الموقف الروسي الداعم لسيادة الإمارات على جزرها يستفز إيران

طهران – استفز البيان الخليجي الروسي المشترك حول الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة وتحتلها إيران، السلطات في الجمهورية الإسلامية التي سارعت باستدعاء السفير الروسي للاحتجاج.
وقال المستشار القانوني للرئيس الإيراني اليوم الأربعاء إن إيران لن تتفاوض على ثلاث جزر متنازع عليها مع الإمارات. بحسب وكالة إرنا الرسمية الإيرانية.
وقضية احتلال إيران للجزر الثلاث، التي تعد جزء من أراضي الإمارات، من أعقد الملفات، التي قد تكون حجرة عثرة في طريق أيّ تقدم في تطور العلاقات بين البلدين، بسبب تعنت طهران ورفضها أي حوار في هذا الشأن.
وكثيرا ما وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة خطابا معتدلا تجاه طهران، حاثة إياها على حل مشكل الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى، والتي تحتلها إيران، بالحوار وبالاحتكام إلى الشرعية الدولية.
وعلى إثر إعلان بريطانيا بدء الانسحاب من منطقة الخليج عام 1968، حاولت إيران اغتنام الفرصة لتوسيع نفوذها في المنطقة في ظلّ غياب قوة أمنية رادعة أو حقيقية تكافئها.
ولم تمضِ فترة قصيرة على ذلك، حتى أعلنت البحرية الإيرانية في 30 نوفمبر 1972 سيطرتها على جزر الثلاث الواقعة في مضيق هرمز، بعد أيام من خروج القوات البريطانية منها وقبل يومين فقط حصول الإمارات الخليجية السبع على استقلالها الكامل عن بريطانيا وتشكيل الإمارات العربية المتحدة المتحالفة حاليا مع واشنطن.
وأصدرت روسيا ومجلس التعاون الخليجي الاثنين بيانا مشتركا أعرب فيه وزراء خارجية الدول عن دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.
وقال محمد دهقان المستشار القانوني "دراسة جميع الوثائق السابقة تظهر أن هذه الجزر تابعة لإيران ولا يمكن الجدال في ذلك".
وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالبيان الصادر عن روسيا ومجلس التعاون الخليجي باعتباره متناقضا مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها، مضيفا أن "الجزر الثلاث تابعة لإيران إلى الأبد".
وأضاف كنعاني أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد على استمرار سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتعتبر تنمية المنطقة واستقرارها مسؤولية جماعية لدول المنطقة"، مشيرا إلى أن "إصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها".
وكانت بعض الوسائل الإعلام الإيرانية قد اعتبرت موقف موسكو من الجزر الإماراتية بأنه "طعنة من الخلف"، مشيرة إلى أن روسيا هي الأخرى تسلك طريقة الصين في تجاهل ما تعتبره طهران مصالحها وحقوقها.
وقال الباحث والناشط الإصلاحي أحمد زيد آبادي، إن موقف روسيا الداعم لدول مجلس التعاون الخليجي في قضية الجزر الثلاث يؤكد فشل إيران في بناء علاقات خارجية متوازنة، في الوقت نفسه يثبت أن الدول العربية- التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع الغرب- استطاعت الحفاظ على هذا التوازن، وأن موقف روسيا الداعم للمواقف العربية يؤكد ذلك.
وتستدل الإمارات على ملكيتها للجزر الثلاث بأن جميع الوثائق والمراسلات الرسمية البريطانية تقضي بأن الحكومة البريطانية كانت -منذ احتلالها المنطقة في القرن التاسع عشر وحتى "احتلال" إيران الجزر سنة 1971- تقر بالسيادة العربية على هذه الجزر، وكذلك مراسلات شركة النفط الأنكلو/إيرانية في عبدان سنة 1935.
وعرضت أبوظبي نزاعها مع إيران من جانب واحد على الأمم المتحدة قائلة إنها ستتجنب المواجهة مع دولة إسلامية جارة، وإن ملفها سيظل مدرجا على جدول أعمال مجلس الأمن -الذي رفع إليه في ديسمبر 1971- حتى يتم إيجاد "تسوية عادلة وشاملة ودائمة" للنزاع عبر "الحوار المباشر في أي من البلدين بعد الاتفاق على أسسه وإطاره، أو التحكيم الدولي"، متعهدة بقبول نتائجه.
ورفضت طهران على الدوام الذهاب بالقضية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما عارضت في البداية الدخول في مفاوضات ثنائية ومباشرة مع الإمارات قائلة إن المسألة تعني إمارة الشارقة فقط، ثم غيرت موقفها لاحقا ودخل الطرفان في جولات تفاوضية لحل القضية بدأت في أبو ظبي عام 1992 لكنها لم تصب أي نجاح.
وحين قبلت طهران وساطة أطراف صديقة للجانبين قامت كل من سوريا وقطر (عام 1995) بجهود دبلوماسية خلال تسعينيات القرن العشرين لكنها كلها انتهت إلى الفشل، الذي تعددت أسبابه بدءا من اختلاف توصيف الطرفين لحقيقة الإشكال؛ ففي حين يقول الجانب الإيراني إن الأمر مجرد "سوء تفاهم" يصفه الطرف الإماراتي بأنه "احتلال إيراني حقيقي" لجزء من أراضيه.
ولكن المفارقة هي أن الإمارات ظلت الشريك التجاري الأول لإيران طوال عقود النزاع، فقد بلغ حجم التجارة بين البلدين -حسب إحصاءاتهما الرسمية- نحو 6.8 مليارات دولار في عام 2012، وكان حجمه في العام الذي قبله 9.8 مليارات دولار، والتراجع الحاصل فيه سببه العقوبات الدولية المفروضة على طهران وليس نزاع الجزر. وتمرّ عبر الإمارات الغالبية العظمى من تجارة إيران مع دول الخليج.