المودعون في لبنان يستأنفون حراكهم خشية خطط تستهدف شطب أموالهم

التخبط لا يزال يسيطر على كل القطاعات في البلد، معتبرًا أنه طالما الحل السياسي الداخلي غير موجود لا يمكن إعادة تسيير شؤون المواطنين على الأصعدة كافة.
الجمعة 2024/08/30
المودعون يتصدون لمناورات الحكومة

بيروت - نفذ عدد من المودعين تحركات احتجاجية الخميس في العاصمة بيروت وجبل لبنان، أمام عدد من المصارف للمطالبة بالحصول على ودائعهم، وسط مخاوف من خطط حكومية تستهدف شطب معظم الأموال المودعة.

وجاءت التحركات بدعوة من جمعية “صرخة المودعين”، وشارك فيها وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين والنائبان في البرلمان نجاة صليبا وملحم خلف، الذين أكدوا “تأييدهم لمطالب المودعين ووقوفهم إلى جانبهم”.

ورفع المعتصمون لافتات “ترفض أي قانون لا يعيد حقوق المودعين”، وتطالب بـ”محاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة”. ودعا المعتصمون كل مودع إلى “عدم البقاء في منزله متفرجا بل المشاركة في التظاهرات والاعتصامات لتحقيق المطالب المحقة والقانونية والشرعية”.

الخبير الاقتصادي لويس حبيقة يحذر من حالة ضبابية في القرارات التي تتخذ في الملف المالي، لافتًا إلى دور وزير المالية تجاه المواطنين ليبرر ويوضح سبب اتّخاذ القرارات المحتّمة

وكانت للمحتجين وقفة بمنطقة الدورة في جبل لبنان، حيث نفذوا احتجاجات أمام عدد من المصارف. وأضرم المعتصمون النار أمام مدخل البنك اللبناني – الفرنسي في منطقة الدورة وعمدوا إلى تكسير واجهات بعض المصارف.

ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية حادة منذ العام 2019 أدت إلى امتناع المصارف عن تسليم الودائع إلى المودعين. وطيلة السنوات الخمس الماضية لم يحصل المودعون سوى على وعود حكومية لم تجد طريقها إلى التنفيذ.

وأعد مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال نقولا نحّاس خطة لإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، وتضمنت تعديلات على النسخة المقدمة في فبراير الماضي، والتي لقيت رفضا قاطعا من جمعية المصارف، حيث عدتها سرقة موصوفة لأموال المودعين.

وتضمنت النسخة بنودا وصفت بالمجحفة، خصوصا أنها تعفي المصارف من المسؤولية وتضع شرط عدم تغيير ملكية البنوك بأي عملية من عمليات تملّك المودعين للأسهم، كما لم تتطرّق إلى الذين سددوا قروضهم بالشيكات المصرفية أو بالليرة اللبنانية ولم تحمّلهم مسؤولية إعادة هذه القروض بقيمتها الحقيقية.

وقال الخبير الاقتصادي منير يونس “إذا بقيت الإجراءات الواردة في النسخة المطروحة على حالها، فلن تكون البنوك ملزمة بسداد سوى مبلغ زهيد للمودعين يقل عن تسعة مليارات دولار نقدا على مدى 11 عاما، بينما يبلغ إجمالي الودائع 86 مليار دولار. يقتصر هذا السداد على الودائع الأكثر تواضعا، التي تتراوح بين 36 ألفا و100 ألف دولار. وفي الوقت نفسه يجب أن يقوم مصرف لبنان بسداد حصة معادلة للمودعين. بعبارة أخرى لن تمثل مساهمة البنوك سوى أقل من 10 في المئة من إجمالي الودائع، تاركة الجزء الأكبر من الجهد على عاتق عمليات ‘الهيركات’ سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى مساهمات ما من الدولة”.

لبنان يواجه أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة، ومنذ بداية الأزمة شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز 40 في بالمئة، وفقدت الليرة اللبنانية 98 في المئة من قيمتها

وفي سياق تخفيف الأعباء عن البنوك أشار يونس إلى أن الخطة تتضمن إلغاء فوائد بمبلغ 9.2 مليار دولار، وتحويل ودائع إلى أسهم مصرفية بقيمة 9.4 مليار دولار، وسداد ودائع من عائدات الأصول العامة بمبلغ 11.9 مليار دولار. كما ستصدر الدولة سندات صفرية من دون فوائد بقيمة 11.9 مليار دولار. إلى جانب ذلك سيتم تحويل ودائع بقيمة 21 مليار دولار إلى الليرة اللبنانية مع خصم كبير، وستتحمل الدولة كلفة ذلك أيضاً. وأخيراً، سيتم تصنيف ودائع بقيمة أربعة مليارات دولار على أنها مشبوهة، مع احتمال كبير ألا يتم سدادها.

وقال إن “غالبية المبالغ هي أرقام اسمية بحتة، قد تتعرض لتخفيضات مباشرة، أو تُستهلك عبر آليات وهندسات مالية مختلفة، أو تذوب جزئيا أو كليا بمرور الوقت بسبب فترات السداد التي تمتد بين 11 و30 عاما”.

وحذر الخبير الاقتصادي لويس حبيقة من حالة ضبابية في القرارات التي تتخذ في الملف المالي، لافتًا إلى دور وزير المالية تجاه المواطنين ليبرر ويوضح سبب اتّخاذ القرارات المحتّمة.

وأكد حبيقة، في حديث إلى صوت كل لبنان، أن لبنان بوضعه الحالي لا يستطيع رد الأموال للمودعين في غياب الإصلاح المصرفي، مشددا على أن تحرك المودعين اليوم ضروري، وقال إن الودائع أصبحت قليلة وبإمكان المصارف ردها.

ولفت إلى أن التخبط لا يزال يسيطر على كل القطاعات في البلد، معتبرًا أنه طالما الحل السياسي الداخلي غير موجود لا يمكن إعادة تسيير شؤون المواطنين على الأصعدة كافة.

وبين الفينة والأخرى تتكرر احتجاجات ضد المصارف تقابلها الحكومة بتجاهل. وبحسب صندوق النقد الدولي يواجه لبنان أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة، ومنذ بداية الأزمة شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز 40 في بالمئة، وفقدت الليرة اللبنانية 98 في المئة من قيمتها، وسجل التضخم معدلات غير مسبوقة.

2