الميليشيات تخشى غضب ترامب المتحرر من الحسابات الانتخابية

فشل دونالد ترامب في الحصول على ولاية ثانية في رئاسة الولايات المتحدة وهزيمته أمام غريمه الديمقراطي جو بايدن لم يزيلا الضغط عن إيران والميليشيات التابعة لها في العراق، حيث يحبس قادة تلك التشكيلات الطائفية المسلّحة الأنفاس خوفا من ضربات قاصمة يمكن لترامب أن يأمر بتنفيذها خلال الفترة القصيرة المتبقية له في البيت الأبيض، ودون موانع وحسابات انتخابية هذه المرّة.
بغداد - قالت مصادر سياسية في بغداد إن قادة ميليشيات عراقية موالية لإيران يخشون التعرض لهجمات عسكرية خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وعزّزت هذه المخاوفَ تسريباتٌ نشرتها وسائل إعلام أميركية بارزة تشير إلى خشية مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية من أن ترامب قد يبدأ عمليات، سواء كانت علنية أو سرية، ضد إيران أو خصوم آخرين للولايات المتّحدة خلال أيامه الأخيرة في منصبه.
وهُزم ترامب أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات مثيرة احتدمت فيها المنافسة بشكل غير مسبوق، لتنتهي بذلك واحدة من أكثر المراحل خروجا عن مألوف السياسة الأميركية، لاسيما على المستوى الخارجي.
واستخدمت إدارة ترامب سياسة الضغط الأقصى لاحتواء تهديدات إيران على المستوى الخارجي، ومنع تدخلها في شؤون العديد من الدول سلبا، وتحديدا العراق وسوريا واليمن.
وتخللت ولاية ترامب العديد من المواجهات مع إيران، بما في ذلك بعض التراشق العسكري، على غرار قتل الولايات المتحدة القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عن طريق هجوم جوي قرب مطار بغداد مطلع 2020 والرد الإيراني بقصف معسكر الجيش الأميركي في غرب العراق بالصواريخ.
وزادت هذه المواجهات من مستوى التكهنات بأن سنوات الولاية الثانية لترامب في حال فوزه بالانتخابات، ستكون ساخنة في ما يتعلق بالملف الإيراني، وربما تشهد عمليات عسكرية أميركية أوسع، وهو ما لم يعد ممكنا بعد هزيمة المرشّح الجمهوري أمام مرشح الديمقراطيين جوزيف بايدن.
لكن مصادر سياسية في بغداد تقول إن ترامب قد يفعل خلال الأيام الأخيرة من ولايته ما لم يفعله طيلة الأعوام الأربعة الماضية في ما يتعلق بإيران.
وجادلت واشنطن مطولا بشأن طريقة احتواء الميليشيات العراقية الموالية لإيران، التي قصفت سفارة الولايات المتحدة في بغداد مرارا، وتسببت في مقتل أشخاص يحملون الجنسية الأميركية.
وبالرغم من أن القوات الأميركية ردت باستهداف بعض مقرات الميليشيات ومخازن سلاحها، إلا أنها تجنبت قياداتها، ما سمح لها بالتغول على حساب الأجهزة الأمنية والعسكرية الحكومية.
ويلوم العراقيون الولايات المتحدة على تفكيك جيشهم العريق وترك بلادهم لقمة سائغة للنفوذ الإيراني، الذي يصفه كثيرون بأنه احتلال غير مباشر.
التخلص من قادة الميليشيات الشيعية هو الخطوة الضرورية الأولى في مسار طويل لتحرير العراق من القبضة الإيرانية
ويعتقد كثيرون في العراق بأن التخلص من قادة الميليشيات الشيعية المتنفذة في الدولة، هو الخطوة الضرورية الأولى في مسار طويل لتحرير العراق من القبضة الإيرانية.
وسبق للميليشيات المنضوية ضمن ما يعرف في العراق بالحشد الشعبي أن جرّبت مدى الخطورة التي يشكلها الطيران الأميركي على مقاتليها ومقرّاتها ومخازن أسلحتها، حيث تعرّضت تلك الميليشيات في أوقات سابقة لعدة ضربات بالطيران المسيّر ألحقت بها خسائر بشرية ومادية جسيمة.
ولا تخفي أوساط صحافية على صلة بقادة ميليشيات عراقية بارزة، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي وحركة النجباء، خشيتها من أن
يصدر ترامب، قبل مغادرته البيت الأبيض، أوامر تنفيذية بشن غارات جوية ضد شخصيات عراقية على صلة بإيران.
وتقول المصادر إن هذه الغارات قد تشمل زعماء أبرز الميليشيات العراقية التابعة لإيران، الذين يعتقد معظمهم أن حقبة بايدن ستسمح لهم بتوسيع نفوذهم، على اعتبار تساهله المتوقع حيال إيران.
ويقول مراقبون إن معادلة ترامب تستند إلى أن الجماعات التي قد تُستهدف في العراق لن يمكنها الرد بقوة على المصالح الأميركية، خشية إطلاق بداية غير ودية مع إدارة بايدن، ستلقي بظلالها على العلاقة اللاحقة مع إدارته.
ولم يسبق للميليشيات العراقية أن بلغت هذا المستوى من الجرأة والتغول، حتى وصل الأمر إلى أن قادتها يحددون ظروف عمل الحكومة، كما حدث مع زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي الذي “نصح” رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعدم تجاوز الحدود، وذلك عندما قام الأخير باعتقال 12 شخصا كانوا يخططون لقصف السفارة الأميركية ومطار بغداد بالصواريخ.
وتسود قناعة على نطاق واسع بأن الحكومة العراقية لم يعد بمقدورها مواجهة الميليشيات الإيرانية، التي ازداد عددها خلال أعوام الحرب على داعش بشكل جنوني، واستغلت تلك الحقبة لتعزيز مستوى تسليحها، الذي يتفوق على تسليح العديد من قطعات الجيش العراقي.
وبينما يضع المراقبون بعض الآمال على الانتخابات العامة المقرّرة لصيف العام القادم لنزع جزء من غطاء الميليشيات السياسي، يعتقد كثيرون أن من دون مساعدة خارجية، سيبقى العراق رهينة لدى أتباع إيران.