل النفايات إلى وقود، وغيرها من الموضوعات المرتبطة بمستقبل الإنسان.

مؤشر المعرفة العالمي

تفعيل الحراك المعرفي
تفعيل الحراك المعرفي

في ظل حالة عدم اليقين التي تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي العالمي، يقدم مؤشر المعرفة العالمي في نسخته للعام 2023 تحليلا متكاملا للتطور المعرفي واتجاهاته والعقبات التي تعترض مساراته.

ويتيح المؤشر قراءة شاملة لأداء 133 دولة، مع التركيز على الدول الرائدة في تبني نموذج الاقتصاد القائم على المعرفة وإبراز مقومات مرونتها، وتسليط الضوء على مكامن الضعف ومجالات وآفاق التحسين للاقتصادات الأقل أداء.

وتُنبئ معطيات وبيانات المؤشر بارتفاع المتوسط العالمي، في دلالة على تسارع وتيرة مسار التعافي من جائحة كوفيد – 19 وتبعاتها بعيدة المدى.

وواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تصدرها ترتيب الدول العربية في مؤشر المعرفة العالمي للعام 2023. وتبوأت سويسرا صدارة تصنيفات المؤشر متفوقة على فنلندا والسويد وهولندا، فيما تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز الخامس، بعد أن اعتلت قمة الهرم المعرفي في العام 2022. واحتلت كل من الدنمارك ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة والنمسا والنرويج المراتب السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة على التوالي.

وقال جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة “نعمل في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة على تعزيز الحراك المعرفي على مستوى العالم، ونسعى خلال النسخة الثامنة من قمة المعرفة إلى تحديث وتطوير المنهجيات والآليات التي تشكل أساس عملية إنتاج ونشر المعرفة، ما يعكس التزامنا الدائم بتعزيز القيمة المعرفية والابتكار في مجتمعنا، انطلاقا من كون دبي نموذجا فريدا للمدينة السعيدة الذكية، الملتزمة بتحقيق التنمية المستدامة واستخدام التقنيات الحديثة في تحسين جودة الحياة لسكانها”.

وأضاف ابن حويرب “تشهد قمة المعرفة سنويا اهتماما متزايدا من المؤسسات والجهات في القطاعين الحكومي والخاص، ما يعكس الأثر الإيجابي والقيمة التي تقدمها في سبيل تطوير المعرفة والابتكار. وتركز القمة في هذا العام على دور المعرفة في إرساء دعائم مدن المعرفة التي تشكل ركائز أساسية للنموذج الاقتصادي المستقبلي”.

يُذكر أن القمة ضمن نسختها الماضية التي انعقدت في مقر “إكسبو 2020 دبي” تحت شعار “المعرفة.. حماية البشرية وتحدي الجوائح”، شهدت مشاركة متحدثين في جلسات حضورية من كافة أنحاء العالم، كما حققت جلساتها الافتراضية أكثر من مليون مشاهدة عبر الموقع الإلكتروني والمنصات الرقمية التابعة للمؤسسة.

 وركزت النسخة الماضية بشكل خاص على دور المعرفة في التصدي للتحديات العالمية، وفتحت الباب أمام طرح حلول وفرص مبتكرة في مجالات الصحة والبيئة والاقتصاد والمجتمع تماشيا مع أهداف مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الرامية إلى توفير مستقبل أفضل وخارطة طريق واضحة للتنمية المستدامة.

13