الممثلون الأميركيون العاملون في الدبلجة متخوفون من الذكاء الاصطناعي

يستقطب ملتقى "كوميك كون" في مدينة سان دييغو الآلاف من محبي التنكر بأزياء شخصياتهم السينمائية المفضلة، والذين لا يترددون في الوقوف في طوابير لأيام لرؤية هؤلاء النجوم، لكن هذا العام كان الأمر مختلفا بسبب إضراب الممثلين في هوليوود، علاوة على تزايد مخاوف الممثلين العاملين في الدبلجة.
سان دييغو (الولايات المتحدة)- في ظل التطور الذي تشهده تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يبدي الممثلون الأميركيون الذين يعيرون أصواتهم لأفلام التحريك وألعاب الفيديو قلقا بشأن مستقبلهم، في مسألة تطرقوا إليها خلال ملتقى “كوميك كون” المنعقد في مدينة سان دييغو الأميركية.
وهذا العام، يقام المهرجان الشهير المخصص للثقافة الشعبية في خضم إضراب تشهده هوليوود مع مطالبة كتاب السيناريو والممثلين بزيادة أجورهم والحصول على ضمانات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يهدد مهنتهم. ونتيجة للإضراب، لم يشارك الممثلون هذا العام في هذا الحدث السنوي للترويج لأفلامهم وبرامجهم. كما أنهت أستوديوهات مثل أمازون ووارنر براذرز ظهورها في “كوميك كون”.
استنساخ الأصوات
يشير مؤسس الرابطة الوطنية للممثلين العاملين في مجال الدبلجة تيم فريدلاندر إلى ممثل تلقى رسالة شكر بعدما عمل لثلاث سنوات في إحدى الشركات. ويضيف فريدلاندر في مؤتمر صحفي “قالوا له: لدينا صوتك مدى ثلاث سنوات، فسننشئ ببساطة نسخة طبق الأصل منه مع ما نحوزه من معطيات”.
وليست الجهات الفاعلة في المجال التكنولوجي فقط مصدر المشكلة، ففي السنوات الأخيرة استخدم عدد كبير من محبي الذكاء الاصطناعي هذه التقنية لاستنساخ أصوات تابعة لشخصيات شهيرة وجعلها تتلفظ بعبارات لم تقلها الشخصيات أساسا، وغالبا ما تكون هذه الأحاديث ذات طابع إباحي.
كما يزداد استخدام هذه التقنيات في هوليوود، إذ استعانت بها “ديزني” مثلا في تأليف الشارة الافتتاحية لمسلسل “سيكرت إنفايجن”، وسط مخاوف من تعاظم دورها شيئا فشيئا.
ويسعى الممثلون للحصول على ضمانات تحول دون استخدام برامج الذكاء الاصطناعي إن لكتابة نصوص السيناريو للأعمال، أو لاستنساخ أصواتهم وصورهم.
وتقول الممثلة سيسي جونز التي أعارت صوتها لإحدى شخصيات مسلسل “ذي أول هاوس”، “لدي أبناء، وأرفض أن يستخدم صوتي في تصاريح معينة ثم يسمعها أبنائي ويتساءلون عما إذا كانت تابعة لي بالفعل”.
ويعتبر زيك ألتون الذي أعار صوته للعبة الفيديو “ذي كاليستو بروتوكول” أن الممثلين لا يرغبون في إبعاد تقنية الذكاء الاصطناعي بصورة تامة عن هذا المجال.
ويضيف “إذا أرادت جهة ما استنساخ صوتي أو صوت أي ممثل، فعليها بداية أن تحصل على موافقتنا ثم تعويضنا ماليا”.
ويشكل الذكاء الاصطناعي إحدى المسائل العالقة في المفاوضات الجارية بين الأستوديوهات في هوليوود ونقابة الممثلين التي حذت حذو كتاب السيناريو واتخذت قرارا بالإضراب في الرابع عشر من يوليو.
ويتهم الممثلون الأستوديوهات بعدم التعامل بجدية مع مخاوفهم المرتبطة بـ”استبدال القسم الأكبر من أعمالهم بنسخ رقمية مماثلة”.
أما الأستوديوهات فأكدت الجمعة أنها عرضت تحديد قواعد مرتبطة بالموافقة المسبقة والتعويض العادل، مشيرة إلى أنها لم تتلقّ أي رد من النقابة.
ويرى كبير مفاوضي النقابة دانكن كرابتري أيرلند أن الأستوديوهات ترغب في “طمس” بنودها المتعلقة بالموافقة الخاصة بالذكاء الاصطناعي “في جملة مكتوبة وسط عقد من 12 صفحة”.
ويحذر من أن الممثلين العاملين في مجال الدبلجة هم “أكثر المعنيين” في النقاش المرتبط بالذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن التغييرات بالنسبة إليهم “تحصل بصورة أسرع من أي مجال آخر”.
مزج أصوات
تستخدم الأستوديوهات تقنية الذكاء الاصطناعي لدبلجة الحوارات باللغات الأجنبية مثلا، ما يحرم الممثلين في العالم من تولي عمل يحمل أهمية لأسواقهم المحلية.
ومن الأمور الأخرى التي تثير قلق العاملين في مجال الدبلجة، احتمال أن تستخدم شركات الإنتاج أصواتا “مركبة” تمزج فيها أصواتا بشرية كثيرة من دون أن تدفع للممثلين الأصليين.
ولم تتوقف كل الوظائف المرتبطة بالدبلجة بسبب الإضراب، لأن بعضها يتم التفاوض عليه بموجب اتفاقات جماعية منفصلة. لكن الإضراب أدخل في مرحلة جمود كلي أي استخدام لأصوات الشخصيات في الأفلام أو مسلسلات التحريك أو المقاطع الدعائية أو إضافة حوارات إلى الممثلين الثانويين في مشاهد ضمن أعمال سينمائية أو تلفزيونية.
من ناحية أخرى، تخضع الأصوات المستخدمة في ألعاب الفيديو لاتفاق منفصل لا تزال المفاوضات في شأنه جارية، ويمكن تاليا استخدام هذه الأصوات من دون فض الإضراب.
ويؤكد ألتون “ما يحصل في هذا الإضراب لن يؤثر فقط على مهنة التمثيل، بل على مختلف المهن”.