الميليشيات العراقية تنسق المواقف بشأن استئناف استهداف القواعد الأميركية

الفصائل الموالية لإيران تتهم واشنطن بالمماطلة في المفاوضات مع حكومة السوداني، وتؤكد أنها قادرة على إنهاء ملف الوجود الأميركي بكل السبل.
الخميس 2024/06/20
محاولات إيرانية متجددة لفك ارتباط بغداد بواشنطن

بغداد - أعلنت "تنسيقية المقاومة العراقية"، التي تضم عددا من الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، عقد اجتماع وصفته بأنه "استثنائي"، لبحث ملف الوجود الأميركي في البلاد، وهو الأول من نوعه منذ توقف عمليات القصف واستهداف لما يزيد عن خمسة أشهر، إذ تشهد الساحة العراقية حالة من الهدوء الأمني.

وفي أوائل فبراير الماضي، توقفت هجمات الجماعات المسلحة على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، بعد أن تسبب الهجوم الكبير الذي شنته الميليشيات بمقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة البرج 22 في الأردن، ورداً على ذلك نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع بالعراق وسوريا.

 وكانت "حركة النجباء العراقية"، وهي جزء من تلك الفصائل، قد أكدت في حينه أن "ضغوطا مجتمعية وسياسية ودينية" دفعت باتجاه ما سمتها بـ"التهدئة" مع واشنطن، لإفساح المجال "أمام الحكومة العراقية لتأخذ بزمام المبادرة باتجاه وضع حلول لإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد".

وتنتظر قيادات الفصائل المسلحة نتائج عمل اللجنة العسكرية العراقية الأميركية، التي يقع على عاتقها تقييم الوضع الميداني في العراق وخطر تنظيم داعش الإرهابي، وتحديد موعد لإنهاء وجود التحالف الدولي.

وفي بيان هو الأول من نوعه منذ الهدنة ذكرت "تنسيقية المقاومة العراقية" أنها "عقدت اجتماعا استثنائيا لمناقشة الأحداث في المنطقة عموما وفي العراق على وجه الخصوص"، مبينة أنها ناقشت ما سمتها بـ"الفرصة التي منحتها للحكومة قبل أكثر من أربعة أشهر، المتضمنة جدولة انسحاب الوجود الأميركي من العراق".

وأوضحت أن "المجتمعين أكدوا على ضرورة الاستمرار بالسير لتحقيق سيادة البلاد، بعد مماطلة العدو وتعنته، ليبقى محتلا لأرضنا، ومستبيحا لسمائنا، ومتحكما بالقرار الأمني والاقتصادي، ومتدخلا بالشأن العراقي بكل استهتار وغطرسة، وكأنه لا يعلم ما ينتظره بعد هذه الفرصة".

 وألمحت إلى أن "الشعب العراقي، ومقاومته الأبية، والمخلصين من السياسيين، ورجال العشائر، ونواب الشعب، قادرون ومصرون على إنهاء هذا الملف وإغلاقه، باستعمال السُبل المتاحة كافة، لإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق السيادة الكاملة".

ولم تكشف "المقاومة العراقية" موقفا واضحا إزاء الهدنة وما إذا كانت تفكر في إنهائها، حيث تشهد انقساما في المواقف بشأن استئناف العمليات العسكرية ضد المصالح والأهداف الأميركية في العراق، مع استمرار الحراك والضغط من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للحفاظ على الهدنة بين الفصائل والأميركيين.

وكانت كتائب "سيد الشهداء"، إحدى الميليشيات العراقية الموالية لإيران، قد لوحت منذ نحو أسبوعين باستئناف الهجمات على القوات الأميركية، في حال فشلت المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي.

وقبل ذلك، نقل موقع "شفق نيوز" الكردي العراقي عن مصدر سياسي مطلع على الأمر قوله إن الفصائل المسلحة منحت السوداني مهلة بأربعين يوما لحسم ملف إخراج القوات الأميركية من البلاد، وأنها توعدت باستئناف هجماتها في حال لم يتم الاستجابة لمطالبها.

وأوضح المصدر السياسي أن "عدداً من الفصائل المسلحة، منحت السوداني وحكومته مهلة لغاية منتصف شهر يوليو المقبل لحسم ملف إخراج القوات الأميركية من البلاد".

وأضاف المصدر أن "الفصائل اشترطت وضع جدول زمني معلن وملزم التنفيذ لحسم هذا الملف، وبخلافه سوف تعاود العمليات العسكرية ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة".

وكانت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن في منتصف أبريل الماضي التقى خلالها الرئيس جو بايدن وعددا من المسؤولين الأميركان، لم تسفر عن تقدّم يذكر في موضوع إخراج القوات الأميركية في العراق، لكنّها حققت تطورات مؤكّدة في مجال التعاون الاقتصادي بين بغداد وواشنطن.

ويأتي اجتماع "المقاومة العراقية" بعد التصريحات اللاذعة لتريسي آن جاكوبسون مرشّحة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى بغداد والتي قالت إن "الميليشيات المتحالفة مع إيران هي التهديد الرئيسي للعراق".

 وأكدت، في كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، قبل عدة أيام، على أهمية تعزيز استقرار وأمن وسيادة العراق، معتبرة أن تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً في المنطقة، وأن الجيش الأميركي مازال يقدم دعما لقوات الأمن العراقية.

كما أكدت جاكوبسون أهمية تعزيز العراق لعلاقاته مع جيرانه، وأن "وجود التنمية الاقتصادية، وحكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها، يقلل من جذب الإرهاب" ويقلل أيضاً من نفوذ المليشيات المتحالفة مع إيران التي قالت إنها "تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد"، معتبرة أن "إيران ممثل خبيث في ‎العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة"، مضيفة "ندرك أن التهديد الرئيسي للعراق هو الميليشيات المتحالفة مع إيران".

وبدأت المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير الماضي، بعد أقل من 24 ساعة من مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم في الأردن. وقالت الولايات المتحدة إن جماعات متشددة متحالفة مع إيران في سوريا والعراق هي التي نفذته، ما دفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات انتقامية في العراق أسفرت عن اغتيال قيادات بارزة في الفصائل المسلحة، ما دفعها (الفصائل) والجهات السياسية المرتبطة بها إلى تصعيد مطالبتها بإخراج قوات التحالف من البلاد.

وأفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي بين بغداد وواشنطن التي عقدت في بغداد، في 27 يناير الماضي، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، في ظل الانتقادات الواسعة ضد الوجود الأميركي في العراق.