المنسّق الأوروبي لمفاوضات الاتفاق النووي الإيراني يستكشف في طهران فرص إحراز تقدم

طهران - بدأ الدبلوماسي أنريكي مورا، منسّق الاتحاد الأوروبي للمباحثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي، زيارته للعاصمة الإيرانية بلقاء كبير مفاوضي الجمهورية الإسلامية علي باقري الأربعاء، فيما تكهنت الصحف الإيرانية بأن مورا قد يرأس أيضا مبادرة أوروبية جديدة لإحداث تقارب بين إيران والولايات المتحدة. وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية بأن مورا وباقري التقيا في مقر وزارة الخارجية وسط طهران، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وقبل أكثر من عام بدأت إيران والقوى المنضوية في اتفاق 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) مباحثات في فيينا شاركت فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب. وتهدف المفاوضات إلى إعادة واشنطن إلى متن الاتفاق ورفع عقوبات فرضتها على طهران بعد انسحابها، مقابل امتثال الأخيرة مجددا لالتزاماتها التي تراجعت عنها بعد الخطوة الأميركية.
وعلّقت المباحثات رسميا في مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز. لكن تبقّت نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وأكدت الخارجية الإيرانية الإثنين أن مورا سيزور طهران هذا الأسبوع، وذلك للمرة الثانية منذ توقف المباحثات في فيينا. وتعود الزيارة الأخيرة للدبلوماسي إلى السابع والعشرين من مارس.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده أن "زيارة السيد مورا (الجديدة) تجعل المفاوضات تتقدّم في الاتجاه الصحيح"، لكن ذلك "لا يعني أنه يحمل رسالة جديدة بعد توقّف المفاوضات"، كون الرسائل "يتمّ تبادلها باستمرار بين إيران والولايات المتحدة، عن طريق الاتحاد الأوروبي". وأكد أن على الإعلام "ألّا يحصر المسائل (المعلّقة) بين إيران والولايات المتحدة في موضوع واحد، مثل موضوع الحرس الثوري".
وتشدد طهران على ضرورة أن تتخذ واشنطن القرارات السياسية التي تتيح إنجاز التفاهم لإحياء اتفاق العام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلميتها.
وبموجب اتفاق عام 2015 رفعت الأمم المتحدة ودول عدة عقوبات اقتصادية وعسكرية عن طهران، التي استثمرت بعشرات المليارات المحررة في دعم وتمويل الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في مايو 2018 بقرار من رئيسها السابق دونالد ترامب، الذي أعاد فرض عقوبات "الضغط الأقصى" التي دفعت إيران إلى العمل بجد على تطوير برنامجها النووي، ما جعل مسؤولين غربيين وإسرائيليين يعتقدون أن طهران صارت على وشك امتلاك سلاح نووي.
والثلاثاء أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي عن "قلقه الشديد" إزاء عدم تعاون إيران في توقيت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي لاستئناف المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق الدولي المبرم مع طهران حول برنامجها النووي.
وفي كلمة أمام برلمان الاتحاد الأوروبي قال غروسي إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تحاول توضيح عدد من المسائل التي لا تزال عالقة مع إيران". وتابع "أنا أشير إلى واقع أننا في الأشهر الأخيرة عثرنا على آثار لليورانيوم المخصّب في أماكن لم تعلن إيران مطلقا أنها أماكن تجرى فيها أي أنشطة".
وأضاف "الوضع لا يبدو جيدا جدا؛ إيران في الوقت الراهن لم تبدِ تعاونا على صعيد المعلومات التي نحتاج إليها.. نحن قلقون بشدة إزاء هذا الأمر". وفي مارس أعلنت الوكالة وطهران التوصل إلى اتفاق حول مقاربة لتسوية مسائل ذات أهمية حاسمة لإحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
وحينها قال غروسي إن الوكالة وإيران قررتا تجربة مقاربة عملية وبراغماتية لتخطي "عدد من المسائل المهمة". ومن المفترض أن يتبادل الجانبان عددا من الوثائق بحلول الثاني والعشرين من مايو. والهدف من ذلك هو تسوية مسائل عالقة بالنسبة إلى الوكالة، تتعلق بالعثور سابقا على مواد نووية في مواقع لم يتم الإعلان عنها في إيران.
وقال غروسي إن إيران "يجب أن تكون على رأس أولوياتنا على الرغم من الأحداث الدرامية التي تحصل في أوكرانيا"، في إشارة إلى الغزو الروسي. ولفت إلى أن المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي هي "في وضعية توقف مؤقت نوعا ما"، غير أن الوكالة التي مقرها فيينا "بالطبع لا تزال تأمل التوصل إلى اتفاق ما ضمن إطار زمني معقول". وتابع "لكن علينا أن نقر بأن نافذة الأمل قد تغلق في أي وقت".