الموازنة العامة فرصة لاختبار نوايا المعارضة في الكويت

مخاوف من تحول جلسات نقاش الموازنة إلى استعراضات لغايات انتخابية.
السبت 2023/02/04
أمام فرصة للتدارك

تبدي أوساط نيابية في الكويت أسفها عما آلت إليه العلاقة بين رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، والمعارضة في مجلس الأمة، لكن التعبير عن الأسف يبقى غير كاف وأن هناك حاجة إلى إثبات حسن النوايا، وقد تكون مناقشة الموازنة العامة فرصة لتدارك ما حصل.

الكويت - تشكل الموازنة العامة، التي أحالتها حكومة تصريف الأعمال الكويتية إلى البرلمان، اختبارا حقيقيا لنوايا نواب المعارضة، بشأن التهدئة السياسية في البلاد.

وتشهد الكويت أزمة سياسية بفعل إصرار نواب المعارضة على تمرير جملة من مشاريع القوانين، التي وصفها خبراء اقتصاد بـ”الشعبوية” وتشكل عبئا ماليا ثقيلا على خزينة الدولة، فضلا عن عودة النواب إلى استخدام الاستجوابات كأداة ضغط إضافية على الحكومة.

وقد أجبر هذا التصعيد النيابي حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح على الاستقالة، التي وافقت عليها القيادة السياسية لاحقا، بانتظار تشكيل حكومة جديدة.

توقعات باتفاق جديد بين الشيخ أحمد النواف، الذي من المرتقب أن يجري تكليفه مجددا بتشكل الحكومة، وبين النواب

وقد أعرب عدد من نواب المعارضة عن أسفهم لما آلت إليه الأمور، لكن أوساطا سياسية في الكويت ترى أن التعبير عن الأسف غير كاف، وقد يكون عرض الموازنة العامة على مجلس الأمة فرصة حقيقية لاختبار النوايا والإصلاح.

وأحالت حكومة تصريف الأعمال الكويتية الخميس ميزانية العام 2023 - 2024 إلى البرلمان، إضافة إلى مرسوم بشأن احتياطي الأجيال القادمة.

ونص مشروع الموازنة في مادته الأولى على أن “الإيرادات بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2023 - 2024 تقدر بمبلغ 19 مليارا و462 مليونا و508 آلاف دينار كويتي (63 مليارا و755 مليونا و250 ألف دولار)”.

وقدر المشروع المصروفات بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2023 - 2024 بمبلغ 62 مليارا و278 مليونا و491 ألف دينار كويتي (86 مليارا و127 مليونا و911 ألف دولار أميركي).

كما أحالت الحكومة المرسوم رقم 16 لسنة 2023 لاسترداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن احتياطي الأجيال القادمة (السحب من الأجيال) والسابقة إحالته إلى مجلس الأمة بالمرسوم رقم 16 لسنة 2021.

وكانت الحكومة الكويتية قالت الثلاثاء الماضي إن الموازنة الجديدة “غير اعتيادية”، لكونها محمّلة بمصروفات غير متكررة واستحقاقات متراكمة منذ سنوات سابقة.

وأوضحت وزارة المالية أن العجز الذي يقدر بخمسة مليارات دولار تم وضعه على أساس 70 دولارا لبرميل النفط، وهو أقل من متوسط السعر الحالي للبرميل بـ10 دولارات.

ويمثل القطاع النفطي 88 في المئة من الإيرادات، فيما تستحوذ المرتبات والدعم الحكومي على 80 في المئة من المصاريف.

ويتشكك مراقبون في أن يتعاطى النواب بإيجابية مع الموازنة المقترحة، حيث سيحرص البعض منهم على استغلال المناقشات بشأنها للدعاية الانتخابية، خصوصا وأن هناك شكوكا متزايدة بإمكانية حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة.

ويشير المراقبون إلى أن الأمر يبقى رهين المباحثات الجارية خلف الكواليس، والتي قد تفضي إلى اتفاق جديد بين رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف، الذي من المتوقع على نحو بعيد أن يجري تكليفه مجددا بتشكل الحكومة، وبين النواب.

