الميليشيات تستعيض عن مهاجمة الأميركيين باستهداف مطاعم "تيك أوي"

الهجمات تحمل أهدافا سياسية وتبعث رسالة مفادها أن أي استثمار أو وجود للشركات الغربية في العراق لا يمكن أن يستمرّا.
الثلاثاء 2024/06/11
العراق تسير على حبل رفيع بين واشنطن وطهران

بغداد – نزل عشرات الرجال الملثمين من سيارتي دفع رباعي وشاحنة صغيرة بيضاء. واقتحموا مطعما لدجاج كنتاكي في بغداد. وحطموا كل ما استطاعوا قبل الفرار من مكان الحادث. وشهد مطعم ليز الشهير للدجاج المقلي أعمال عنف مماثلة. وكان المطعمان علامتين تجاريتين أميركيتين شعبيتين في العاصمة العراقية.

لم يصب أحد بأذى خطير. لكن الهجمات الأخيرة، التي نظمها مؤيدو الميليشيات المدعومة من إيران على مطاعم “تيك أوي”، تعكس الغضب المتزايد ضد واشنطن وإسرائيل بسبب الحرب في غزة.

وسارت الحكومات العراقية لسنوات على حبل رفيع بين واشنطن وطهران. لكن الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر في غزة زادت الوضع سوءا.

وبعد مرور أيام على اندلاع الحرب شنت المقاومة الإسلامية في العراق (تحالف من الميليشيات المدعومة من إيران) عشرات الهجمات على قواعد تابعة للقوات الأميركية في العراق وشرق سوريا.

وتوقفت هذه الهجمات في فبراير الماضي بعد سلسلة من الضربات الأميركية الانتقامية إثر ضربة بطائرة مسيّرة استهدفت قاعدة في الأردن وأسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين.

الحكومة لا تتجرأ على ملاحقة مثيري الشغب رغم معرفتها بهويتهم، خوفا من التصعيد وحذرا من سيناريو المزيد من الهجمات

وتمثل الهجمات على الشركات والعلامات التجارية المرتبطة بالولايات المتحدة في العراق خلال أواخر مايو وأوائل يونيو تغييرا في التكتيكات التي تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من معاداة واشنطن بسبب دعمها لإسرائيل. واتخذ هجوم مطعم كنتاكي شكل عملية السطو، لكن المهاجمين لم يسرقوا المال.

وتظهر لقطات كاميرات المراقبة الرجال الملثمين يقتحمون المطعم بينما هرب العمال والزبائن المذعورون من مخرج خلفي. ثم قام الرجال بتحطيم النوافذ والشاشات والكراسي والطاولات وأدوات المطبخ وأي شيء في طريقهم.

ووصلت قوات الأمن إلى مكان الحادث بعد دقائق، وأطلقت طلقات تحذيرية، فهرع الملثمون إلى سياراتهم وأخلوا المكان بسرعة. وفي حادثة أخرى ألقيت قنبلة صوتية خارج شركة كاتربيلر في منطقة الجادرية، فهزّت الحي وتركت حفرة صغيرة في الشارع.

وأكد مسؤولان من الميليشيات المدعومة من إيران في العراق لوكالة أسوشيتد برس، شريطة عدم الكشف عن اسميهما، أن المهاجمين كانوا من أنصارها، وأن هدفهم يكمن في الترويج لمقاطعة العلامات التجارية الأميركية وردع وجودها في البلاد. وقالا إن هذا يعد محاولة لتعزيز صورة الميليشيات.

وحث أبوعلي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله، أنصاره على التخلص من فروع التجسس الإسرائيلية المغطاة بالزي المدني. وكانت هذه إشارة إلى الشركات والمنظمات المرتبطة بالولايات المتحدة.

وقال عيسى أحمد، الذي نظم أكثر من 30 احتجاجا لدعم غزة، خلال مسيرة في بغداد مؤخرا إنه هو وغيره من الناشطين الشباب يريدون من العراقيين مقاطعة المنتجات “التي تدعم إسرائيل”. وأكد أنه لا يدعم العنف.

ii

كما دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى طرد السفير الأميركي. ويعتبر المحلل السياسي إحسان الشمري أن استهداف العلامات التجارية الأميركية والغربية يلعب دورا في التنافس المستمر منذ عقود بين طهران وواشنطن.

وقال إن “هذه الهجمات تحمل أهدافا سياسية” وتبعث رسالة مفادها أن “أي استثمار أو وجود للشركات الغربية في العراق لا يمكن أن يستمرّا”.

ويرى ريناد منصور، وهو باحث بارز في معهد تشاتام هاوس البريطاني، أن العراق كان “ساحة لعب” لواشنطن وطهران، ما يقوض سيادة الحكومات المتعاقبة في بغداد.

السوداني يحاول استرضاء مناهضي الولايات المتحدة دون تأجيج التوترات مع واشنطن أو تهديد الاستثمارات الأجنبية في العراق

وحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استرضاء مناهضي الولايات المتحدة دون تأجيج التوترات مع واشنطن أو تهديد الاستثمارات الأجنبية في العراق. وكان قد وصل إلى السلطة بدعم من ائتلاف موال لإيران.

وانطلقت محادثات رسمية بين العراق والولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة، وتهدف إلى سحب حوالي ألفي جندي أميركي متمركزين في البلاد بموجب اتفاق مع بغداد لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وقال منصور إن “رئيس وزراء العراق… دفع فكرة كون العراق خارج الحرب ويركز على إعادة بدء العلاقة مع الولايات المتحدة والنظر في العلاقة مع إيران والضغط من أجل سيادة البلاد. وأثرت الحرب على غزة بالطبع على هذا”.

وقالت وزارة الداخلية إنها ألقت القبض على بعض المشتبه بهم في أعمال الشغب وإنها تبحث عن آخرين.

لكن المسؤوليْن السابقين ذكرا أن الحكومة لا تتجرأ على ملاحقة مثيري الشغب رغم معرفتها بهويتهم، خوفا من التصعيد. وحذرا من سيناريو المزيد من الهجمات على مصالح الولايات المتحدة إذا توقف انسحاب القوات الأميركية من العراق.

 

اقرأ أيضا:

          • قنبلة محافظات جنوب العراق تهدد حكومة السوداني

1