الميليشيات الشيعية تنفخ شرارة حرب طائفية لخلط أوراق الحكومة العراقية

مصادر استخبارية ترجح بأن جريمة الخيلانية ربما مدبرة من ميليشيات موالية لإيران.
السبت 2020/10/31
على خطى داعش

بعقوبة (العراق) - ذكرت مصادر استخبارية عراقية أن ميليشيات شيعية تابعة لإيران تدفع لتأجيج نزاع طائفي في محافظة ديالى المختلطة قوميا ومذهبيا على الحدود مع إيران، لخلط الأوراق على الحكومة والتشويش على جهود ملاحقة متورطين في جرائم تطهير في محافظة أخرى.

والثلاثاء وقعت جريمة مروعة في قرية الخيلانية التابعة لمحافظة ديالى الحدودية، فيما وُجهت أصابع الاتهام لتنظيم داعش بالمسؤولية عنها.

وفي تفاصيل الجريمة، نحر مجهولون راعيا شيعيا كان يمر بجواميسه من قرية الخيلانية التي يسكنها السنّة في ديالى، ثم ربطوا جثته بعبوة ناسفة، وعندما جاء ذووه لنقل جثته، انفجرت عليهم العبوة، ما تسبب في مقتل ثلاثة منهم وإصابة اثنين آخرين بجروح.

وكانت محافظة ديالى، المجاورة لإيران، قد شهدت أشرس حلقات الاقتتال الطائفي خلال حقبة الحرب الأهلية في العراق، وشهدت مجازر مروعة بين المجموعات المتطرفة.

ولم تستقر الأوضاع في ديالى إلا باتفاقات عشائرية تضمنت تبادل بعض الأراضي والقرى بين السنّة والشيعة لتفريغ مناطق التماس بين الطائفتين هناك من أي احتمالات صدام.

لكن الميليشيات الشيعية التابعة لإيران فرضت هيمنتها بشكل كلي على ديالى مع صعود نجمها أيام حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي الذي يُتهم بتسليم مقاليد إدارة الدولة العراقية لإيران.

ووقعت جريمة الخيلانية المروعة بعد أيام قليلة من اتهام ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي بارتكاب مجزرة تطهير طائفي بحق قرى يسكنها السنّة قرب آبار للنفط الذي تهربه الميليشيات إلى تركيا وإيران.

وضج الإعلام المملوك للميليشيات التابعة لإيران، ممثلا بالعشرات من الفضائيات ووكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي، بجريمة الخيلانية، مانحا إياها بعدا طائفيا فوريا.

ورغم أن السفارة الأميركية في بغداد أدانت جريمة الخيلانية، محملة تنظيم داعش المسؤولية عنها، إلا أن المصادر العراقية تقول إن الفاعل قد يكون شيعيا.

وألمح زعماء ميليشياويون إلى أن سكان قرية الخيلانية متورطون في هذه الجريمة، رغم أن غالبيتهم نزحت عنها خلال حقبة الحرب الطائفية ولم تعد إليها إلا بعد استقرار أوضاعها.

لكن مصادر استخبارية عراقية تقول إن المعلومات الأولية تشير إلى أن جريمة الخيلانية ربما مدبرة من ميليشيات موالية لإيران، لخلط الأوراق على الحكومة والتشويش على التحقيقات الجارية في جرائم التطهير الطائفي في صلاح الدين.

وتستند هذه المعلومات إلى حقيقة أن الميليشيات التابعة لإيران، مثل منظمة بدر بزعامة هادي العامري والعصائب بزعامة قيس الخزعلي، هي الحاكم الفعلي في قرار الأمن داخل ديالى، وأن الحديث عن إمكانية تسلل عناصر تنظيم داعش إلى قرية الخيلانية يبدو أمرا غير متاح عمليا.

وأعلنت قيادة عمليات قاطع ديالى للحشد الشعبي المكوّن من العشرات من الميليشيات والتابع شكليا للقوات المسلّحة العراقية شروعها في تنفيذ عملية أمنية واسعة شمال المقدادية في ديالى “تهدف إلى تطهير وتأمين منطقة العمليات المستهدفة من تواجد العناصر الإرهابية”، حسب ما ورد في بيان للحشد.

الميليشيات افتعلت جريمة الخيلانية لتغطي على جرائم طائفية ارتكبتها في صلاح الدين وانكشف أمرها للرأي العام العراقي

وكان الحشد الشعبي قد أسس قوّته العسكرية وسطوته الأمنية التي تحوّلت لاحقا إلى سطوة سياسية من خلال امتلاكه كتلة في البرلمان العراقي قوامها 47 نائبا، على مشاركته الفاعلة في الحرب ضدّ داعش بين سنتي 2014 و2017.

وساهم الحشد في طرد التنظيم من مناطق شاسعة في شمال العراق وغربه، لكنّه حلّ محلّه في عدّة مفاصل مهمّة ومواقع استراتيجية لا يزال إلى اليوم يرفض مغادرتها وتسليمها للجيش والشرطة العراقيين، الأمر الذي يثير توتّرات سياسية وأمنية متكرّرة في تلك المناطق.

وتشير المصادر إلى أن الميليشيات افتعلت جريمة الخيلانية لتغطي على جرائم طائفية ارتكبتها في صلاح الدين وانكشف أمرها للرأي العام.

ويقول مراقبون إن ركوب شخصيات شيعية بارزة موجة التلميح الطائفي في ملف جريمة الخيلانية، مثل هادي العامري ونائب رئيس البرلمان حسن الكعبي، قد يرتبط بدوافع انتخابية.

ويريد الساسة الشيعة والسنة الظهور بزي حماة المذهب، خلال الشهور التي تسبق موعد الانتخابات المبكرة، الذي حددته الحكومة صيف العام 2021.

وبرغم حمولتها الطائفية الخطرة، سعت الميليشيات التابعة لإيران إلى استخدام جريمة الخيلانية لتحقيق أهداف سياسية، وذلك من خلال تسليط الضوء على استجابة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لما حدث في ديالى قياسا بصلاح الدين.

وأوحى الإعلام المملوك للميليشيات بأن الكاظمي اهتم بحوادث صلاح الدين لأن الضحايا سنّة، فيما أهمل حادثة ديالى لأن الضحايا شيعة، وذلك نكاية بإيران وتقربا من السعودية.

واستنكر قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق ما سمّاه “التجاهل من قبل أكثر القوى السياسية التي تدعي الوطنية عندما يعلو صوتها في حوادث مُعينة وتخرس في أخرى لأن المفروض أن الأعمال الإرهابية والإجرامية مُدانة من الجميع والدم العراقي واحد لا اختلاف فيه”، متّهما حكومة الكاظمي بـ”الكيل بمكيالين”.

ورغم تدفق المسؤولين والقادة العسكريين على الخيلانية في أعقاب وقوع الجريمة، إلاّ أن القبيلة التي ينتمي إليها الضحايا استغربت عدم استنكار الكاظمي لها “وعدم التطرق لها في أي وسيلة إعلامية”.

ومنذ وقوع الجريمة وصل إلى الخيلانية نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي ورئيس لجنة الأمن النيابية محمد رضا ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي ورئيس أركان الجيش عبدالأمير يارالله.

وأعلنت قبيلة بني كعب التي ينتمي إليها الضحايا، أنها “لن تبقى مكتوفة الأيدي وستقوم هي بتطهير هذه المنطقة من داعش ومن لف لفهم”، إذا لم تتحرك الحكومة ضد “الأوباش” في ديالى.

3