المملكة المتحدة تصنف سلالة كوفيد – 19 الجديدة كمتغير قيد التحقيق

أدى انتشار الإصابات بالسلالة الجديدة من فايروس كورونا في المملكة المتحدة، والتي تحمل عددا من المتغيرات المثيرة للقلق، إلى إعادة التحقيق فيها بعد تصنيفها. ورغم أنه لا يوجد حاليا دليل على أن هذه المجموعة من الطفرات تسبب مرضا أكثر خطورة أو زيادة في قابلية الانتقال، إلا أن العمل على تنظيم تسلسل تحوّرات فايروس كورونا قد يكون مطلوبا لمدة تفوق العشر سنوات.
لندن- حددت هيئة الصحة العامة في إنجلترا 38 حالة إصابة بسلالة فايروس كورونا الجديدة والتي يشار إليها باسم “بي .1. 525” وفقا لبيان على موقعها الإلكتروني.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن السلالة لها طفرة “إي 484 كيه”، وتوجد في عدد من المتغيرات الأخرى المثيرة للقلق وأن هذه المتغيرات قيد التحقيق. وتم رصد متغيرات في دول أخرى بما في ذلك نيجيريا والدنمارك وكندا.
وتقول إيفون دويل المديرة الطبية في هيئة الصحة العامة بإنجلترا إنه “لا يوجد حاليا دليل على أن هذه المجموعة من الطفرات تسبب مرضا أكثر خطورة أو زيادة في قابلية الانتقال”. وتحمل هذه الطفرة المسماة “إي 484 كيه” نسخا متحورة ظهرت في جنوب أفريقيا ومؤخرا في البرازيل واليابان.
وقال رافي غوبتا أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة كامبريدج، إن هذه الطفرة “هي الأكثر إثارة للقلق” من حيث الاستجابة المناعية. وبمرور الوقت تظهر نسخ مختلفة متغيرة ومتحورة من فايروس كورونا المستجد الأصلي ويرجع ذلك إلى حدوث طفرات مختلفة، وهي ظاهرة طبيعية في حياة الفايروس، إذ تحدث تلك الطفرات خلال مراحل تكاثره.
وقد سُجلت العديد من الطفرات على فايروس كورونا من دون أن يكون لغالبيتها العظمى أي أثر، إلا أن بعضها قد يمنح الفايروس ميزة للبقاء بما في ذلك زيادة قابليته للانتقال.
وتشترك النسختان المتحورتان اللتان ظهرتا في إنجلترا وجنوب أفريقيا في طفرة تسمّى "إن 501 واي"، وهو تغير يحدث على شوكة الفايروس ويُشتبه بأنها تجعل هذه النسخ المتحورة من الفايروس أكثر عدوى لأنها تقع في موقع ربط المستقبل الفايروسي لدخول الخلية ما يزيد من قدرة الفايروس على الارتباط مستقبلا في الخلية المستهدفة.
وتوقعت رئيسة برنامج المراقبة الجينية في بريطانيا، شارون بيكوك، أن تصبح السلالة المتحورة من الفايروس، والتي تم العثور عليها لأول مرة في مقاطعة كينت البريطانية، السلالة الأكثر انتشارا في العالم. وأكدت بيكوك أن النسخة الجديدة اجتاحت البلاد وستجتاح العالم على الأرجح. وقالت إن العمل على تنظيم تسلسل تحورات الفايروس قد يكون مطلوبا لمدة 10 سنوات على الأقل.
وبحسب الباحثين في بريطانيا، فإن الوباء ينتشر بسرعة في أجزاء من جنوب البلاد، إذ تشير الأدلة الوبائية إلى أن هذه السلالة تنتشر بسرعة مقارنة بما قبلها. ويقدّر نيل فيرجسون عالم الأوبئة في “إمبريال كوليدج” لندن أن السلالة الجديدة لديها معدل انتقال متزايد بنسبة 50 إلى 70 في المئة مقارنة بالسلالات الأخرى في البلاد.
