النجاحات في دونباس تُشجع الروس على تكثيف الضغط على القوات الأوكرانية

قصفت روسيا الأحد لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع العاصمة الأوكرانية كييف في مسعى منها على ما يبدو للضغط على القوات الأوكرانية بعد سقوط مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية بيد الانفصاليين الموالين لموسكو، وذلك في وقت أعلنت فيه مجموعة السبع حظرا على واردات الذهب الروسي.
كييف - شنت المدفعية الروسية قصفا الأحد على العاصمة الأوكرانية لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع في مؤشر على مسعى موسكو لتضييق الخناق على القوات الأوكرانية، وذلك بعد يوم واحد من سيطرة قوات موالية لروسيا على مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية الواقعة شرقي البلاد في انتكاسة كبيرة لأوكرانيا.
ومع دخول الحرب شهرها الخامس، سعى أعضاء مجموعة السبع خلال قمتهم في منطقة الألب البافارية لتشديد العقوبات على روسيا بإعلان حظر على واردات الذهب الروسي، لكن ذلك لا يمنع ملاحظة أن التحالف الغربي الذي يدعم كييف بدأ في إظهار علامات على الإجهاد والتعب.
ودعت إندونيسيا الأحد الجانبين إلى التفاوض على سلام لضمان إمدادات الغذاء العالمية، وقالت بريطانيا السبت إنها تعتقد بأن أوكرانيا قد تنتصر، لكنها تخشى أن تتعرض لضغوط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام “رديء”.
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو على تطبيق تيليغرام إن المدفعية الروسية أصابت حي شيفتشينكيفسكي بوسط كييف صباح الأحد، مما أدى إلى تدمير جانب من مبنى سكني من تسعة طوابق وتسبب في اندلاع حريق.
سقوط سيفيرودونيتسك يعد هزيمة كبيرة لكييف بينما تسعى للسيطرة على دونباس الشرقية وهي هدف رئيسي للكرملين
وأضاف كليتشكو “هناك أناس تحت الأنقاض”. وأردف أن العديد من الأشخاص نُقلوا بالفعل إلى المستشفى.
وأردف “انتشلوا (رجال الإنقاذ) فتاة في السابعة من عمرها. إنها على قيد الحياة. وهم يحاولون الآن إنقاذ والدتها”.
وقال قائد الشرطة الأوكرانية إيهور كليمينكو للتلفزيون الوطني إن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا في القصف.
وكانت الحياة تعود إلى طبيعتها في كييف بعد أن أعاقت المقاومة الشرسة التقدم الروسي في المرحلة الأولى من الحرب، على الرغم من إطلاق صفارات الإنذار بانتظام في جميع أنحاء المدينة.
ولم تتعرض كييف لضربات كبيرة منذ يونيو.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين، لكن أوكرانيا والغرب يتهمان القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب في صراع أودى بحياة الآلاف ودفع الملايين للفرار من أوكرانيا ودمر مدنا.
وسقطت مدينة سيفيرودونيتسك في أيدي القوات الموالية لروسيا السبت بعد انسحاب القوات الأوكرانية قائلة إنه لم يعد هناك أي شيء للدفاع عنه في المدينة المدمرة بعد قتال عنيف على مدى شهور.
ويعد سقوط سيفيرودونيتسك هزيمة كبيرة لكييف بينما تسعى للسيطرة على منطقة دونباس الشرقية، وهي هدف عسكري رئيسي للكرملين.
وتقول موسكو إن إقليمي لوجانسك ودونيتسك في دونباس، حيث دعمت انتفاضات منذ 2014، دولتان مستقلتان. وتطالب أوكرانيا بالتنازل عن كامل أراضي الإقليمين لإدارتين انفصاليتين.

وبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا يوم الرابع والعشرين من فبراير واصفا إياه بأنه “عملية عسكرية خاصة” لضمان أمن روسيا وتخليص أوكرانيا من القوميين الخطرين. وتقول كييف والغرب إن الغزو ليس سوى استيلاء على أراض من جانب بوتين.
وكان للحرب تأثير ضخم على الاقتصاد العالمي والأمن الأوروبي، إذ رفعت أسعار الغاز والنفط والأغذية ودفعت الاتحاد الأوروبي لتقليص الاعتماد على الطاقة الروسية كما دفعت فنلندا والسويد إلى طلب عضوية حلف شمال الأطلسي.
وحذرت الأمم المتحدة من أن حربا طويلة في أوكرانيا، وهي إحدى الدول الرئيسية المصدرة للحبوب في العالم، تهدد بإشعال أزمة جوع عالمية.
وسعيا للمزيد من تضييق الخناق على روسيا، أعلنت دول مجموعة السبع حظر واردات الذهب الجديدة من روسيا عندما بدأت قمتها في جبال الألب في بافاريا بألمانيا.
وقال رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون قبل اجتماع زعماء مجموعة السبع إن بريطانيا مستعدة لضمان قروض أخرى من البنك الدولي لأوكرانيا قيمتها 525 مليون دولار في وقت لاحق من العام الجاري، الأمر الذي يرفع إجمالي الدعم المالي هذا العام إلى 1.5 مليار دولار.
وقال جونسون في بيان السبت “تستطيع أوكرانيا أن تنتصر وسوف تنتصر، لكنهم يحتاجون إلى مساندتنا من أجل أن يفعلوا ذلك. ليس الآن وقت التخلي عن أوكرانيا”.

وعلق الرئيس الأميركي جو بايدن على القصف الروسي لكييف بالقول إن ذلك يظهر المزيد من همجية الروس.
وسيعقد زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو) قمة في مدريد يومي التاسع والعشرين والثلاثين من يونيو.
ويغير سقوط سيفيرودونيتسك، التي كان عدد سكانها أكثر من 100 ألف شخص قبل الحرب، مسار المعركة في شرق أوكرانيا بعد أسابيع من القتال الذي لم يسفر فيه تفوق قوة النيران الروسية سوى عن مكاسب بطيئة.
وستسعى القوات الروسية لمواصلة التقدم والسيطرة على المزيد من الأراضي في الضفة المقابلة، بينما تأمل أوكرانيا في أن يجعل الثمن الذي تكبدته موسكو للسيطرة على أنقاض المدينة الصغيرة القوات الروسية عرضة لهجوم مضاد.
وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب مصور بأن تستعيد بلاده المدن التي خسرتها، بما فيها سيفيرودونيتسك لكنه قال “لا نعلم إلى متى ستستمر الحرب، وكم ضربة أخرى سنتلقاها، وكم خسارة، والجهود التي سنحتاجها قبل أن يلوح النصر في الأفق”.
وذكر كيريلو بودانوف رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية أن أوكرانيا تنفذ “إعادة تنظيم تكتيكي” من خلال سحب قواتها من سيفيرودونيتسك.

وأضاف أن “القوات الروسية تستخدم أساليب تكتيكية… استخدمتها في ماريوبول وهو محو المدينة من على وجه الأرض”، وأشار إلى أنه “نظرا للوضع الحالي، فإن التمسك بالدفاع عن الأنقاض والحقول المفتوحة لم يعد ممكنا. لذا تغادر القوات الأوكرانية إلى أرض أعلى لتواصل عمليات الدفاع”.
وذكرت وزارة الدفاع أنه “نتيجة للعمليات الهجومية الناجحة” تمكنت القوات الروسية من السيطرة بالكامل على سيفيرودونيتسك وبلدة بوريفسكي المجاورة.
وقال أوليكسي أريستوفيش أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني إن بعض القوات الخاصة الأوكرانية مازالت في سيفيرودونيتسك توجه نيران المدفعية صوب القوات الروسية، لكنه لم يشر إلى أن هذه القوات تقوم بأي مقاومة تذكر.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن ممثل للمقاتلين الانفصاليين المؤيدين لروسيا قوله إن القوات الروسية والقوات الموالية لها دخلت ليسيتشانسك عبر النهر ويقاتلون في المناطق الحضرية هناك.
وقال سيرهي جايداي حاكم منطقة لوجانسك إن القوات الروسية استهدفت مصنع آزوت للكيماويات في سيفيرودونيتسك وقصفت أيضا قريتي بافلوجارد وسينتسكي.
وتبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن قصف مصنع آزوت بينما قال انفصاليون موالون لروسيا في المنطقة إن عمليات الإجلاء توقفت بسبب القصف الأوكراني.
وقال جايداي إن “الضربات الجوية انهالت على المدينة وأيضا منطقة بيلا جورا. يعم الدمار المنطقة، لا يمكنك التعرف على مدينة ليسيتشانسك”.