الناخبون المترددون قد يصنعون مفاجأة في الانتخابات التركية

في حين يقترب موعد الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس، يواجه الناخبون الأتراك مشهداً سياسياً فوضوياً للغاية، إذ لا يزال يتردد كثيرون بشأن لمن سيصوتون، إذا كانوا سيدلون بأصواتهم في الأساس.
كبداية، ظل حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان يتولى السلطة منذ 17 عاماً، ومن خلال أسلاف الحزب، سيطر على بعض البلديات في جميع أنحاء تركيا على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية.
ومع ذلك، قرر الحزب تركيز برنامجه، الذي صدر في أواخر الشهر الماضي، على تخطيط المدن والبنية التحتية والبناء، وهو موضوع سيطر على جدول الأعمال في الأسبوع الماضي عندما انهار منزل سكني في إسطنبول مكون من ثمانية طوابق بشكل غير قانوني، مما أسفر عن مقتل 21 شخصاً.
في الواقع، يبدو برنامج أردوغان مثل الاعتراف بالأخطاء والدمار الذي لحق بالحكومات المحلية طوال فترة توليه السلطة. إن وعود الحد من المباني الشاهقة وإنشاء مدن صديقة للبيئة وإنشاء إدارات تتسم بالشفافية والكفاءة من حيث التكلفة، من شأنها أن تناسب بشكل أفضل حزبا يسعى إلى السلطة للمرة الأولى.
كانت المدن والبلديات في جميع أنحاء تركيا تخضع لسيطرة حزب العدالة والتنمية لسنوات، إن لم يكن لعشرات السنين، وباسم التحول الحضري، فقد تم طرد الآلاف من العائلات الفقيرة خارج منازلها لإفساح المجال لأبنية جديدة. من خلال المؤسسات الحكومية وإدارة تطوير الإسكان وشركة إملاك كونوت للتطوير العقاري، قام المقاولون الذين تفضلهم الحكومة بصنع ثروة من ناطحات السحاب والبيوت السكنية الفاخرة والمساكن ومراكز التسوق.
الآن، يشكو أردوغان من “عدم وجود مساحات خضراء في المدن المجاورة للمقابر” ومن أن سماء منطقة السلطان أحمد التاريخية في إسطنبول قد شوهتها ناطحات السحاب.
وقال أردوغان في عام 2017 “لقد قمنا بخيانة إسطنبول، وما زلنا نخونها”، مشيراً إلى ناطحات السحاب العديدة في المدينة. وأضاف “أنا أيضاً مسؤول عن هذا الوضع”.
وقد رد كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، على الرئيس بتوبيخ قوي. وقال كليجدار أوغلو “ليس لديك الحق في الشكوى. يجب على من هم في السلطة تقديم الحلول، وليس الشكوى. لماذا لم تفعل أي شيء تحدثت عنه حتى الآن؟ هل كان هناك أي شخص يمنعك؟”.

من الواضح أن أردوغان يدرك أن المأزق الاقتصادي الذي قاد البلاد إليه، والذي بات في الوقت الحالي شديداً لدرجة أن المواطنين بالكاد يستطيعون شراء الأغذية الأساسية، سوف يفقده المزيد من الأصوات أكثر مما يمكن أن يحقق وعوده الانتخابية.
لذا، تحول الرئيس إلى الشوفينية، وكان أول من عبر عن غضبه على هؤلاء الذين يحتجون على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأشار إلى أنهم يصرفون الانتباه عن مشكلة تركيا الحقيقية المتمثلة في محاربة المقاتلين الأكراد. وتساءل أردوغان خلال مسيرة حاشدة في الأسبوع الماضي “هل تعرف سعر طلقات الرصاص؟”.
يحرص حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه من حزب الحركة القومية اليميني المتطرف على تصوير حزب الشعب الجمهوري المعارض وحلفائه من الحزب الصالح القومي باعتبارهم مرتبطين بالإرهابيين بسبب التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثاني أكبر حزب في المعارضة، وقد استهدفته الحكومة بسبب صلاته بالحركة السياسية الكردية.
ولكن مع اصطفاف الأحزاب الرئيسية، فإن الأحزاب المعزولة يمكن أن تحقق بعض المفاجآت الكبرى في انتخابات 31 مارس.
وقف حزب الوحدة الكبرى، وهو حزب قومي يميني متطرف، إلى جانب حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في انتخابات يونيو الماضي، لكنه سيخوض الانتخابات هذه المرة بمرشحيه.
وقد تحالف حزب السعادة الإسلامي مع المعارضة في العام الماضي لكنه سيقدم هذه المرة فقط دعماً مشروطاً لحزب الشعب الجمهوري والحزب الصالح، في حين سيخوض الانتخابات بمرشحيه في معظم البلديات. وفي معقل الحزب في بلديات إقليم أديامان في جنوب شرق البلاد وإقليم بدليس بشرق البلاد، ستقوم أحزاب المعارضة الكبرى بتقديم الدعم لمرشحي حزب السعادة.
وافق حزب الشعوب الديمقراطي على دعم مرشحي حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول وأنقرة وأزمير، وهي أكبر ثلاث مدن في تركيا، وسوف يدعم مرشح حزب السعادة في أديامان ومرشح حزب اليسار الديمقراطي من يسار الوسط جلال دوغان في مدينة غازي عنتاب بجنوب شرق البلاد.
وما يزيد الوضع تعقيداً، قيام العديد من المرشحين بتغيير الولاءات، مع تنقل البعض بين الأحزاب الرئيسية وتنافس البعض الآخر لصالح الأحزاب الصغيرة.
وفي ظل وجود استطلاعات للرأي تظهر أن ما بين 17 و27 في المئة من الناخبين لم يتخذوا قرارهم بعد، وأن ما بين 4 و6 في المئة يقولون إنهم لن يصوتوا، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مسار هذه الانتخابات.
تشير هذه الأعداد الكبيرة من الناخبين المترددين إلى استياء واسع النطاق من الأطراف الأساسية، وإذا اختار عدد كبير من الناخبين الإدلاء بأصواتهم لمرشحي حزب الوحدة الكبرى وحزب السعادة أو حزب اليسار الديمقراطي، فقد تكون هناك مفاجآت كبيرة في ليلة الانتخابات. من ناحية أخرى، يمكن أن يساعد تفتيت الأصوات أحد التحالفات الرئيسية على تحقيق الأغلبية الساحقة في صناديق الاقتراع.