الميليشيات تعمق أزمة شح المياه في ليبيا

يونيسيف: أزمة شح المياه تعود إلى غياب الميزانيات المطلوبة لشراء المعدات والمواد التشغيلية وقطع الغيار للصيانة الدورية.
الثلاثاء 2022/08/09
مصادر المياه مستهدفة من قبل الميليشيات

طرابلس - حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان من موجة جفاف تضرب ليبيا إذا لم تتمكن السلطات من إيجاد حلول فورية للمشاكل التي ضربت قطاع المياه في البلاد بعنف، ما يشير إلى أن الانقسام السياسي والصراعات المسلحة ليسا الملفين الوحيدين اللذين يهددان الليبيين.

وأكدت اليونيسيف أن نحو 4 ملايين شخص من بينهم 1.5 مليون طفل معرضون لشح المياه في بلد يصل عدد سكانه إلى 6 ملايين شخص فيما تشير معطيات إلى أن الصراع المسلح وسطوة الميليشيات واستهدافهم لمصادر المياه كورقة ضغط داخلية تزيد من تعقيد الأزمة.

وتعيش ليبيا على غرار عدد من الدول العربية في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط على وقع مخاطر السقوط في موجة جفاف قاسية، وذلك بعد أن تحدثت تقارير عن خروج محطات مياه من الخدمة وتوقف 200 بئر.

ويتعرض “النهر الصناعي العظيم” لاستهداف مستمر بسبب الحرب بين الميليشيات والصراع المسلح طيلة نحو عقد.

نحو 4 ملايين شخص من بينهم 1.5 مليون طفل معرضون لشح المياه في بلد عدد سكانه يصل إلى 6 ملايين شخص

ووضع العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي حجر الأساس للبدء في تنفيذ مشروع النهر الصناعي العظيم بمنطقة السرير بمدينة جالو في 28 أغسطس 1984 وذلك لمواجهة خطر العطش، حيث أشارت تقارير إلى أن النهر يوفر الماء من خزانات صحراوية قديمة لمدة 100 سنة وأكثر.

وقالت اليونيسيف إن أزمة شح المياه تعود إلى غياب الميزانيات المطلوبة لشراء المعدات والمواد التشغيلية وقطع الغيار للصيانة الدورية ما تسبب في خروج العديد من محطات المياه عن الخدمة حيث يكافح الموردون لفتح اعتمادات بنكية بالعملة الصعبة للتمكن من جلب المعدات من الخارج.

ويرى مراقبون أن الحروب والصراعات المسلحة والانقسامات السياسية وما خلفته من ضعف في أجهزة الدولة تسببت في تعميق أزمة الجفاف في ليبيا حيث تشير اليونيسيف إلى أن الهجمات التي استهدفت أنظمة الأنهار الصناعية تسببت في خروج أكثر من 200 بئر، تمدّ مناطق الجفرة والحساونة والسرير وتازربو بالمياه، من الخدمة.

ووصفت المنظمة الوضع بأنه على وشك الانهيار خاصة وأن شبكة المياه فقدت في تلك المناطق كميات كبيرة من المياه وصلت إلى 50 في المئة.

وأكدت المنظمة أن 45 في المئة فقط من الأسر في ليبيا تتمتع بخدمة الصرف الصحي في حين أن باقي السكان متصلون بالحفر الامتصاصية التي تسبب تلوث خزانات المياه ما يعمق أزمة المياه في البلاد.

الحروب والصراعات المسلحة والانقسامات السياسية وما خلفته من ضعف في أجهزة الدولة تسببت في تعميق أزمة الجفاف في ليبيا

وأشارت العديد من التقارير التي تمحورت حول الجفاف في ليبيا إلى أن نحو 63 ألف شخص في مدن الخمس والتميمي ومباه ورأس التين وأم الرزم ومرتبة والساحل الشرقي لدرنة يعانون من الجفاف بسبب صعوبة وصول مياه الشرب.

وتعود الأسباب إلى توقف محطات تحلية مياه بعد نقص المعدات وهو من نتائج الصراعات التي مرت بها ليبيا وأثرت على وضعها الاقتصادي والمالي وبالتالي على نفقات الدولة في ملفات حساسة وإستراتيجية.

ووفق مراقبين فإن الحكومات المتعاقبة والشخصيات السياسية في ليبيا لا تهتم بالقدر الكافي بملف أزمة المياه في ظل الخلافات وصراع النفوذ والمصالح بل ربما تعتبره هامشيا رغم أهميته وتداعياته الخطيرة على المواطنين على المدى البعيد والمتوسط.

والسلطة سواء كانت في الشرق أو الغرب لا تملك على الأرجح حلولا لملف المياه ناهيك عن فشلها في إيجاد حلول للمشاكل السياسية الكثيرة التي يتخبط فيها البلد.

وتعيش ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي على وقع صراعات مسلحة بسبب الخلافات حول النفوذ ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف من الأشخاص.

ويتعمّق الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس وجاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلى الحكومة الثانية برئاسة فتحي باشاغا والتي عينها البرلمان في فبراير وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقرا مؤقتا لها بعد منعها من دخول طرابلس.

وليست ليبيا وحدها التي تعاني من أزمة المياه في منطقة شمال أفريقيا رغم أنها من أكثر الدول العربية المتضررة من تغير المناخ والاحتباس الحراري وأسهمت الأزمة السياسية في مضاعفتها.

4