المنصات الرقمية المنافسة للراديو تمنحه فرصة الانتعاش مجددا

أظهرت الإحصائيات الحديثة أن عدد المستمعين للإذاعة يستمر في الارتفاع بالتزامن مع تطور تقنيات مقاطع الصوت الذكية، فزيادة اعتماد شركات التكنولوجيا الذكية، مثل “إيكو” و”غوغل هوم”، تساهم في تغيير طبيعة الراديو من خلال الوصول إلى جماهير جديدة وتكريس عادات الاستماع.
الأربعاء 2017/07/05
الصوت الخافت يرتفع

واشنطن - ساهم تطور التقنيات التكنولوجية، وثورة أدوات استماع المقاطع الصوتية الرقمية، ودورة الأخبار المتسارعة، في انتعاش الإذاعة مجددا، وزيادة الإقبال على برامج البث الخاصة، وفق ما أكد غارل موهن الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة العامة الأميركية.

ويتوقع موهن أن تمنح المقاطع الصوتية الرقمية الفرصة لانطلاق عصر الصوت الذهبي، مع زيادة في شعبية الأجهزة التي تعمل بالصوت والتي تجعل الإذاعة العامة أكثر قبولا لدى الناس، بحسب ما ذكر شانون بوند ونيك فيلدز في تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ويرى موهن أن زيادة اعتماد شركات التكنولوجيا الذكية، مثل “إيكو” من “أمازون” و”غوغل هوم”، ستعمل على تغيير طبيعة الراديو من خلال الوصول إلى جماهير جديدة وتكريس عادات الاستماع.

ويقول موهن الذي تسلم رئاسة الإذاعة منذ عام 2014 “حوالي 30 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما ليس لديهم جهاز راديو في المنزل. وبالنسبة إلى مخططاتنا الاستراتيجية لا يعتبر هذا أمرا جيدا.

ويضيف أن شركات التكنولوجيا لا توفر فقط منصة للاستماع، لكن تساهم في جعل الناس في الواقع يستمعون أكثر.

وأفادت دراسة جديدة صدرت الأسبوع الماضي، عن شركة أديسون للأبحاث وهيئة الإذاعة العامة الأميركية، بأن 70 في المئة من مستخدمي تطبيقات الاستماع الرقمية، قالوا إنهم يستمعون إلى المزيد من المقاطع الصوتية في المنزل منذ الحصول على أجهزتهم. وأكثر من ثلاثة أرباع عددهم قالوا إنهم يستخدمون أجهزتهم للاستماع إلى الأخبار والمعلومات.

كما أكدت مجموعة إي ماركيتر للأبحاث، أن حوالي 35.6 مليون أميركي هذا العام سيستخدمون جهازا مساعدا يعمل بالصوت على الأقل مرة في الشهر، أي أكثر من ضعف المستخدمين في عام 2016.

وتقول تقديرات شركة فويس لابز للتحليلات أن 33 مليون جهاز صوتي ستكون موجودة في منازل سكان الولايات المتحدة بحلول نهاية 2017، مقارنة بـ8.5 مليون في العام الماضي.

رغبة الناس المتزايدة في الحصول على المعلومات تعد فرصة للإذاعة لتعريف الناس بالمحتويات الأخرى التي تقدمها

وتشير هذه الإحصائيات إلى أن تطبيقات الاستماع في الأجهزة الرقمية الحديثة التي أصبحت شعبية وخاصة في صفوف الشباب، تلعب دورا مهما في صناعة الراديو.

ووقّعت هيئة الإذاعة العامة الأميركية صفقات مع منصتي الصوت “أليسكا”، من “أمازون”، و”غوغل هوم”، لتكون مزوّد الأخبار الافتراضي لهما، وسيستمع الناس بموجب الصفقة إلى بث لمدة خمس دقائق كل ساعة من هيئة الإذاعة، أثناء استخدام تلك الأجهزة للحصول على الأخبار.

ويقول موهن، “إن أرقام المستمعين كانت تزداد بالمعدل السنوي خلال الـ18 شهرا الماضية، وفي الوقت نفسه تزداد نسبة الشباب في التركيبة السكانية”.

