المنافسة مع أوروبا تقوض مزايا زيت الزيتون التونسي

الإنتاج الموجه للتصدير أدى إلى زيادة الكلفة وأفقد القطاع القيمة المضافة مقارنة مع إيطاليا وإسبانيا.
الاثنين 2023/11/27
ثروة لا تقدر بثمن

تكشف أحدث المؤشرات أن اشتداد المنافسة مع الأسواق الأوروبية يقوض مزايا قطاع زيت الزيتون التونسي ويحذر بين طياته من التحديات، التي تواجهه في المرحلة المقبلة حتى يكون أكثر استعدادا لتصدير الإنتاج بكميات أكبر وتفادي فقدان الخسائر.

تونس - أفقدت سياسة التجارة مع أوروبا تونس عوائد كبيرة من تصدير زيت الزيتون، والتي يفترض أن تدعم خزينة الدولة، وهو ما يستدعي إعادة النظر في هذا الأمر مع اشتداد المنافسة في ظل الجفاف.

ويكافح القطاع للحفاظ على أسواقه العربية والدولية رغم المطبات الكثيرة التي تعترض معظم المنتجين بسبب قلة الأمطار ومن أبرزها ارتفاع الأسعار والاحتكار وقلة الدعم الحكومي.

ويقول خبراء القطاع إن تلك العوامل قد تقف حجر عثرة أمام تحقيق قفزة خلال السنوات المقبلة في الإنتاج والإيرادات إذا لم يتم تدارك الأمر سريعا.

ولكن يبدو أن الاتفاقيات المشتركة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تصدير المنتجات الزراعية قد بدأت تترك وراءها آثارا أكبر تنغص على البلد الاستفادة من جني مكاسب أكبر من أحد أبرز منتجاته الإستراتيجية.

وبموجب اتفاقية الشركة مع الاتحاد صدرت تونس في العام 2019 نحو 90 في المئة من زيت الزيتون المنتج محليا خاما، ضمن مشهد يتكرر سنويا ويؤدي إلى خسارة في العائدات، وفق تقرير المعهد العابر للقوميات.

تونس باعت 90 في المئة من الإنتاج في 2019 بكلفة منخفضة عند 2.8 دولار للتر

ولاحظ المعهد، وهو مؤسسة بحثية دولية متخصصة في شؤون اقتصاد التنمية، أن تونس صدرت هذه الكميات إلى إيطاليا وإسبانيا، وبكلفة منخفضة قاربت 2.8 دولار للتر الواحد، إذ تتم تعبئته وبيعه بأسعار أعلى.

وتظهر التقديرات أن 80 في المئة من إنتاج زيت الزيتون مخصصة للتصدير. ويشكل هذا التمشي خسارة في الدخل لتونس، في حين يحصل التجار الإيطاليون والإسبان على معظم القيمة المضافة مع إمدادات مستقرة وبتكلفة منخفضة نسبيا.

وأدى الإنتاج الموجه للتصدير، وفق الدراسة، إلى زيادة التكلفة المحلية لزيت الزيتون، الأمر الذي تسبب في عدم قدرة التونسيين على تحمل أسعاره خاصة مع تدهور قدرتهم الشرائية.

وتلجأ تونس إلى شراء الزيوت النباتية من أجل تلبية الطلب المحلي باستغلال الفائض المالي المحقق من تصدير زيت الزيتون لتمويل الواردات.

ويؤكد المعهد في دراسته أنه رغم أن تونس تعد من أكبر منتجي زيت الزيتون في العالم، إلا أن متوسط استهلاك الفرد سنويا انخفض من 8.2 كيلوغرام في عام 2000 إلى 6.7 كيلوغرام عام 2010 و3.7 كيلوغرام في عام 2020.

ويتوافق هذا المعدل مع أدنى المستويات في منطقة حوض المتوسط البالغة نحو 3.7 كيلوغرام للشخص مقابل 9.2 كيلوغرام في إيطاليا و10.4 كيلوغرام في إسبانيا و16.3 كيلوغرام في اليونان.

ويعد الاتحاد الأوروبي أول المستفيدين من سياسة التصدير، والذي يسيطر على فوائض كبيرة من المنتجات الغذائية الأساسية مثل الحبوب والزيوت النباتية والمنتجات ذات الأصل الحيواني.