ويلفت المراقبون إلى أن ذلك لن يجري قبل حسم المحكمة الدستورية قرارها بشأن الطعون المقدمة في الانتخابات الأخيرة التي جرت في سبتمبر الماضي.

خطوة جديدة لتجاوز كل الخلافات
خطوة جديدة لتجاوز كل الخلافات

وكانت مصادر نيابية كشفت عن وجود أسف لدى نواب المعارضة حيال ما آلت إليه العلاقة مع الشيخ أحمد النواف، معربين عن أملهم في تجاوز ذلك.

ونقلت صحيفة “الرأي” المحلية عن المصادر قولها “من غير المنطقي تقديم الحكومة استقالتها لأن أحد النواب قدم استجوابا، أو نائبا آخر قدم اقتراحا بقانون فيه كلفة مالية، ومن المفترض الاحتكام إلى قاعة عبدالله السالم، وليس شرطا أن هناك غالبية تؤيد ما يذهب إليه بعض النواب”.

وتحدثت المصادر عقب لقاء جمع النواب حسن جوهر ومرزوق الحبيني ومهلهل المضف وسعود العصفور، برئيس مجلس الأمة أحمد السعدون.

وذكرت أن “النواب طلبوا من الحكومة الجديدة تحويل برنامجها الذي أحالته إلى المجلس إلى مشاريع بقوانين، وتوزيعها على اللجان البرلمانية المختصة”.

وأضافت المصادر أن “النواب شددوا على إيمانهم بالنوايا الإصلاحية التي يحملها رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، لكن يجب تدعيمها بأفعال تبرهن على رغبة رئيس الوزراء بالسير وفق مسار إصلاحي واضح، يهدف إلى اجتثاث الفساد الذي طال مؤسسات الدولة برمتها خلال السنوات الماضية”.

ولفتت إلى أن هناك تباينا بين النواب حول جلسة تمرير بعض الملفات، حيث يرى البعض أن الجلسات الخاصة تعقد لأمر ملح لا يقبل التأجيل، ويكون ذلك بعد قبول استقالة الحكومة وتكليفها بتصريف العاجل من الأمور.

عدد من نواب المعارضة أعربوا عن أسفهم لما آلت إليه الأمور، لكن أوساطا سياسية في الكويت ترى أن التعبير عن الأسف غير كاف

وكان أن أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الصباح، أصدر في يناير الماضي أمرا بقبول استقالة حكومة الشيخ أحمد النواف، وتكليفه والوزراء بتصريف العاجل من الأمور، وهي ثاني استقالة للحكومة خلال ستة أشهر.

وعادت الخلافات مجددا بين الحكومة والبرلمان بعد أكثر من ثلاثة أشهر على انتخاب مجلس الأمة الجديد، وأداء الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ أحمد النواف، اليمين الدستورية.

وتصاعد الخلاف بين السلطتين بعد مطالبة النواب بتمرير عدد من القوانين، خاصة المالية منها، والتي يعارضها مجلس الوزراء ويريد تأجيلها.

وكانت جلسة العاشر من يناير شهدت مناقشة العديد من القوانين المدرجة على أعمالها، أبرزها سداد القروض من الاحتياطي العام للدولة، وسدادها عن طريق اقتراض الدولة بفائدة قدرها 5 في المئة على إجمالي القروض، والتي تسببت في مغادرة وزراء للجلسة وتعليق جلسة البرلمان.

وجاءت الأزمة المستجدة لتنضاف إلى سلسلة من الأزمات السياسية التي عايشتها الكويت خلال السنوات الماضية، والتي أدت إلى الإطاحة بالعديد من الحكومات، وحل البرلمان في أكثر من مناسبة.

ويرى متابعون أن جوهر الأزمة في الكويت يتجاوز مجرد خلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بل هو أزمة نظام، وأن هناك حاجة اليوم إلى تعديلات دستورية، لاسيما في علاقة بتشكيل الحكومات وأيضا بصلاحيات مجلس الأمة.

3