المنتظرون تحت التفاحة

لأسباب كثيرة يقع المرء في خلاف مع نفسه. غالبا ما ترتبط تلك الأسباب بموقفه من الآخرين. وهو موقف يصبح غامضا حين يتعرض المرء للارتباك.
وفي الحب نصل إلى ذروة الارتباك. نتساءل “نحب أو لا نحب” وليس الحل على طريقة أم كلثوم “لو كنت أقدر/أحب تاني/أحبك أنت” مقبولا بالنسبة إلى البعض.
فقد يقع المرء في خصام مع نفسه قبل أن يتخذ قرارا بالانفصال وهو ما يمكن أن نفهمه من فريد الأطرش حين يقول “مخاصمك يا قلبي ومش راضي أصالحك/يا ريت كان بأيدي وأنا اتبرّى منك” وليس على طريقة حضيري أبوعزيز “على درب اليمرون/أريد أقعد وأنادي/عسى أحبابي يمرون/متقلي يا حادي”.
وإذا كان الانتظار يهب المرء طاقة على الصبر، فإن الخصام يجعله قريبا من الجزع، فيُقال “نفد صبره وصار يهذي بأقوال عجيبة” ذلك هذيان من نوع مختلف.
ليس مجنون ليلى استثناء في ذلك “صغيرين نرعى البهم، يا ليت أننا/إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم” إلى أن ينتهي إلى القول “يقولون ليلى عذبتك بحبها/ألا حبذا ذاك الحبيب المعذب”، وهو ما يذكّر بقول أحمد شوقي “مولاي وروحي في يده/قد ضيعها سلمت يدهُ”، لستُ هنا في صدد العذاب ولا في صدد العتاب ولكنه الحوار الداخلي الذي يعيشه المرء وهو يتحرك بين مشيئتين، اليأس والأمل.
كان عبدالحليم حافظ قد وصل إلى قاع البئر “بلاش عتاب/لو كنت حبيبي/من العذاب/أنا خدت نصيبي” ما بعدها سنكون واقعيين. وهو أسوأ ما يمكن أن يصل إليه العاشقان حتى لو تزوجا.
ولو كان المرء فهد بلان لفضل الانتظار “تحت التفاحة/لقعد سنة وشهرين تحت التفاحة/ما شوف الراحة/ وإلي يهوى كحيل العين/ميشوف الراحة”. كان انتظاره قد أثمر عن ثلاث زيجات، مريم فخرالدين وصباح وآمال عفيش.
كان مطرب الجبل عصيا على الوقوع في خصام مع نفسه وفضّل على ذلك أن يفكر بصوت عال لكي يضع كل شيء على الطاولة فقال “واشرح لها/عن حالتي/روحي عليلة لأجلها ها ها”، في المقابل كان أحمد شوفي قد اشتكى على لسان محمدالوهاب “ما بال العاذل يفتح لي/باب السلوان وأوصده” و”خلينا نشوفك خلينا/وحياة الحب ارجع لينا” على حد قول محمد جواد أموري.