المهرجان الدولي ملحونيات يحيي ذكرى عبدالمجيد رحيمي

أزمور (المغرب) - اختتمت، السبت، فعاليات الدورة الحادية عشرة للمهرجان الدولي “ملحونيات” التي انعقدت تحت شعار “دورة الوفاء والاعتراف” بساحة “أبراهام مول نيس” بأزمور.
وحسب المنظمين، فإن هذه الدورة التي تروم ترسيخ ثقافة الوفاء والاعتراف، تحمل اسم الراحل عبدالمجيد رحيمي، أحد رواد الملحون بأزمور الذي وافته المنية في 2 مارس 2023، مبرزين أن الفقيد كان فنانا استثنائيا، مشبعا بقيم الإنسانية والمواطنة، كما كان هرما من أهرامات الملحون ليس فقط بمدينة مولاي بوشعيب الرداد، ولكن بكل ربوع المغرب.
الراحل رحيمي كان رئيس الفرقة الموسيقية السابق لمهرجان أزمور “ملحونيات أزمور” وملقب بـ”شيخ الملحون”. واستثمر كل ما هو مادي وروحي لعقود من الزمن من أجل تعزيز وإنجاح الأنشطة الثقافية والفنية التي تنظم بمدينة أزمور.
وأكد عبداللطيف البيدوري رئيس الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، أن دورة هذه السنة تنظم بمبادرة من الجمعية، وبدعم من مؤسسة المجمع الشريف للفوسفات، وبتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجماعة أزمور، والمجلس الإقليمي للجديدة وجهة الدار البيضاء – سطات.
وأبرز أن هذه الدورة التي تصادف احتفالات الشعب المغربي بالذكرى الرابعة والعشرين لاعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس العرش، تروم بالأساس تكريس ثقافة التسامح والقيم الإنسانية النبيلة.
وأضاف أن برنامج هذه السنة يجمع بين الفائدة والمتعة، من خلال حضور الأغنية الحسانية ممثلة بالفنان مصطفى الكمراني، وكذلك من خلال إبداعات اليهود المغاربة في فن “الشكوري” الذي يعززه الحضور المتميز للفنان ميشال أبيتان.
وكان البيدوري قد أوضح أنه بالنظر إلى الأجواء الاحتفالية الذي طبعت الأمسية الافتتاحية للمهرجان فإن عشاق ومحبي هذا الفن الأصيل “يتمكنون من الاستمتاع بمختارات من فن الملحون والاحتفاء بتاريخ وغنى هذا التراث مع أهم رواده”.
وقد اختتم المهرجان بليلة لقبت بـ”ليلة بهجة لسرار” أثثها جوق منتخب من أمهر عازفي الملحون برئاسة الأستاذ محمد الوالي وشارك فيها فنانون من مكناس وأرفود وأزمور.
كما تألق خلال الأمسية الافتتاحية فن الملحون من خلال أوركسترا متميزة مؤلفة من موسيقيين بارزين مثل الشيخ حمزة بوخليفي والفنان أحمد بدناوي والمنشد عبدالله المخطوبي الذين تناغمت أصواتهم الشجية بشكل متميز مع هذا الفن الأصيل، كل ذلك تحت إشراف الفنان الكبير محمد الوالي.
واستقبل المهرجان هذه السنة الفنانة الإسبانية الاستثنائية مارتا لا لوناريس التي كانت ضمن نجوم ليلة افتتاح مهرجان ملحونيات بأزمور. وكانت المغنية وراقصة الفلامنغو المرفوقة بأوركسترا مغربية – إسبانية في الموعد، حيث تمكنت من أسر الجمهور بلوحاتها الراقصة المتميزة.
وتميزت السهرة الافتتاحية للمهرجان بتسليم جوائز رمزية من قبل الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية لعدة فعاليات منها على الخصوص المجمع الشريف للفوسفات باعتباره الراعي الرسمي للمهرجان الدولي ملحونيات منذ نشأته في 2011، وكذلك لمعاد الجامعي بصفته أحد المؤسسين الرئيسيين لهذه التظاهرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية تستحضر في هذه النسخة كل من وضعوا اللبنة الأولى لهذا المهرجان المتميز قبل 11 سنة، حتى أضحى شامخا برجع صدى قوي على ضفتي نهر أم الربيع وبساحة أبراهام مول نيس التي تكتسي رمزية كبيرة في تاريخ المغرب المنفتح والمتعايش مع كل الديانات، لذلك تضرب إدارة المهرجان موعدا لجماهيرها مع ليالي وفاء الشيوخ وسماع وحضرة الملحون بأحلى الكلمات وأعذب الإنشاد مع نجوم بصموا على حضور رائع.
ويأتي “ملحونيات أزمور” بدوراته السنوية ليكون جسرا قويا لخلق ترابط متواصل لهذا الفن الذي حجز لنفسه بمرور السنين مساحة كبيرة بربوع المغرب العربي.
أما مدينة أزمور، فعرفت فن الملحون منذ زمن طويل حيث تعتبر مركزا من أهم المراكز التي ساهمت في إغناء تراث الملحون المغربي بمجموعة مهمة من الأشعار خلفها شعراء يعتبرون من أعمدة الشعر الملحون كالشاعر أحمد بنرقية، ومحمد بن مسعود والمختار بلمطحن والمكي واجو، وإسماعيل الشوفاني وإدريس ولد لبصير. وكانت قصائد هؤلاء الرواد متميزة وتعبر عن الحياة اليومية للإنسان الأزموري والمغربي في تفاعله مع المجتمع والطبيعة وكانت متنفسا لما يختلج في صدورهم من مشاعر، وبمرور الزمن تحول الملحون من مجرد شعر وأدب إلى ثقافة تؤطر وتجمع وتحمس كل فئات المجتمع.