ويأتي نشر البيانات في ظل دعوة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية المسؤولين الأوروبيين إلى ضرورة مراجعة الحصة السنوية الممنوحة لتونس من طرف الاتحاد، وإزالة كل الحواجز أمام تصدير زيت الزيتون التونسي.

وأوضح عدد من أعضاء الاتحاد مؤخرا أن نقص الاستهلاك العالمي لهذه المادة الغذائية المهمة، لا يجعل من البلدان المنتجة منافسين، بل مكملين لبعضهم البعض في سبيل النهوض بهذا القطاع الحيوي.

3.7

كلغ متوسط استهلاك الفرد التونسي مقابل 10.4 كلغ في إسبانيا و9.2 كلغ في إيطاليا

وجاء موقفهم هذا لدى استقبال رئيس الاتحاد سمير ماجول في وقت سابق الشهر الجاري وفدا من المجلس الدولي للزيتون يتقدمه مديره التنفيذي عبداللطيف غديرة والمدير التنفيذي المساعد جام ليلو.

وتسمح اتفاقيات الشراكة، التي تفاوض عليها الاتحاد ودول جنوب المتوسط، بما في ذلك تونس، بحماية منتجيها من المنافسة الأجنبية مع فتح أسواق دول شمال أفريقيا أمام الفوائض من الاتحاد الأوروبي.

وتمثل الشركات المحلية لاستيراد وتصدير المواد الغذائية المستفيد الثاني والمباشر والأهم بعد التكتل الأوروبي من هذه الاتفاقيات.

وتعتبر الدراسة، التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن تحرير التجارة رافقه انسحاب الدولة وخصخصة جميع أنشطة جمع المواد الزراعية، وتوزيعها وتصديرها وتوريدها.

وخلصت الوثيقة إلى أن هذه الإجراءات أتاحت لعدد قليل من الأطراف جمع أرباح هائلة على حساب المزارعين والمستهلكين.

ووفق أرقام مرصد الفلاحة التونسي، فقد ارتفعت قيمة الصادرات منذ نوفمبر 2022 وحتى يونيو الماضي بنحو 43.8 في المئة لتحقق إيرادات بمقدار 2.48 مليار دينار (نحو 790 مليون دولار) عبر تسويق قرابة 148 ألف طن خارجيا.

وتوزعت بواقع 17.6 ألف طن زيت زيتون معلب بقيمة 116.2 مليون دولار، و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 307.2 مليون دولار، علاوة على 89 في المئة من صادرات زيت زيتون بكر ممتاز.

Thumbnail

ويقدر متوسط الصادرات السنوية للبلاد من زيت الزيتون خلال الفترة بين 2011 و2021 بما لا يقل عن 150 ألف طن، أي ما يمثل 8 في المئة من الإنتاج العالمي، معظمها يذهب إلى الأسواق الأوروبية.

ووفق المؤشرات الرئيسية لسلسلة قيمة زيت الزيتون، استنادا إلى بيانات المعهد، يعمل 60 في المئة من المزارعين في مجال زراعة الزياتين.

وتملك البلاد أكثر من 100 مليون شجرة زيتون، حوالي 75 في المئة منها منتجة. وتنشط في تونس قرابة 1750 معصرة و15 وحدة تكرير و14 وحدة لاستخراج زيت الثفل، إلى جانب 35 وحدة معالجة وتعبئة.

وبحسب الأرقام الرسمية يقارب إنتاج زيت الزيتون حاجز نحو 194 ألف طن. ويستهلك التونسيون قرابة 20 في المئة من هذه المادة.

وينتظر أن يكون إنتاج البلد من زيت الزيتون لهذا الموسم متوسطا بمعدل 200 ألف طن، وأن يتم تصدير معظمه، وخاصة نحو أسواق أوروبا، لاسيما في ظل حاجة البلاد إلى العملة الصعبة لمواجهة أزمتها المالية المتفاقمة.

وكانت تونس قد حققت أعلى مستوى إنتاج منذ عام 2011 في الموسم 2019 – 2020 بحصاد بلغ 440 ألف طن بسبب المعاومة، وهي ظاهرة معروفة لمزارعي الزيتون حيث تحمل الأشجار محصولا غزيرا في إحدى السنوات ومحصولا ضعيفا في السنة التالية.

10