الموساد في قلب التنسيق عالي المستوى بين قطر وإسرائيل

تنقل وفد من الموساد إلى قطر يثير مخاوف أنصار حركة حماس من أن يكون اللقاء والمصافحة مقدمة لتطبيع معلن يقود إلى طرد الحركة من الدوحة.
الاثنين 2023/12/04
ثقة متبادلة

لندن- أظهرت حرب غزة جانبا من مستوى التنسيق العالي بين إسرائيل وقطر التي يبدو أنها مازالت تفضل الإبقاء على تطبيع العلاقات الثنائية خفيا، رغم التغيرات الإستراتيجية التي حدثت خلال السنوات الماضية بإعلان عدد من الدول العربية التطبيع مع تل أبيب.

وبينما حرصت قطر عبر الإعلام التابع لها على إظهار التواصل مع الإسرائيليين كأمر عادي فرضته الوساطة التي تقودها لوقف الحرب على غزة، يرى محللون أن التنسيق على مستوى أجهزة المخابرات وتنقل وفد من الموساد إلى الدوحة، بدلا من الخارجية الإسرائيلية، يعكسان عمق العلاقات ومدى الثقة المتبادلة بين الطرفين التي لا يمكن أن تكون قد تعززت خلال فترة الوساطة.

ورغم أنها كانت سبّاقة في إنشاء علاقات تجارية مباشرة مع إسرائيل سنة 1996، إلا أن قطر اختارت عدم التفاعل مع التغيرات الحاصلة في المنطقة، ولم يقتصر الأمر على مجرد الإبقاء على سرية علاقاتها بل تجاوزت ذلك لشن حملة عبر أذرعها الإعلامية -وخاصة قناة الجزيرة- بهدف شيطنة الدول المطبعة.

أيمن الرقب: إسرائيل لا يمكن  أن تقدم على  خسارة قطر
أيمن الرقب: إسرائيل لا يمكن  أن تقدم على  خسارة قطر

لكن المفارقة أن الموساد الذي يتنقل أفراده بشكل مكوكي بين الدوحة وتل أبيب، هو نفس الجهاز الذي أوكلت إليه الحكومة الإسرائيلية مهمة تصفية قيادات حماس التي يقيم زعيمها إسماعيل هنية ورئيس فريقها السياسي خارج فلسطين خالد مشعل في الدوحة.

وأعلن رئيس جهاز شين بيت (الأمن الداخلي) الإسرائيلي رونين بار، في تسجيل بثه راديو إسرائيل، أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ستستهدف قادة حماس في قطر وتركيا ولبنان.

ويعد الموساد بمثابة المؤسسة المركزية في منظومة الاستخبارات الإسرائيلية على المستوى الخارجي وتتجاوز مهامه جمع المعلومات وتنفيذ الاغتيالات إلى تطوير العلاقات بين إسرائيل والدول وتمتينها، وإقامة علاقات سرية تساعد على تأمين الدعم لها، وهو ما يشير إلى أن حرب غزة لم تكن سبب التواصل بين الطرفين، بل فقط أخرجت التعاون إلى العلن.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب إن “العلاقة بين قطر وإسرائيل بدأت بشكل علني في عام 1996 وتستمر دون عراقيل أو أزمات حتى الآن”، لافتا إلى أن إسرائيل تجد في قطر دولة مقبولة للتفاهم معها لأنها لا تملك قوة عسكرية تشكل خطرا عليها، وليست دولة حدودية وتبقى العلاقات معها في إطار المصالح والرغبات الأميركية، بما في ذلك ملف إدخال الأموال إلى قطاع غزة والذي جاء بترتيبات بين واشنطن وتل أبيب والدوحة.

وأثار ظهور جانب من تناغم العلاقات الإسرائيلية – القطرية مخاوف أنصار حماس خاصة بعد اللقاء الذي جمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ على هامش قمة المناخ في دبي.

ولم يخف هؤلاء خشيتهم من أن يكون اللقاء والمصافحة مقدمة لتطبيع معلن يقود في النهاية إلى طرد حركة حماس من الدوحة خلال الفترة القادمة.

ويرى الرقب في تصريح خاص لـ”العرب” أن إسرائيل “لا يمكن أن تقدم على خسارة قطر أو تنفيذ تهديدها بشأن اغتيال قادة حماس المقيمين في الدوحة، وتدرك أن قطر بمثابة مسهّل وميسّر لتوجهات واشنطن في المنطقة، وهو أمر سبق وأن صرح به الشيخ تميم عند توليه الحكم”.

محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: قطر ستواصل جهودها لتسهيل التوصل إلى هدنة أخرى ووقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة
محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: قطر ستواصل جهودها لتسهيل التوصل إلى هدنة أخرى ووقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة

وشدد على أن مغادرة الوفد الإسرائيلي ثم الإعلان عن عودته يشيان بأن هناك خلافات إسرائيلية بشأن كيفية التعامل مع الأوضاع الحالية في القطاع، وأن الإدارة الأميركية تضغط باتجاه عدم إحداث قطيعة نهائية حول عدم الاستمرار في المفاوضات التي قد تقود إلى إبرام هدنة جديدة وتنفيذ صفقة تبادل أسرى أو تتطرق إلى مفاوضات الحل النهائي ووقف الحرب من دون أن تنضج الرؤية بشأنها بشكل واضح، غير أن الاستهداف الإسرائيلي لمناطق الجنوب في قطاع غزة هدفه تحسين شروط المفاوضات.

وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت إعادة فريق الموساد من قطر بعد بلوغ المفاوضات مع الحركة “طريقا مسدودا”.

وقال مكتب نتنياهو في بيان “بعد بلوغ المفاوضات طريقا مسدودا… أمر رئيس الموساد ديفيد بارنياع فريقه الموجود في الدوحة بالعودة إلى إسرائيل”.

ورأى أن “حركة حماس الإرهابية لم تنفّذ التزاماتها بموجب الاتفاق الذي شمل الإفراج عن جميع الأطفال والنساء المختطفين وفقا للائحة أرسِلت إلى حماس وصادقت عليها”.

في المقابل لم تصدر أنباء عن وفد الاستخبارات القطري الذي يزور إسرائيل منذ نحو أسبوع، لكن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني تعهد الأحد بمواصلة الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وقال رئيس الوزراء القطري إن بلاده ستواصل جهودها لتسهيل التوصل إلى هدنة أخرى ووقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.

وصباح الجمعة انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة قطرية – مصرية – أميركية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، وتلاها تجديد القصف الإسرائيلي للقطاع.

 

اقرأ أيضا:

      • حسبنا الله على قطر وتركيا: الجزيرة تكتم الصوت الآخر في غزة

1