المهمة المستحيلة: مواجهة طولكرم تكشف صعوبة التنسيق بين السلطة وحماس

التصعيد من جانب حماس في طولكرم يظهر أن اتفاق بكين كان مجرد واجهة لربح الوقت بالنسبة إليها وليس فرصة للمصالحة.
الأحد 2024/07/28
تفاهمات عديدة تنتهي بسرعة

رام الله- أكدت المؤسسة الأمنية الفلسطينية السبت أن مبدأ سيادة القانون وتطبيقه يجب أن يسود مهما كانت الظروف، ردا على قيام حركتي حماس والجهاد بإخراج أحد المقاتلين بالقوة كانت تحاصره قوات تابعة للسلطة الفلسطينية في مستشفى بطولكرم.

وحملت الحادثة إشارة قوية على استحالة التنسيق بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية كما أوحى بذلك اتفاق بكين الذي وقّعت عليه مختلف الفصائل بما في ذلك حماس وفتح.

وفي أول حادث عرضي وجدت السلطة والفصائل نفسيهما أمام وضع معقد كان يمكن أن يتطور إلى اشتباكات مسلحة. لكن اللافت أن القوات التابعة للسلطة الفلسطينية هي من تنازلت وقبلت أن تبدو في موقع ضعيف في ما بدت حماس والجهاد أقوى من السلطة وأنهما تخططان للسيطرة على مناطق سيطرتها تحت مظلة المقاومة والقطيعة مع العدو.

◄ محمود عباس يريد استغلال ضعف حماس وحاجتها إلى صيغة فلسطينية لإخراجها من الأزمة
محمود عباس يريد استغلال ضعف حماس وحاجتها إلى صيغة فلسطينية لإخراجها من الأزمة

وأعاد التحشيد بين الطرفين واللجوء إلى القوة لحل خلاف كان يفترض أن يجد طريق التسوية بيسر وهدوء مناخ ما جرى في غزة في 2007، وأن الفصائل لا تجد من وسيلة لحل الخلافات سوى بالسلاح.

ودعت حماس والجهاد إلى النفير العام وفك الحصار عن قائد الكتيبة محمد جابر أبوشجاع الذي حاصرته السلطة في مستشفى ثابت ثابت في طولكرم، وهو ما وضع القوات الفلسطينية في مواجهة العشرات من المدنيين، ما اضطرها إلى التنازل عن قرارها بتوقيف أبوشجاع.

ورغم تراجع السلطة تحت غطاء الحفاظ على الوحدة في مواجهة الاحتلال، وإعطاء الفرصة لإنجاح اتفاق بكين الذي لم يمر عليه سوى أيام قليلة، إلا أن حماس لم تراع ذلك وردت بقوة وحمّلت السلطة مسؤولية التصعيد.

وقالت الحركة في بيان إن “سلوك الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين واعتقالهم ومصادرة سلاحهم والتي كان آخرها محاصرة المجاهد أبوشجاع، وصل إلى أخطر مراحله، وعلى الكل الوطني الفلسطيني أن يتداعى إلى استنكار هذه السلوكيات وإدانتها والعمل بحزم لوقفها”.

ودعت قيادة السلطة إلى “لجم الأجهزة الأمنية عن ملاحقة المقاومة والمطاردين للاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة، والإفراج عن المقاومين المعتقلين في سجونها، وتسخير سلاحها لحماية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى الإبادة الجماعية”.

في مقابل ذلك، بدا خطاب القوات التابعة للسلطة أكثر هدوءا وتغليبا للمصلحة، وإن كان يخفي وعيدا وتهديدا بالرد.

وقالت المؤسسة الأمنية، في بيان لها، إن الموقف أمام مستشفى الشهيد ثابت ثابت كان عملا معتادا بتواجد قوة أمنية لحفظ الأمن في المنطقة.

وشددت على أن “مسؤوليتها في القيام بواجباتها على أكمل وجه، ولن تتراجع عن ملاحقة كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن المواطن أو أخذ القانون باليد، ولن تسمح بنشر الفوضى والفلتان في الشارع الفلسطيني”، داعية الجميع إلى الوقوف بـ”حزم في وجه مثيري الفتن والقلاقل”.

◄ رغم تراجع السلطة تحت إعطاء الفرصة لإنجاح اتفاق بكين إلا أن حماس ردت بقوة وحمّلت السلطة مسؤولية التصعيد
رغم تراجع السلطة تحت إعطاء الفرصة لإنجاح اتفاق بكين إلا أن حماس ردت بقوة وحمّلت السلطة مسؤولية التصعيد

ويرى مراقبون أن التصعيد الكلامي من جانب حماس يظهر أن اتفاق بكين كان مجرد واجهة لربح الوقت بالنسبة إليها، وأن انسحابها إلى الواجهة الخلفية، كما يوحي بذلك الاتفاق، لم يكن ناجما عن مراجعة لتجربتها وإنما هو مناورة لربح الوقت.

ويريد الرئيس محمود عباس استغلال ضعف حماس وحاجتها إلى صيغة فلسطينية لإخراجها من الأزمة، لذلك قدم سلطته كواجهة لحكم الضفة وغزة والإشراف على إعادة الإعمار والتمهيد لانتخابات عامة. في المقابل تريد حماس الاحتماء بفتح مؤقتا إلى حين اجتياز مرحلة الضغوط قبل الانقلاب عليها ثانية إن استدعى الأمر.

لكن الغطاء الذي يريد عباس أن يوفره لحماس مقابل استرجاع سلطته على كامل الأراضي الفلسطينية لن تقبل به إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة، ما يجعل إعلان بكين مجرد نوايا سياسية ليس أكثر. وعلى الفور ردت إسرائيل بمهاجمة الرئيس محمود عباس لتوقيعه اتفاقا مع حماس التي توعدت تل أبيب مجددا بـ”سحقها”.

وجاء في إعلان بكين أن الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر المشاركة في اجتماع بكين اتفقت على “تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس (عباس) بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس الحكومة المشكلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة”.

ونص الإعلان على أن “تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد”.

1