المنطقة العربية تفرض نفسها على خارطة التغطية الإخبارية العالمية

تستعد وكالة أسوشيتد برس ووكالة الأنباء الألمانية لإطلاق خدمة إخبارية لتوزيع القصص من الوكالتين باللغة العربية. وتعد الخدمة أحدث توسع لوكالات الأنباء في الشرق الأوسط، ما يعكس الأهمية المتزايدة للمنطقة في التغطية الإخبارية العالمية.
واشنطن - ستطلق وكالة أسوشيتد برس ووكالة الأنباء الألمانية (Deutsche Press – Agentur) خدمة إخبارية لتوزيع القصص من الوكالتين باللغة العربية.
وستقوم خدمة الأخبار العربية العالمية، التي من المقرر أن تنطلق في 15 أكتوبر الحالي، بتقديم أكثر من 200 قصة يوميا من الوكالات، تغطي الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم.
وقالت ديزي فيراسينغهام، رئيسة وكالة أسوشيتد برس والرئيسة التنفيذية لها، “تتمتع وكالة أسوشيتد برس ووكالة الأنباء الألمانية بعلاقة طويلة الأمد ومهمة ترتكز على التزام مشترك بالصحافة القائمة على الحقائق”.
وتابعت “هذه الخدمة المبتكرة هي خطوة مهمة نحو خدمة هذه المنطقة المؤثرة والمتنامية بشكل متزايد من خلال تقارير مستقلة ودقيقة وغير حزبية على نطاق أوسع”. ووكالة أسوشيتد برس هي منظمة إخبارية عالمية مستقلة مكرسة للتقارير الواقعية. تأسست عام 1846، وتعتبر الوكالة نفسها اليوم “المصدر الأكثر ثقة للأخبار السريعة والدقيقة وغير المتحيزة بجميع الأشكال والمزود الأساسي للتكنولوجيا والخدمات الحيوية لصناعة الأخبار”. ووفق بيانات صادرة عن الوكالة “يرى أكثر من نصف سكان العالم صحافة وكالة أسوشيتد برس كل يوم”.
من جانبها تأسست وكالة الأنباء الألمانية في عام 1949 وهي واحدة من وكالات الأنباء المستقلة الرائدة في العالم. تزود الوكالة المجموعات الإعلامية والشركات والمنظمات بالمحتوى التحريري. ويشمل ذلك النصوص والصور ومقاطع الفيديو والرسومات والتقارير الإذاعية وغيرها من الأشكال. وباعتبارها وكالة نشطة دوليًا تقدم وكالة الأنباء الألمانية تقاريرها بسبع لغات. ويعمل ما يقرب من 1000 صحافي من حوالي 140 موقعًا في ألمانيا والخارج. ويبلغ عدد المساهمين في الوكالة الألمانية حوالي 170 شركة إعلامية ألمانية. ويعمل فريق التحرير في الوكالة، وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في النظام الأساسي للوكالة، بشكل مستقل عن وجهات النظر العالمية أو الشركات التجارية أو الحكومات. ويقع المكتب التحريري المركزي، الذي يرأسه رئيس التحرير سفين جوزمان، في برلين. ويوجد مجلس الإدارة، الذي يرأسه الرئيس التنفيذي بيتر كروبش، في المقر الرئيسي للشركة في هامبورغ.
ويقول محللون إن القرار نابع من الحرب على غزة التي بدأت العام الماضي والتي تهدد بالتوسع إقليميا. وتزيد هذه الأحداث الساخنة من مسؤولية وكالات الأنباء عن تغطية ما يجري على الأرض ومتابعة الحدث أولا بأول وبدقة وموضوعية، إضافة إلى مراعاة سرعة وصول المعلومة إلى المتلقي مع تقصي الحقائق، في مهمة تبدو عسيرة بوجود المواطن الصحافي.
وقال بيتر كروبش، الرئيس التنفيذي لوكالة الأنباء الألمانية، “إن حقيقة أننا نعمل على توسيع وتعميق تعاوننا الطويل الأمد والجيد مع وكالة أسوشيتد برس من خلال هذه الخدمة الجديدة هي إشارة مهمة إلى السوق العربية. تتعاون وكالتان مستقلتان رائدتان لتقديم خدمة جديدة تؤكد على نقاط القوة لدى الشريكين”.
وتهدف أسوشيتد برس إلى استغلال شبكة المراسلين لدى الوكالة الألمانية.
