الموت طرق بابنا: حكايات عن رعب المدنيين بالسودان

الأمم المتحدة تؤكد أن عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي وصل إلى أكثر من عشرين بالمئة وأن ما يقرب من 6.3 مليون شخص في مرحلة الطوارئ من مراحل الجوع الحاد.
الخميس 2023/08/03
المدنيون في السودان يواجهون القتل والتشريد والاغتصاب

الخرطوم - قالت منظّمة العفو الدوليّة الخميس إنّ المدنيّين يعيشون "رعبًا لا يُمكن تصوّره" في السودان، فيما ذكرت الأمم المتحدة أن عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في البلاد تضاعف حيث تدور مواجهات بين الجيش وقوّات الدعم السريع منذ 15 أبريل.

وتحدّثت المنظّمة في تقرير بعنوان "الموت طرَق بابنا" عن "تفشّي جرائم الحرب، مع مقتل مدنيّين في هجمات متعمّدة وعشوائيّة".

ويُركّز هذا التقرير على وقائع من الخرطوم وإقليم دارفور غربًا، ويستند إلى مقابلات مع 181 شخصًا في شرق تشاد، وعبر مكالمات عن بُعد.

وقالت الأمينة العامّة لمنظّمة العفو أنييس كالامار إنّ "المدنيّين في كلّ أنحاء السودان يعيشون يوميًّا رعبًا لا يمكن تصوّره في سياق صراع لا هوادة فيه بين قوّات الدعم السريع والجيش السوداني من أجل السيطرة على الأرض".

وأسفرت الحرب بين الجيش بقيادة عبدالفتّاح البرهان وقوّات الدّعم السريع بقيادة محمّد حمدان دقلو عن أكثر من 3900 قتيل حسب منظّمة أكليد غير الحكوميّة، فضلا عن نحو أربعة ملايين نازح ولاجئ حسب الأمم المتحدة.

وأضافت كالامار "ثمّة أشخاص يُقتلون في منازلهم أو خلال بحثهم اليائس عن طعام وماء ودواء. وهم يقعون في مرمى النيران أثناء فرارهم، وتُطلق النار عليهم عمدًا في خلال هجمات مُستهدفة".

وتابعت "تعرّضت عشرات النساء والفتيات، بعضهنّ لا تتجاوز أعمارهنّ 12 عامًا، للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي بأيدي متحاربين من الطرفَين. ليس هناك مكان آمن".

وقد استهدفت هجمات مستشفياتٍ وكنائس فيما باتت عمليّات النهب منهجيّة.

وأشارت المنظّمة إلى أنّ "الكثير من المرافق الصحّية والإنسانيّة دُمّر أو تضرّر في أنحاء البلاد"، وقالت إنّ "الهجمات المتعمّدة على العاملين في المجال الإنساني أو الأعيان الإنسانيّة، أو على المرافق الصحّية أو الوحدات الطبّية، ترقى إلى جرائم حرب".

ودعت منظّمة العفو مجلس الأمن الدولي إلى توسيع نطاق حظر الأسلحة المطبّق حاليًّا في دارفور ليشمل السودان بأسره، وضمان احترامه.

وقالت كالامار "يتوجّب على المجتمع الدولي أن يزيد في شكل كبير من الدعم الإنساني. ويتوجّب على البلدان المجاورة ضمان فتح حدودها أمام المدنيّين الباحثين عن الأمان".

وشدّدت على "وجوب أن تستخدم الدول التي لها نفوذ كبير على الأطراف المتحاربين، نفوذها لإنهاء الانتهاكات للحقوق الإنسانيّة".

وختمت المنظّمة بدعوة "مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية تحقيق ومساءلة مستقلّة يُكلَّف رصد الأدلّة على انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، وجمعها وحفظها".

إلى ذلك، كشفت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة في بيان الأربعاء عن أن " أكثر من 20.3 مليون شخص، يمثلون أكثر من 42 بالمئة من سكان البلاد، يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد".

وتابعت "بالمقارنة مع نتائج التحليل الأخير الذي تم إجراؤه في مايو 2022، تضاعف تقريبا عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد".

ووصفت المنظمة الأممية الوضع في السودان بأنه "حرج بلا شك"، خصوصا مع "ما يقرب من 6.3 مليون شخص في مرحلة الطوارئ من مراحل الجوع الحاد".

وأشارت الفاو إلى أن الولايات الأكثر تضررا "هي تلك التي تعاني من النزاع النشط، بما في ذلك الخرطوم وجنوب وغرب كردفان ووسط وشرق وجنوب وغرب دارفور، حيث يواجه أكثر من نصف السكان الجوع الحاد".

وفي ولاية شمال كردفان، تم إعلان حظر التجوال من قبل الوالي عبدالخالق عبداللطيف "اعتبارا من الأربعاء، من الساعة السابعة مساء وحتى الخامسة صباحا، إلا لضرورة ملحة".

ونقل بيان الأربعاء عن المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا عبدالحكيم الواعر "لقد كان للنزاع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي والتغذوي ورفاه ملايين الأشخاص. تواجه العائلات معاناة لا يمكن تصورها".

وأضاف "من الضروري أن تتدخل منظمة الأغذية والزراعة لدعم أكثر من مليون مزارع في هذا الموسم، لإنتاج ما يكفي من الغذاء للشعب السوداني".

وفي السودان الذي يعد من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي، يستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة دون جدوى، بالوصول إلى مناطق القتال، ويقولون إن السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تصدر تأشيرات دخول لعمال الإغاثة.

وأبرم طرفا النزاع أكثر من هدنة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، لكنها لم تصمد.