الممرضات البريطانيات يكافحن من أجل توفير لقمة العيش لأسرهن

لندن - تخوض الممرضات في بريطانيا نضالا مستمرا من أجل نيل حقوقهن والتمتع بزيادة في الرواتب أمام أزمة غلاء معيشة مع تضخم متسارع تخطّى نمو الرواتب.
ومنذ ديسمبر الماضي قررت الممرضات الدخول في سلسلة من الإضرابات ونفذن الخميس 15 ديسمبر إضرابا ليوم واحد اعتبرنه “الملاذ الأخير” في نضالهن من أجل زيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل، متحدّيات التحذيرات من أن التحرك قد يعرض المرضى للخطر.
وشهدت المملكة المتحدة إضرابا غير مسبوق للممرضات للحصول على زيادات في الرواتب عقب رفض المقترحات الحكوميّة الأخيرة، وذلك بعد أن باتت معظم العاملات في القطاع الطبي بحاجة إلى الدعم المادي، رغم أنهن كن في الخطوط الأولى بمواجهة كوفيد - 19.
أزمة غلاء المعيشة، دفعت أعضاء النقابات إلى التفويت في وجبات الطعام والمكافحة من أجل إطعام أسرهم وإكسائها
ويندرج تحرك كلية التمريض الملكية ضمن موجة متزايدة من الإضرابات لموظفي القطاعين العام والخاص. وتجمع عدد من المتظاهرين أمام مستشفيات حكومية في لندن. وهذا الإضراب هو الأول في تاريخ الكلية الملكية للتمريض منذ تأسيسها قبل 106 سنوات.
وحذرت رئيسة الكلية الملكية للتمريض (نقابة التمريض) في بريطانيا بات كولين من أن الممرضات “يكافحن من أجل توفير لقمة العيش لأسرهن والحفاظ على مسكن للعيش به”.
ونقلت وكالة أنباء “بي.أي ميديا” البريطانية عن كولين القول، إن الممرضات “يكافحن من أجل العيش”، ولهذا السبب رفضن عرض الرواتب المعدل الذي قدمته الحكومة.
ومن جانبهم، قال الوزراء إن الاتفاق كان “العرض الأخير”، ولكن الكلية الملكية تجري حاليا تصويتا للأعضاء بشأن القيام بمزيد من الإضرابات.
وصمدت الكلية الملكية أمام الاتفاق، على الرغم من أن غالبية النقابات الأخرى التي تمثل العاملين في اتفاق عقد “أجندة التغيير” الذي يشمل غالبية العاملين في هيئة الخدمة الصحية الوطنية باستثناء الأطباء وأطباء الأسنان وكبار المدراء، صوتت لصالح قبول الاتفاق.
وتشهد المملكة المتحدة أزمة غلاء معيشة، حيث تقول النقابات إنّ أعضاءها يُفوّتون وجبات طعام ويكافحون من أجل إطعام أسرهم وإكسائها.
واستنادًا إلى تقديرات، انخفض الراتب الحقيقي للممرّضات بنسبة 20 في المئة منذ عام 2010، ولاسيّما بسبب الأزمة الحاليّة لكلفة المعيشة، إذ تجاوز معدّل التضخم 11 في المئة. ويبلغ الراتب السنوي لممرّضة مبتدئة 27 ألف جنيه استرليني (31400 يورو).
وبحسب ما كشفت عنه الأبحاث الأخيرة، فإنه ثمة 50 ألف وظيفة تمريض شاغرة على مستوى المملكة المتحدة في الوقت الراهن، وثمة ارتفاع حاد في الطلب عليها مع العلم بانخفاض الرواتب المخصصة لها بنسبة 20 في المئة بالقيمة الحقيقية خلال العقد الماضي.
منذ ديسمبر الماضي قررت الممرضات الدخول في سلسلة من الإضرابات ونفذن الخميس 15 ديسمبر إضرابا ليوم واحد اعتبرنه “الملاذ الأخير” في نضالهن من أجل زيادة الرواتب
وخلال إضراب 15 ديسمبر ذكرت أماندا سميث ممرضة في وحدة العناية المركزة في أيرلندا الشمالية أنها لا ترغب حقاً في الإضراب، لكنها تشعر أنه من واجبها ذلك بما أن الحكومة لا توليهن آذاناً صاغية وتفضل تخصيص أموال للوكالات وأن تدفع أموالاً طائلة من أجل استقطاب ممرضات من الخارج بدلاً من دفع رواتب مناسبة للممرضين المحليين.
وأردفت سميث أن الخدمات الصحية الوطنية “لم تعد كما كانت في السابق”.
وقالت “في كل مرة أستلم فيها مناوبتي، يتضح لي أن 50 في المئة من العاملين باتوا من موظفي الوكالة. لدينا عدد كبير من الممرضين الدوليين لاستبدال الموظفين الذين غادروا إلى القطاع الخاص بسبب تدني رواتبهم. ولهذا نحن بأمس الحاجة اليوم إلى دعم ممرضينا ليستمروا في الخدمات الصحية الوطنية”.
ووفقاً لسميث، فإن ممرضين كثرا يعملون لمدة 60 ساعة في الأسبوع بين الوكالة ومناوباتهم الخاصة في الخدمات الصحية الوطنية. وترى أنهم لن يستمروا على هذه الحال لفترة طويلة، فمشكلة الرواتب هي التي تدفع بالأشخاص إلى المغادرة وهي “التي تخلق فجوة كبيرة في خدماتنا الصحية وتهدد سلامة المرضى”.
وأوضحت سميث أنه من الصعب جداً على الممرضين والممرضات أن يسخروا كل جهودهم في العمل ليعودوا بعدها إلى منازلهم غير مقتنعين بكفاية الخدمات التي قدموها.