وقال رئيس تحرير الوكالة الألمانية سفين جوزمان إن الشراكة تعتمد على “جذور وكالة الأنباء الألمانية القوية وشبكة المراسلين الواسعة” في المنطقة، وأضاف “نريد بالتعاون مع وكالة أسوشيتد برس تعزيز هذا الموقف وتوسيعه صحفيّا”.
القرار نابع من الحرب على غزة التي بدأت العام الماضي والتي تهدد بالتوسع إقليميا
وتُعد هذه الخدمة أحدث توسع لوكالات الأنباء في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للمنطقة في التغطية الإخبارية العالمية.
وأطلقت منصة سيمافور الأميركية خدمة الخليج في سبتمبر لتغطية الدور المتزايد الذي تلعبه المنطقة في تشكيل الاتجاهات المالية والتجارية والجيوسياسية العالمية. وتشمل تغطيتها الإقليمية أيضًا التطورات الثقافية وفرص الاستثمار وأخبار البنية التحتية وقضايا المناخ والتقدم التكنولوجي في دول الخليج.
وفي ظل “تخلف” الوكالات العربية عن الركب في مقابل تميز بعض الفضائيات العربية في نقل الخبر، تجد الوكالات العالمية موطئ قدم في المنطقة العربية دون منافسة. وفي الواقع بعضها ينافس البعض الآخر دون أي تأثير عربي.
ويتعرض الإعلام العربي الرسمي ممثلا في وكالات الأنباء خاصة، باعتبارها المصدر الرسمي للأخبار حتى أنه يطلق عليها في البلدان العربية صفة “الرسمية” كناية عن نقلها وجهة نظر النظام، للكثير من النقد، أغلبه محق، خاصة مع عدم بث صورة واقعية عن بلدانها والاكتفاء بنشاطات المسؤولين وتجاهل قضايا داخلية حساسة.
بعض القائمين على الإعلام العربي الرسمي يعتقدون أن عليهم أن يقوموا بتقديم “صورة إيجابية للقضايا العربية والشخصية العربية
وهناك نقد لأولويات هذا الإعلام، التي تُعطي المساحة الرئيسية والواسعة للقضايا الهامشية على حساب القضايا الملحة، إذ تُترك القضايا الجدية والجوهرية والحاسمة في الهامش أو تحجب في الظلام، وهذا في نهاية المطاف يشكل نوعا من أنواع التبعية للسلطة السياسية.
وتتم التغطيات الصحفية لبعض وكالات الإعلام العربية بطريقة سطحية، وتبتعد عن كافة الضوابط المهنية التي ترعى عملية نقل ونشر المعلومات وشرحها وتحليلها بما يخدم المصلحة العامة.
كما يغلب على أسلوب الخطاب الإعلامي في بعض وكالات الأنباء العربية الطابع الدعائي، إضافة إلى أنماط كتابة تميل إلى المبالغة والإثارة والمعالجة الجزئية للقضايا والأحداث.
ويقول مراقبون إن بعض القائمين على الإعلام العربي الرسمي يعتقدون أن عليهم أن يقوموا بتقديم “صورة إيجابية للقضايا العربية والشخصية العربية، وأن يرسموا الصورة الجذابة للعالم العربي في مواجهة الصورة النمطية السلبية والمشوهة التي يبثها الإعلام الغربي عن الإنسان والعالم العربيين”.
وكانت النتيجة الفشل في استقطاب الجمهور، وهو ما جعل المواطن العربي يثق بوسائل الإعلام الخارجية للحصول على المعلومات والتحليل.
من هنا يفهم سبب ممارسة وكالات الأنباء الغربية تأثيرها على الإعلام العربي، وذلك لعدم تمكن الدول العربية من إنشاء وكالة أنباء عربية تضاهي الوكالات الخمس التي تسيطر على مصادر المعلومات في العالم. وقد نجحت تركيا مثلا في إنشاء وكالتها الخاصة ونشر وجهة نظرها في العالم.
ويتساءل محللون كيف يمكن للإعلام العربي أن يلبي احتياجات المتلقي؟ كيف يمكن له أن يمتلك القدرة على منافسة الإعلام الغربي؟ هل الإشكالية فعلاً تتعلق بهامش الحرية والمادة والطريقة السطحية في التعامل مع الأحداث؟ أم أن هناك قضايا أخرى يجب إيلاؤها الأهمية التي تستحق؟