الملك محمد السادس يصارح المغاربة: الوضع الصحي لا يبعث على التفاؤل

الرباط - عكس خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب حرصه على وضع النقاط على الحروف وتسمية الأمور بمسمياتها فيما يخص الوضع الصحي في المغرب وسط استمرار انتشار وباء كوفيد - 19.
ولم يستبعد الملك محمد السادس إعادة فرض الحجر الصحي الشامل وتشديده في إطار مواجهة فايروس كورونا، معربا عن أسفه إزاء الوضع الصحي الذي "لا يبعث على التفاؤل".
وأوضح أن "معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي ارتفع من إصابة واحدة كل يوم خلال فترة الحجر الصحي ليصل مؤخرا إلى عشر إصابات".
وقال "إذا استمرت هذه الأعداد في الارتفاع فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد-19 قد توصي بإعادة الحجر الصحي بل وتشديده".
وانطوى خطاب العاهل المغربي، الذي جاء بأسلوب مباشر وصريح، على مجموعة من الرسائل تحمّل كل واحد مسؤوليته في محاربة الوباء.
وأكد الملك محمد السادس بأن بلاده لم تكسب المعركة ضد هذا الفايروس وأن هذه الفترة صعبة وغير مسبوقة بالنسبة للجميع، على الرغم من النتائج الايجابية التي حققها المغرب في مواجهة الوباء خلال المرحلة الأولى من الحجر الصحي والتي مكنت من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة.
وأوضح أن أعداد المصابين بالوباء وضحاياه "تضاعفت أكثر من ثلاث مرات (...) في وقت وجيز مقارنة بفترة الحجر الصحي" الذي فرض في كافة أرجاء البلاد بين مارس ويونيو.
وطرح العاهل المغربي أسباب الارتفاع غير المنطقي لأعداد المصابين بالوباء بأن "هناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ وهناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول".
وقال في هذا السياق إنه "يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ ومن يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، وإنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين".
ونوه الملك محمد السادس إلى أن "بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض، إلا بعد 10 أيام أو أكثر، إضافة إلى أن العديد من المصابين هم بدون أعراض. وهو ما يضاعف من خطر انتشار العدوى، ويتطلب الاحتياط أكثر".
وأكد أن هذا "المرض لا يفرق بين سكان المدن والقرى، ولا بين الأطفال والشباب والمسنين".
واستغرب عدم حرص العديد من المواطنين على استعمال وسائل الوقاية والتعقيم، خاصة أن الدولة قامت بجهود كبيرة لتوفير هذه المواد بجميع الأسواق، بكميات كافية وبأسعار جد معقولة، لتكون في متناول الجميع.
ويقول مراقبون إنه نظرا لخطورة هذه التصرفات والممارسات فإن الملك محمد السادس كان صريحا وحازما حين تكلم عن سلوك غير وطني ولا تضامني، لأن الوطنية تقتضي الحرص على صحة وسلامة الآخرين والتضامن لا يعني الدعم المادي فقط وإنما هو قبل كل شيء الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس.
وأشار إلى أن الدعم المالي، الذي منحته السلطات لنحو 6 ملايين أسرة توقف معيلوها عن العمل خلال أشهر الحجر الصحي الثلاثة، "لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل وإمكانات".
وصرف هذا الدعم من صندوق خاص أنشئ لمواجهة الجائحة بتمويلات عمومية والعديد من التبرعات.
وحذر العاهل المغربي من أن إهمال الالتزام الصارم والمسؤول بالتدابير الصحية سيرفع عدد المصابين وسيجعل المستشفيات غير قادرة على تحمل الوباء.
ودعا كل القوى الحية للتعبئة واليقظة والانخراط في المجهود الوطني في مجال التوعية وتأطير المواطنين للتصدي لهذا الوباء، معربا عن ثقته في أن المغاربة يستطيعون رفع هذا التحدي، والسير على نهج أجدادهم في التحلي بروح الوطنية الحقة وبواجبات المواطنة الإيجابية، خاصة في هذه الظروف الصعبة.
ويتوقع أن تدفع التداعيات الاقتصادية للأزمة الصحية بنحو مليون مغربي نحو الفقر، بحسب تقديرات رسمية نشرت هذا الأسبوع.
كما يتوقع أن يعاني اقتصاد البلاد هذا العام ركودا بمعدل 5,2 بالمئة هو الأشد منذ 24 عاماً، بسبب تداعيات الأزمة الصحية وآثار الجفاف على الموسم الزراعي.
وكان الملك محمد السادس أعلن نهاية يوليو عن خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي بما يقارب 12 مليار دولار لمواجهة هذه التداعيات.
وشدّدت السلطات في الأيام الأخيرة الإجراءات الاحترازية للتصدي للوباء بإغلاق عدة أحياء في المدن الأكثر تضرّراً، مع تقييد التنقّل خارج البيوت برخص تمنحها السلطات في هذه المناطق كما كانت عليه الحال أثناء الحجر الصحّي.
وأصاب الوباء بحسب آخر حصيلة رسمية مساء الخميس أكثر من 47 ألفا و600 شخص، توفي 775 منهم بينما تماثل أكثر من 32 ألفا و800 للشفاء.