النازحون.. مأساة منسية في شمال بوركينا فاسو

عنف الجماعات الجهادية يدفع بآلاف السكان للفرار إلى مخيمات قرب بلدة دوري.
الأربعاء 2024/06/05
فارون من عنف الجماعات الجهادية

واغادوغو- دفع التدهور السريع للأوضاع الأمنية خلال العامين الأخيرين ببوركينا فاسو إلى أزمة غير مسبوقة، فإضافة إلى الاشتباكات التي تدور بين المجموعات المسلحة والجيش وحلفائه، تنفذ جماعات جهادية في شمال شرق البلاد عمليات نهب واغتيالات ومجازر ضد المدنيين.

واضطر الآلاف من السكان إلى ترك منازلهم ومزارعهم والنزوح إلى مخيمات قرب بلدة دوري وتجمعوا في خيم وأكواخ عشوائية متداعية.

وقالت إحدى الناجيات وتدعى كيريسي سوادوغو والتي فرت من منزلها في قرية ليلي إلى مخيم ويندو-2 الذي يضم ثلاثة آلاف شخص "جاؤوا إلى قريتنا وهددونا... سرقوا ماشيتنا... قتلوا مواطنينا"، مضيفة "لذا هربنا وجئنا إلى هنا".

ومنذ 10 سنوات تقريبا، يزرع جهاديون مرتبطون بتنظيمي القاعدة و الدولة الإسلامية، الرعب بين المدنيين في الدولة الإفريقية الواقعة على الطرف الجنوبي لمنطقة الساحل.

وتصف المنظمات الإنسانية الوضع بالكارثة "المهملة"، فيما أظهر تصنيف جديد نشره المجلس النروجي للاجئين، الاثنين أن بوركينا فاسو تشهد أسوأ أزمة نزوح مهملة للعام الثاني على التوالي.

وقال الأمين العام للمجلس يان إيغلاند، خلال زيارته للمخيمات أواخر مايو الماضي إن الساحل "منطقة يتم تجاهلها بشكل منهجي".

وأوضح أن الوضع تفاقم إثر أزمة دبلوماسية بين الدول الغربية المانحة والقادة العسكريين الذين سيطروا على السلطة في السنوات القليلة الماضية في ثلاث دول تعاني من عنف الجماعات الجهادية، هي بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

وبحسب آخر البيانات الرسمية الصادرة عن سلطات هذا البلد في 2023، قدم ربع النازحين المقدر عددهم بمليونين من منطقة الساحل شمالا.

ومطلع العام، كانت 85 في المئة من المدارس و69 في المئة من مرافق الصحة في قطاع الساحل مغلقة، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا).

وكثيرا ما تعلن السلطات البوركينابية دحر الجهاديين لكن لا تبدو في الأفق أي نهاية لأعمال العنف فيما جزء من البلاد خارج سيطرة الجيش.

ويكسب بعض الرجال حفنة من الفرنكات الإفريقية من التنقيب غير القانوني عن الذهب في المنطقة المحيطة، رغم الخطر الذي تشكله الجماعات المسلحة هناك.

ويقول أمادو ديكو، الذي قدم إلى مخيم تورودي منذ ستة أشهر مع عائلته "نحن هنا من دون أي مقتنيات" مضيفا "علينا أن نعتمد على أنفسنا من أجل البقاء".

وأضافت أيسيتو أمادو التي فرّت من قريتها القريبة من بلدة غورغادجي بعدما هددها مسلحون "أن الأطفال في المخيم "يحاولون إحضار أي شيء ليأكلوه".

ويرسل برنامج الغذاء العالمي بعض المواد الأساسية للنازحين، غير أن غالبية المواد الغذائية والوقود والإمدادات الزراعية تُنقَل برّا بمواكبة الجيش على طريق محفوف بالخطر كثيرا ما يستهدفه الجهاديون.

وتمثل بلدة دوري، البلدة الكبيرة على الطريق السريع المؤدي إلى العاصمة واغادوغو، مركز رئيسي لتلك الإمدادات وتصطف عشرات الشاحنات على جانب الطريق بانتظار إذن المغادرة.

ويقول رئيس جمعية تجار دوري أمادو حميدو ديكو "في الماضي كان يتم تحميل العربات الساعة 7:00 مساء في واغادوغو وبحلول الساعة 6:00 صباحا تكون في المخازن"، مستدركا "والآن يتعين الانتظار أسبوعين أو شهر أو شهر ونصف شهر... فهم لا يحددون يوم مغادرة القافلة".

وعن ارتفاع ثمن المنتجات في المتاجر، يوضّح ديكو أن ذلك يعود إلى فرض القيود وزيادة أسعار النقل بالشاحنات، مضيفا "قبل عامين أو ثلاثة، كان سعر 50 كيلو من الأرز يتراوح بين 16 و17 ألف فرنك إفريقي (حوالي 28 دولارا) والآن أصبح سعره 27 ألف فرنك إفريقي".

ويلجأ التجار أحيانا إلى طرق بديلة دون مرافقة عسكرية، ما يعرضهم لخطر سرقة بضائعهم وشاحناتهم أو تخريبها.

وقالت لاجئة أخرى في المخيم حواء ماما إنها "لم تعد قادرة على الحركة" بعدما فرّت من قريتها، مؤكدة "رغم الصعوبات هنا، فإن الوضع أسوأ هناك" مضيفة "لا خيار أمامنا سوى البقاء هنا. لم يتبق لنا شيء هناك".