"النأي باتجاه الموانئ" قصائد من العالم

عمّان - ليس ثمة عنوان أو تسمية تليق بعمل من المختارات الشعرية والنصوص التي تمثل مختلف شعريات العالم في العصر الحديث سوى اسم "النأي باتجاه الموانئ"، حيث جل الشعراء كانوا في سفر عبر قصائدهم نحو العصر الحديث والإنسان وتحولاته.
ويستعير مترجم المختارات هاشم شفيق مقطعا من إحدى قصائد الشاعر البريطاني تشارلس كوزلي ليكون دليله في هذا "السفر العظيم، نحو عوالم مبهمة ومجهولة، نحو موانئ مأهولة بالسحر والكشف والدهشة الباهرة، لما تنطوي عليه الموانئ من باطن جمالي موار بالمكنونات الغامضة، والمثيرة للخيال والرؤيا، والمحفزة للمشاعر والأحاسيس والجوانيات، وللأعماق والدواخل الشاعرية، للفنان والشاعر والمتأمل، ذلك الباطن الحافل بالكنوز الصغيرة، الكنوز المدفونة قرب الشغاف، وقرب منابع الرؤى والأخيلة السابحة في أفق التأملات الوجودية، وقرب الترددات والتراجيع والأصداء".
ويرى شفيق أن تلك الخفايا نابعة من الروح الهائمة، في فلك الشعر والسحر والفنون، وفي مدارات الإبداع المجترح للعوالم والخلق الصانع للهالات الجوانية الهرمسية، والابتكار المفعم بالدوال والإشارات، والمترع بالحكم السابرة للأغوار النفسية العميقة للكائن، حيثما كان وتواجد وعاش، فالشعر فن مخترق للأزمان والدهور والأمكنة.
وتضم هذه الأنطولوجيا الشعرية بين دفتيها شعراء كبارا، بعضهم نال جائزة نوبل مثل تشيسلاف ميلوش وبابلو نيرودا وأكتافيو باث وهارولد بنتر وكوازيمودو والسويدي توماس ترانسترومر، فضلا عن شعراء عظام يستحقون أكثر من نوبل مثل يانيس ريتسوس وريلكة وأونغاريتي وخمينيث وكفافي وآنا أخمتوفا وروزيه فيتش وبوكوفسكي وجاك بريفير وهولوب وديغي وبرغر الألماني.
كما تضم المختارات، الصادرة مؤخرا عن منشورات خطوط وظلال بعمان، إضافة إلى كل تلك الأسماء كوكبة أخرى لامعة، بزغت تتجول في هذه الموانئ الخيالية، حيث الإبحار نحو الكوامن العميقة، الراسبة في قاع الحياة، والغائصة بعيدا في أعماق الكائنات الوجودية والطبائع البشرية.