وفي فيديو أصدرته منظمة الصحة العالمية، أوضح أمجد الخولي استشاري الوبائيات لدى المنظمة في المكتب الإقليمي للشرق المتوسط أنه وفقا لما أبلغت به السلطات الصحية في لندن فإن المتغير الجديد في السلالة الجديدة للفايروس أكثر قدرة على الانتشار، وتُجرى حاليا بحوث أكثر للتعرف على سرعة هذا الانتشار. وأضاف أن سبب الاهتمام الخاص بهذه السلالة الجديدة أنها تحوي مجموعات عدة من المتغيرات، والإشارات الأولية تفيد بأن الفايروس المتغير قد يكون أكثر قدرة على الانتشار بسهولة بين الناس.
واكتشفت السلالة المتحورة من الفايروس التي ظهرت في مقاطعة كينت البريطانية بالفعل في أكثر من 50 دولة حتى الآن. واكتشفت هذه السلالة الجديدة لأول مرة في سبتمبر عام 2020 في جنوب شرقي إنجلترا، وتم الاستشهاد بانتشارها السريع على مدى الأشهر التالية كسبب لفرض قواعد الإغلاق الجديدة في جميع أنحاء بريطانيا في يناير الماضي.
وقالت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن المتغيرات الجديدة والأكثر عدوى من فايروس كورونا قد تسرع من انتشار الوباء، ما يعني مضاعفة الجهود لحماية الناس. وأوضح الباحثون من المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض أن المتغير الذي تم تحديده لأول مرة في بريطانيا، والمعروف باسم “B.1.1.7” قد عثر عليه بالولايات المتحدة أيضا.
ويشيرون إلى أنه السبب في تفاقم الانتشار الكبير للفايروس في جميع أنحاء البلاد. ما يعني أن الناس بحاجة إلى بذل مجهود أكبر في ارتداء أقنعة الوجه وتجنب التجمعات وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.
وقالت بيكوك إنه في حين أنه من الطبيعي رؤية المتغيرات (السلالات المتحورة)، فإن عددا صغيرا جدا منها فقط لديه “ميزات خاصة”، وهي التي يمكن أن تجعلها أكثر قابلية للانتقال وأكثر قدرة على تجنب الاستجابة المناعية أو تصبح لديها قدرة على التسبب في مرض أكثر حدة.
العمل على تنظيم تسلسل تحورات فايروس كورونا قد يكون مطلوبا لمدة 10 سنوات على الأقل
وأظهرت دراسة أميركية حديثة كيف أن متغير 501Y.V2 لفايروس كورونا المستجد، الذي يتميز بعدة طفرات، قادر على إصابة الأفراد الذين طوّروا أجساما مضادة بعد إصابتهم الأولى. وأشار الباحثون إلى أن هذا التحور قد يساهم في توليد “سلالة هاربة” من شأنها ألا تتأثر بالمناعة المتولدة في الموجة الأولى أو الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات.
ونظرا لظهور العديد من المتغيرات في فايروس كورونا المستجد، من المهم ليس فقط تقييم قابليتها النسبية للانتقال بسرعة والتسبب في الإصابة بالفايروس التاجي كوفيد – 19، وإنما أيضا ميلها للهروب من تحييد الأجسام المضادة والبقاء على درجة خطورة قصوى. وترتبط القابلية للانتقال بالوفيات، حيث أن الزيادة الحتمية في معدلات الإصابة الناجمة عن المتغيرات الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات.
ومع ذلك، يمكن أن تتفاقم هذه التداعيات الوخيمة للعدوى الأكثر سرعة وانتشارا من خلال فقدان فعالية العلاجات واللقاحات القائمة على الأجسام المضادة المتاحة حاليا وانخفاض المناعة الوقائية لدى الأفراد المصابين سابقا بفايروس “الموجة الأولى”.