ويقبل جمهور وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها، من قرّاء ومشاهدين ومستمعين على تغطية الاضطرابات والأحداث العالمية، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والحرب في سوريا، والرئاسة الفوضوية لدونالد ترامب، الأمر الذي منح المؤسسات الإخبارية بما فيها هيئة الإذاعة الأميركية دفعة قوية للاستمرار في عملها.

وبلغ عدد المستمعين الأسبوعي لجميع البرامج على محطات الإذاعة العامة مستوى مرتفعا وصل إلى 37.4 مليون مستمع في ذروة الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية في خريف عام 2016، بزيادة تتجاوز 10 في المئة على العام السابق. ويجذب كل من برنامجي الأخبار الرئيسيين في الصباح وفترة ما بعد الظهر، “مورنينغ إديشين” و”أوول ثينجز كونسيدرد”، أكثر من 14 مليون مستمع أسبوعياً، وفقا لتقديرات مجموعة القياس “نيلسن”.

وقال موهن إن رغبة الناس المتزايدة في الحصول على المعلومات تعد “فرصة لتعريف الناس بالمحتويات الأخرى التي نقدمها، لذلك عندما تنتهي الدورة الإذاعية الحالية، سيجد الناس أنفسهم معتادين على أسلوبنا في رواية القصص، ونحن ننظر إلى دورة الأخبار باعتبارها عرضنا التمهيدي” لمعرفة اتجاهات المستمعين.

ويشير التقرير إلى أن منصات الاستماع الرقمية عززت بشكل واضح سلوك الاستماع لدى الناس، وعززت الألفة مع الإذاعة في الولايات المتحدة، في حين أن مبيعات أجهزة الراديو ارتفعت في أوروبا، بسبب إيقاف أجهزة الإرسال.

واضطرت العام الماضي شركة صناعة الشرائح الإلكترونية الرقيقة،”إيماجينيشن تكنولوجيز″، إلى التخلص من الإذاعة الرقمية “بيور”، بعد أعوام من الخسائر، وباعتها إلى “أيه فينتشر”، وهو تكتل نمساوي غير معروف، مقابل مبلغ ضئيل مقداره 2.6 مليون جنيه.

ويعتقد المالكون الجدد لشركة الإذاعة الرقمية “بيور”، التي يوجد مقرها في المملكة المتحدة، أن التباطؤ في إشارة إذاعة إف إم التقليدية ينبغي على الأقل أن يزيد حجم الأعمال الأخرى بثلاثة أضعاف خلال خمس سنوات.

وتمكنت “بيور” التي تُسيطر على حصة سوقية نسبتها 15 في المئة في سوق الإذاعة الرقمية الأوروبية، خلال ستة أشهر بعد بيعها، من العودة إلى الأرباح للمرة الأولى منذ ما يُقارب العقد من الزمن، بعدما خفّضت مشاريع مكلفة طلبتها شركتها الأم السابقة، وركزت على منتجاتها “التي تركز على الإذاعة”.

وسيكون الأمر المهم لنمو الشركة، إيقاف إذاعة إف إم. ومن المقرر أن تكون النرويج أول بلد يوقف البث هذا العام، تليها سويسرا -أكبر سوق لشركة بيور- والدنمارك والمملكة المتحدة في الأعوام المُقبلة.

ويقول بول سميث؛ الرئيس التنفيذي لشركة “بيور”، إن 30 في المئة من المنازل في النرويج تعتمد على الإذاعة التقليدية وليس الرقمية، بينما 3.5 مليون مركبة، بما في ذلك القوارب، لم تتحوّل بعد.

وأضاف سميث إن “بيور” ستصدر “تصاميم مثيرة للاهتمام” أكثر في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي تستهدف فيه المستخدمين الشباب.

ويدرك سميث أنه على الرغم من الارتفاع الحاد في خدمات البث مثل “سبوتيفاي” و”أبل ميوزيك”، إلا أن ازدياد عدد مستمعي الإذاعة لم يسبق له مثيل. وتعترف إذاعة بيور أنها بحاجة إلى استهداف تركيبة سكانية أكثر شبابا.

18