الموسم الصيفي للحرائق ينطلق في العراق محدثا كوارث اقتصادية وبيئية

أسباب كثافة اندلاع الحرائق في العراق تتراوح بين الإهمال ونقص نظم الوقاية ومعدات الحماية من النيران، وصولا إلى الفساد والإرهاب.
الخميس 2025/05/29
مجهود سنة طار مع الدخان

بغداد- تجدّد الموعد السنوي للعراق مع الحرائق التي تحوّل اندلاعها في المزارع والغابات وحتى المنشآت والمرافق العامة والخاصّة إلى ظاهرة لصيقة بفصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

وتخلّف تلك الحرائق التي تطال كل سنة أنحاء متفرّقة من البلاد خسائر اقتصادية فادحة وتأتي على ممتلكات العديد من السكان وقد تلتهم موارد رزقهم من محاصيل زراعية وغيرها كما تحدث أضرارا بيئية يصعب إصلاحها على مدى قصير.

وتختلف أسباب اندلاع تلك الحرائق التي قد تكون أحيانا بدوافع انتقامية وحتى على خلفيات إرهابية، لكنّها تنتج في الغالب عن الإهمال وتهالك المعدّات وقلة وسائل الحيطة والتوقي من الكوارث وعدم توفّر ما يكفي من أطقم مكافحة الحرائق في الكثير من المناطق لاسيما المناطق الزراعية حيث يخسر العراق كل سنة كميات كبيرة من المحاصيل بسبب النيران.

وفي أحدث الخسائر المسجلّة بفعل النيران أتلفت حرائق اندلعت في مناطق حرجية وغابية بمحافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق المئات من الأشجار، وفقا لما أعلنته الأربعاء مديرية شرطة الغابات والبيئة في المحافظة.

◄ تداهم العراقَ مع حلول فصل الحرارة كلّ عام موجةٌ من إحراق المحاصيل الزراعية
تداهم العراقَ مع حلول فصل الحرارة كلّ عام موجةٌ من إحراق المحاصيل الزراعية

وقالت المديرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنّه بسبب غير معروف اندلعت تلك الحرائق في مناطق دربندخان وسيتك وأربت وأتت أيضا على ثلاثمئة دونم من النباتات البرية والأعشاب.

وشهدت الفترة القريبة الماضية نشوب عدّة حرائق في مساحات واسعة من مزارع الحنطة والشعير في محافظات تعتمد على النشاط الزراعي من بينها ديالى وصلاح الدين شمالي العاصمة بغداد.

وتداهم العراقَ مع حلول فصل الحرارة كلّ عام موجةٌ من إحراق المحاصيل الزراعية. وكثيرا ما ينسب إشعالها إلى فلول تنظيم داعش ما يحيل على أحد أكثر الأساليب الإرهابية إثارة للفزع بين سكّان المناطق الزراعية، واستعصاء عن الضبط والمحاصرة من قبل السلطات كون تلك الحوادث تجري في مناطق ريفية مفتوحة وخالية من الحضور الأمني.

وخلال السنوات التي تلت الحرب ضد التنظيم وجّه سكان بعض المناطق في شمال البلاد وغربها أصابع الاتهام إلى الميليشيات الشيعية التي دخلت مناطقهم بمناسبة مشاركتها في محاربة التنظيم بتعمد حرق محاصيلهم على خلفيات انتقام طائفي وأيضا لمنع استقرارهم في مناطقهم ودفعهم إلى الرحيل عنها في نطاق محاولات إحداث تغيير ديمغرافي فيها.

وإذ تعمّق ظاهرة الحرائق من هشاشة الأمن الغذائي في العراق الذي تراجع اعتماده على الإنتاج الزراعي المحلّي بشكل ملحوظ، فإنّها تؤثّر على النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكّان الكثير من المناطق، وتمنع استقرارهم في مناطقهم وخصوصا تلك الواقعة في شمال العراق وغربه والتي عانت خلال سنوات ماضية من حرب تنظيم داعش وتبعاتها الخطرة من نزوح جماعي وتدمير للبنى التحتية وتوقّف للكثير من الأنشطة الاقتصادية ترتّب عليها ضياع عدد كبير من موارد الرزق.

ويسوق البعض سببا آخر مختلفا تماما لاستشراء ظاهرة الحرائق في العراق وذلك بإثارة شبهة وجود دوافع على صلة بالفساد وراء حرق المحاصيل الزراعية حيث يتّهم البعض جهات متنفّدة بمنع البلد من تحقيق اكتفائه الذاتي من الحبوب، ودفعه إلى استيرادها بصفقات تشارك تلك الجهات نفسها في عقدها باستخدام نفوذها في أجهزة الدولة، ويشوبها فساد كبير، إذ كثيرا ما يتمّ تضخيم فواتير التوريد من خلال استيراد سلع غذائية بما في ذلك الحبوب ذات مواصفات متدنية وتالفة في بعض الأحيان على أساس أنّها سلع ممتازة وغالية الثمن. وقد تواتر خلال السنوات الأخيرة الإعلان عن ضبط السلطات لمواد غذائية وأخرى مستخدمة في صناعة الأغذية تالفة أو بمدد صلوحية ومزيفة.

ويستند مثيرو هذه الشبهة إلى تسجيل ارتفاع واضح في عدد حرائق حقول الحنطة خلال السنوات التي تعلن فيها السلطات نيتها تقليص الاعتماد على استيراد الحبوب وتحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق الإنتاج المحلي.

3