النجاح المحدود لعملية جنين لا يوقف هجمات الفلسطينيين

ليست المرة الأولى التي يشن فيها الجيش الإسرائيلي هجوما على جنين ولن تكون المرة الأخيرة. وفي كل مرة يعود الكر والفر بين تل أبيب والمسلّحين في جنين من جديد. ويقول محللون إن العنف سيستمر ما لم يكن هناك أفق لحل سياسي.
القدس - قدر محللون إسرائيليون أن العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين بشمالي الضفة الغربية لن توقف الهجمات الفلسطينية من المخيم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء، استكمال العملية التي بدأت فجر الاثنين بتحقيق أهدافها، مشيرا إلى اعتقال 300 فلسطيني وقتل 12.
وبالمقابل أعلن الجيش مقتل أحد جنوده خلال عمليات إطلاق النار في المخيم، ثم ما لبث أن نقلت عنه هيئة البث الإسرائيلية أنه يتم التحقيق في احتمال إصابته بنيران الجيش الإسرائيلي.
واعتبر المحلل البارز في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هارئيل أن “العمليات العسكرية لن تحقق هدوءًا طويل الأمد، وبدون وميض أفق دبلوماسي للفلسطينيين، سيستمر العنف”.
وقال “يمكن القول إن الجيش الإسرائيلي قد حقق نجاحًا عمليًا معينًا بضرب نشطاء فلسطينيين مسلحين وتدمير مختبرات وأجهزة متفجرة في مخيم جنين للاجئين”.
وأضاف “كما نجح الجيش الإسرائيلي، من خلال تقريره الخاص، في تفادي وقوع إصابات بين المدنيين غير المتورطين، ومع ذلك، فقد أوضحت العملية قدرة الفلسطينيين على تنفيذ هجمات انتقامية حتى مع استمرار عملية الجيش الإسرائيلي: وقع هجوم طعن في بني براك وعملية دهس وطعن في تل أبيب. هذه الرقصة المروعة لم تنته بعد، وهي حقيقة لن تتغير بأي عملية عسكرية في أي وقت قريب”.
واعتبر هارئيل أن العملية “حققت نجاحا محدودا بدون أفق”، وقال “بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية، تعتبر هذه عملية ناجحة حتى الآن، لكنها لا تملك فرصة حقيقية لإحداث تغيير جوهري في الوضع في الضفة الغربية. في أحسن الأحوال، هناك إمكانية لتقليص مؤقت للهجمات القادمة من جنين، وربما تقترن بتحسين معين في حالة الردع الإسرائيلي”.
كما أشار هارئيل إلى أن “الحقيقة البسيطة هي أن العملية الدبلوماسية مع الفلسطينيين ميتة إكلينيكيّا، حتى منذ الحكومة السابقة”.
وأضاف “جعلت الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية الوضع أسوأ، إلى جانب الانقطاع شبه الكامل للاتصالات مع قيادة السلطة الفلسطينية، هناك جنون في بناء المساكن في المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية”.
وتابع هارئيل “مع مرور الوقت، لن تكفي عمليات الجيش الإسرائيلي لتحقيق الهدوء”.
وتُعد مدينة جنين ومخيّم اللاجئين المجاور لها مسرحًا منتظمًا لمواجهات بين القوّات الإسرائيليّة والفلسطينيين، لكن العملية الإسرائيلية الأخيرة كانت الأعنف منذ سنوات.
وقال إليشا بن كيمون المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية “بينما أسفرت العملية عن اعتقال 30 ناشطا، فإن الشاباك (جهاز الأمن العام) يهدف إلى اعتقال أهداف إضافية”.
وأضاف في مقال تحليلي “سيتم الآن تقييم الأهداف التي دفعت الجيش الإسرائيلي إلى بدء العملية بعناية. استعادة الردع في جنين ومخيمات اللاجئين الأخرى في الضفة الغربية، وضمان القدرات العملياتية دون عوائق في المنطقة”.
وتابع “نجح جهاز الأمن العام في إلقاء القبض على 30 ناشطًا كانوا على رادارهم، على الرغم من أن هذا العدد لا يرقى إلى مستوى توقعاتهم”.
وأشار في هذا السياق إلى أنه لم يتم اعتقال المسؤولين عن تنفيذ الهجمات والبحث عن ملجأ في جنين، بمن فيهم المتورطون في مقتل مئير تماري قبل أكثر من شهر.
وكان تماري، وهو مستوطن، قتل في إطلاق نار قرب مستوطنة “حرميش” بشمالي الضفة الغربية نهاية مايو الماضي.
وأكد بن كيمون أن “العامل الصعب الذي ساهم في ذلك هو هروب الأفراد المسلحين من مخابئهم داخل مخيم اللاجئين”.
وأشار إلى أن “أحد الأهداف الأساسية للعملية هو استعادة الردع، لاسيما في مخيم جنين للاجئين، وكذلك في مناطق أخرى”.
وأضاف “يأمل الجيش أن يكون لاستعادة الردع في جنين تأثير مضاعف على مناطق أخرى في جميع أنحاء الضفة الغربية، مثل طولكرم” في شمالي الضفة الغربية.
واعتبر بن كيمون أن “الاختبار الحقيقي لنجاح العملية سينعكس في الأعمال العسكرية المستقبلية في جنين، وتحديدا من حيث مستوى المقاومة التي تتم مواجهتها ومدى إمكانية تنفيذ الاعتقالات داخل المخيم بقوة أقل”.
وتسببت العملية العسكرية بنزوح ما لا يقل عن 3000 من سكان المخيم. وفتحت المدارس والكنائس في محيط جنين أبوابها لإيوائهم.
وكتب المحلل آفي يسسخاروف في نفس الصحيفة الأربعاء، أن “العملية في جنين هي مسكّن آلام لمريض ميؤوس من شفائه”.
واستدرك “سيعود المسلحون بعد وقت قصير إلى المخيم ويستأنفون الهجمات من هناك”.
وأكد يسسخاروف أنه “يمكن تتويج العملية في جنين كعملية تكتيكية ناجحة حققت هدفًا عسكريًا رئيسيًا وهو تقليل كمية الذخيرة في أيدي المسلحين الفلسطينيين في جنين وأيضًا واحدة من أكثر العمليات نجاحًا سياسيًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.
وأضاف في إشارة إلى نتنياهو “ربما ستعطيه صور القتلى الفلسطينيين في جنين بضعة أسابيع أو أشهر أخرى من الاستقرار في حكومته غير المستقرة للغاية. سيكون شعبه قادرًا بالفعل على نسيان حقيقة أنه منذ بداية ولاية الحكومة اليمينية نشهد زيادة كبيرة في الهجمات”.
واعتبر أن “العملية قد تقلل من خطورة مخيم جنين من حيث الأسلحة الموجودة به، لكن من غير المتوقع بالتأكيد أن تؤدي إلى انخفاض حقيقي في عدد محاولات الهجوم”.
وأضاف “عدد المسلحين المطلوبين الذين قتلوا في المعارك ليس كبيرا مقارنة بعدد الذين كانوا في المخيم”.