المنطقة العربية أمام حتمية تسريع إيقاع استثمارات التكنولوجيا لتحفيز النمو

انفتاح الأسواق أكثر مُحدّد رئيسي لزيادة المنافسة في القطاع.
الجمعة 2022/03/18
إتمام معاملتك لا يتطلب سوى كمبيوتر وشبكة واي فاي

يتفق الكثير من الخبراء على أن حكومات المنطقة العربية لا تزال تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود على كافة المستويات لزيادة إيقاع استثماراتها في التكنولوجيا، بهدف تحفيز نمو اقتصاداتها من خلال تطوير قطاع الأعمال والخدمات المالية ومواجهة معضلة البطالة وجعل الناس أكثر اقتناعا بجدوى استخدامها.

واشنطن – أكد خبراء البنك الدولي أن الاقتصادات العربية بحاجة ماسّة إلى تسريع إيقاع الاستثمارات المرتبطة بالابتكار في التكنولوجيا، حتى تتمكن من تدارك الاقتصادات المتقدمة على الرغم من بروز اهتمام كبير من البعض من الحكومات بتنمية هذا القطاع.

ومن المتوقع أن تساهم الجهود المبذولة على المستويات الحكومية والخاصة، وذلك بوضع أطر وقوانين محفزة أو إيجاد المزيد من الاستثمارات في الشركات الناشئة، في إيجاد نوعية جديدة من المستثمرين والمبادرين في مجال التكنولوجيا.

كما أن تنمية استثمارات القطاع ستعمل على تشكيل أحد العوامل التي ستردم الهوة بين بطالة الشباب والتفاوت في المستوى الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة العربية.

ورغم تحسن حجم الاستثمارات في هذا المجال خلال العام الماضي والتي تجاوزت الملياري دولار في الأسواق العربية قياسا بحوالي 1.2 مليار دولار خلال عامي 2019 و2020، إلا أن هذا الرقم لا يزال بعيدا عن المساهمة في خطط
التنمية.

ورصد البنك الدولي في دراسة حديثة بعنوان “إيجابيات الرقمنة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: كيف يمكن أن يؤدي اعتماد التكنولوجيا الرقمية إلى تسريع وتيرة النمو وخلق فرص العمل”، عوامل بطء الاستثمار في التكنولوجيا وكذلك عدم جنوح الناس إلى التعامل بالخدمات المالية الرقمية.

وذكر خبراء البنك في تقرير نشرته المؤسسة المالية الدولية على منصتها الإلكترونية، أن بلدان المنطقة يمكنها تحقيق منافع اجتماعية واقتصادية هائلة سنويا من استغلال التكنولوجيا.

وأكدوا أن الاستثمار أكثر في توظيف التقنيات التكنولوجية في كافة مظاهر الحياة الاقتصادية أحد الأسباب الرئيسية لتعزيز النمو كونها تساعد على خفض التكاليف بشكل كبير، وهو ما أظهرته تجربة جائحة كورونا خلال العامين الماضيين.

وقال نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بالحاج إن “المكاسب التي تتحقق من زيادة التحول إلى اقتصاد رقمي هائلة، وينبغي على الحكومات أن تفعل كل ما في وسعها لإزالة الحواجز التي تحول دون هذا التحول”.

وما يلفت الانتباه أنه رغم أن نصيب الفرد العربي من استخدام الشبكات الاجتماعية يتفوق على نظرائه في البعض من المناطق حول العالم، فإن استخدام أنظمة الدفع الرقمي يقل عن أداء تلك البلدان قياسا بمساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد في المنطقة.

ووفق بيانات البنك يستخدم قرابة 66 في المئة من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإنترنت، في حين لا يستخدمها سوى 61 في المئة في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، وبنسبة 54 في المئة في شرق آسيا والمحيط الهادئ.

وبحسب معدّي التقرير فإنه ثمة مفارقة في استخدام التكنولوجيا في المنطقة، إذ مهما كانت أسباب بطء نمو الاقتصاد الرقمي فإن الأمر لا يقتصر على عدم كفاية تغطية البنية التحتية أو بطء سرعة تدفق الإنترنت أو عدم كفاية إمكانية الاتصال بالشبكة.

وأشاروا إلى أن الرقمنة الكاملة للاقتصاد يمكن أن ترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة لا تقل عن 46 في المئة على مدى ثلاثة عقود مقبلة أو من حيث مكاسب طويلة الأجل لا تقل عن 1.6 تريليون دولار.

فريد بالحاج: على الحكومات إزالة كافة الحواجز لدعم مكاسب الرقمنة

وتظهر التقديرات الواردة في تقرير البنك أنه خلال السنة الأولى فقط يمكن أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة العربية إلى 300 مليار دولار.

كما أنه سيؤدي إلى مضاعفة معدل مشاركة المرأة في سوق العمل بنحو 20 نقطة مئوية، لتصل إلى ثمانين مليون امرأة بحلول 2050 قياسا بنحو 40 مليونا حاليا.

وفضلا عن ذلك ستزيد فرص العمل في شركات الصناعات التحويلية في المنطقة بنسبة خمسة في المئة على الأقل، أي ما يعادل 1.5 مليون فرصة عمل خلال العقود الثلاثة المقبلة و50 ألف فرصة عمل إضافية في الصناعات التحويلية في المتوسط سنويا.

وتتضمن اللوائح التنظيمية للسياسات التي اقترحها التقرير فتح سوق الاتصالات في المنطقة لزيادة المنافسة، وهو ما يمكن أن يساعد على رفع معدل إتاحة واستخدام المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول والمدفوعات الرقمية مع تحقيق فائدة إضافية.

ويبدو الافتقار إلى الثقة المجتمعية في المؤسسات الحكومية علاوة على اللوائح التنظيمية التي تجعل التحول الرقمي أكثر صعوبة، من بين أسباب التحفظ في استخدام التكنولوجيا وخاصة في المعاملات المالية.

وتؤكد الإحصائيات التي نشرها البنك إلى أن نسبة استخدام المدفوعات الرقمية في البلدان العربية باستثناء دول الخليج العربي الست، يصل إلى حوالي 32 في المئة مقابل نحو 43 في المئة في دول أميركا الجنوبية والبحر الكاريبي.

وخلال العام الماضي اعتبر خبراء معهد ميلكين وهو مركز أبحاث متخصص في التكنولوجيا، أن القطاع يشهد ازدهارا في الشرق الأوسط وخاصة على مستوى الخدمات المالية المتعلقة بالرقمنة.

ويقدر المعهد بأن نحو 465 شركة تمويل تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في المنطقة ستدر أكثر من ملياري دولار خلال العام الجاري، مقابل ثلاثين شركة في عام 2017 وما يقرب من 80 مليون دولار.

وبحسب شركة أس.أند.بي الاستشارية في تقرير نشرته في 2019، فإن هذا النمو سيتزايد خصوصا في دول الخليج العربي حيث يرتفع طلب الزبائن على الخدمات المصرفية الرقمية.

10