النائب العام الليبي يكشف فسادا بملايين الدولارات في قطاع الصحة

طرابلس - كشف مكتب النائب العام الليبي الصديق الصور الاثنين عن توصله في تحقيق أولي، إلى وقائع فساد بنحو 300 مليون دينار ليبي (64.64 مليون دولار) وقعت في ملف العلاج بالداخل.
وأكد المكتب في بيان أن "مصحات تلقت ضمانات مالية من مواطنين رغم تكفل الدولة بالعلاج، وقدمت فواتير بعشرات الملايين بعد أن تم تضخيمها".
وقال البيان إن "وكيل النيابة بمكتب النائب العام تولى مباشرة التحقيقات المتعلقة بجانب استحقاق الوصول إلى الخدمة الطبية، ونشاط جهة الإدارة الرامي إلى كفالة تقديمها بصورة متسارعة ذات أثر، من خلال توجيه المواطنين إلى المؤسسات العلاجية المتعاقد معها على تقديم الخدمة بجودة مقبولة، وتكلفة ممكنة تلتزم جهة الإدارة بسدادها".
وأضاف "أسفرت نتائج التحقيق في الوقائع التي ساقتها التقارير الصادرة عن ديوان المحاسبة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، عن إثبات تفوق المصالح الذاتية على مصلحة الجماعة وانحراف في الممارسة ونزعة ربحية لا تجيزها التشريعات ذات الصلة".
وتابع البيان "كانت فواتير الاستشفاء التي قدمها بعض القائمين على إدارة المؤسسات العلاجية في القطاع الخاص ذات قيمة مالية مرتفعة وغير ملائمة، فضلا عن خروجهم على مقتضيات العقود المبرمة وتسلمهم مبالغ مالية من المواطنين في شكل ضمانات، رغم تكفل الدولة بمصاريف العلاج".
وأشار إلى أن النيابة العامة أمرت بوقف صرف القيم المالية، وكلفت خبراء مركز الخبرة القضائية والبحوث بمراجعة المعاملات الإدارية والمالية والطبية، ذات الصلة بطلبات سداد مبلغ مالي قدره ثلاثمئة مليون دينار نظير تقديم الخدمات الطبية في الداخل خلال الفترة الممتدة من مطلع عام 2017 حتى نهاية عام 2020، بمعية صندوق التأمين الطبي المكلف بأعمال المراجعة استنادا على قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رقم 338 لسنة 2020.
وأوضح بيان مكتب النائب العام أن نتائج أعمال المراجعة أظهرت أن المطالبات المالية السابقة تساوي مبلغا ماليا قدره 97.614.339 دينارا، وكشفت أعمال التدقيق والمراجعة أنها تتضمن المطالبة بمبلغ مالي قدره 35.500.500 دينار ليبي دون وجه حق.
وتبين أن المطالبات المالية المؤسسة على تنفيذ عمليات الاعتمادات المستندية، تساوي مبلغا ماليا قدره 17.900.500 دينار، كشفت أعمال التدقيق والمراجعة أنها تتضمن المطالبة بمبلغ 4.900.500 دينار ليبي دون وجه حق.
وأشارت النتائج إلى أن المطالبات المالية المؤسسة على تنفيذ عقود الانتفاع بالمؤسسات العلاجية المملوكة للدولة، تساوي مبلغا ماليا قدره 1.340.200 دينار كشفت أعمال التدقيق والمراجعة أنها تتضمن المطالبة بمبلغ 330.890 دينارا ليبيا دون وجه حق.
كما بينت أن قيمة أذونات الصرف المنفذة وغير المنفذة، تساوي مبلغا ماليا قدره 93.566.900 دينارا كشفت أعمال التدقيق والمراجعة أنها تتضمن المطالبة بمبلغ 33.541.564 دينارا ليبيا دون وجه حق.
وأضاف البيان "وعلى ذلك، بلغت قيمة المبالغ المالية التي تم تحصيلها والمطالب بتحصيلها وفق آخر تقرير أعد بالخصوص 74.273.454 دينارا ليبيا".
ووجه النائب العام بمخاطبة وزارة الصحة بأخذ ما جاء في التقارير المرفوعة إلى النيابة العامة في الحسبان عند مباشرة الإجراءات المالية، والرجوع إلى سلطة التحقيق مراعاة لانسجام الإجراءات الإدارية مع الإجراءات القضائية، ضمانا للمصلحة العامة.
وطلب من وكلائه متابعة الإشراف على أعمال التدقيق حتى اختتامها، ومباشرة إجراءات التحقيق في مواجهة مرتكبي جرائم التزوير والشروع في النصب على الدولة والإضرار بالمصلحة العامة، وتحصيل المبالغ المنهوبة.
ولطالما وجهت لحكومة الوفاق تهم فساد في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها وزارة الداخلية التي كان يشغلها رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا.
وسبق أن كشف ديوان المحاسبة في مارس من العام الماضي عن تجاوزات مالية وعمليات تلاعب وهدر للمال العام خلال عام 2019، ذهبت فيها مليارات إلى الميليشيات، فضلا عن تهريب نحو 140 مليارا إلى الخارج.
وتعد ليبيا من ضمن الدول العشر الأكثر فسادا على مستوى العالم لسنوات متتالية، وسجل تقرير صادر في أواخر 2021 عن منظمة الشفافية الدولية، حصولها على أواخر الترتيب في مكافحة الفساد، متقدّمة فقط على اليمن والصومال وسوريا التي جاءت الأخيرة عربيا.
وساهمت عوامل كثيرة ومتشعبة في انتشار الفساد في ليبيا، خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة، إلى درجة يكاد يكون قاعدة ثابتة، بعدما كان استثناء، إذ لا تكاد جهة عامة أو وزارة تخلو منه بطريقة أو بأخرى.
وأنفقت الدولة خلال السنوات العشر أكثر من 400 مليار دولار، من دون تحقيق أي تنمية على أرض الواقع، في حين لا تزال أغلب المدن والقرى الليبية تعاني من انقطاع الكهرباء المتكرّر صيفا وشتاء، على الرغم من ملايين الدولارات التي صرفت ولا تزال على هذا القطاع.