الملك محمد السادس يدشن قفزة نوعية في قطاع النقل المغربي

الرباط - في خطوة جديدة تعزز تموقع المغرب كقوة صاعدة في مجال البنية التحية والنقل المستدام، أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، الخميس بمحطة القطار الرباط – أكدال، على إعطاء انطلاقة إنجاز القطار فائق السرعة القنيطرة – مراكش، على طول يناهز 430 كلم، وذلك في إطار رؤية ملكية هادفة إلى تعزيز الخدمات في قطاع النقل العمومي واستجابة لمسار التغيير الشامل الذي تشهده المملكة، وستكون له نتائج كبرى على قطاعات كثيرة منها النقل والسياحة والاقتصاد.
ويعدّ المشروع، الذي تبلغ تكلفته حوالي عشرة مليارات دولار، امتدادا لرؤية إستراتيجية تهدف إلى ترسيخ ريادة المملكة في القارة الأفريقية، حيث لا يزال المغرب البلد الأفريقي الوحيد الذي يمتلك قطارا فائق السرعة وهو ما يعكس التوجه الثابت للملك محمد السادس نحو تحديث شامل ومستدام للبنية التحتية يواكب التحولات التكنولوجية.
ويمثل المشروع امتدادا إستراتيجيا للخط الأول “البراق” الذي تم تدشينه سنة 2018، والذي يربط مدينة طنجة بالدار البيضاء. ويربط القطار مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش، مع ربط بمطاري الرباط والدار البيضاء والملاعب الرياضية. وينتظر أن يكون جاهزا قبل احتضان المغرب التظاهرة الرياضية الكبرى كأس العالم لكرة القدم المقررة في 2030.
ويشكل هذا المشروع المهيكل، بغلاف مالي قدره 53 مليار درهم (نحو 5.7 مليار دولار) ، جزءا من برنامج طموح تطلب تعبئة استثمارات إجمالية بقيمة 96 مليار درهم، ويهم أيضا اقتناء 168 قطارا بمبلغ 29 مليار درهم، موجهة لتجديد الحظيرة الحالية للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ومواكبة مشاريع التنمية، والحفاظ على مستوى الأداء بـ14 مليار درهم، ستمكن على الخصوص من تطوير ثلاث شبكات للنقل الحضري على مستوى مدن الدار البيضاء والرباط ومراكش. (الدولار حوالي 9.26 درهم).
وأكد المدير العام المساعد بالمكتب الوطني للسكك الحديدية محمد السموني أن هذا المشروع يجعل من المغرب بلدا رائدا ومرجعا في هذا المجال، مشيرا إلى أنه بإمكان البلدان الصاعدة امتلاك هذه التكنولوجيا التي تساهم في تطوير خدمات النقل لفائدة جميع المواطنين. ويُعد هذا الخط أول قطار فائق السرعة في القارة الأفريقية، وقد تم إنشاؤه بشراكة بين المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي وشركة “ألستوم” الفرنسية.
وحظي انطلاق المشروع بإشادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال على حسابه في موقع إكس إن التعاون الفرنسي – المغربي “يحرز تقدمًا سريع الوتيرة،” وتابع في منشوره باللغة العربية “استهل الملك محمد السادس أعمال خط القطار فائق السرعة الجديد بين القنيطرة ومراكش الذي أثمر بالفعل عن الشراكات التي أقامتها منشآتنا خلال زيارة الدولة التي أجريتُها إلى المغرب في أكتوبر.”
وأوضح السموني أن هذا المشروع الكبير سيمكّن المغرب من تعزيز شبكة القطارات فائقة السرعة على مسافة تفوق 600 كلم، وسيتيح الخط الجديد تقليص المسافات، وتقديم خدمات إضافية للمواطنين، كما سيمكن من المحافظة على البيئة، مشيرا إلى أن المغرب اكتسب الخبرة الكافية لإنجاز هذا المشروع في أفضل الآجال، وأنه سيؤمّن الربط بين العديد من المجالات الترابية والمدن والمطارات والملاعب الكبرى.
ومع هذا المشروع الجديد سيتم ربح حيز زمني يتجاوز الساعتين إذ ستصبح المدة الزمنية بين طنجة والرباط ساعة واحدة، وساعة وأربعين دقيقة بين طنجة والدار البيضاء، وساعتين و40 دقيقة بين طنجة ومراكش، وسيمكن المشروع كذلك من ربط الرباط بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء في 35 دقيقة، مع الربط كذلك بالملعب الجديد لبنسليمان، وتأمين خدمة للخط فائق السرعة بين فاس ومراكش في حيّز زمني يقدر بثلاث ساعات و40 دقيقة.
وأكد رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، أن إنجاز المشروع سينعكس إيجابيا على اقتصاد المغرب، حيث أن تحسّن البنية التحتية في المجال السككي والطرقي سيصب لصالح صناعة السيارات والطائرات، لافتا إلى تكريس الحفاظ على البيئة من خلال استخدام الهيدروجين الأخضر لتشغيل القطارات.
◙ المشروع امتداد إستراتيجي للخط الأول الذي تم تدشينه سنة 2018، والذي يربط مدينة طنجة بالدار البيضاء
وأضاف ساري في تصريح لـ”العرب” أن هذا المشروع الضخم سيكون له تأثير إيجابي على المجال السياحي، إذ أن تقويه البنية التحتية للنقل ستساعد على استقطاب أكبر للسياح. كما أن توسيع ربط ميناء طنجة المتوسط بشبكة السكك الحديدية يعني سرعة العبور وتسهيل مجموعة من العمليات سواء على مستوى مرور المسافرين أو البضائع، خصوصا وأن هذا المشروع الضخم ستوازيه ورش توسيع الطرق السيارة والوطنية، مع إنشاء مجموعة من الوحدات والمناطق الصناعية الكبرى.
ويهم مشروع الخط فائق السرعة القنيطرة – مراكش، بالخصوص، تصميم وإنجاز خط جديد بين القنيطرة – مراكش بسرعة 350 كلم في الساعة، وتهيئة مناطق المحطات بالرباط والدار البيضاء ومراكش (أشغال على السكك المستغلة)، وتجهيزات السكك الحديدية، وبناء محطات جديدة للقطارات فائقة السرعة، ومحطات قطارات القرب وتهيئة المحطات الموجودة، فضلا عن إنشاء مركز لصيانة وإصلاح العربات بمراكش.
وأكد مدير قطب المعدات بالمكتب المغربي للسكك الحديدية لوسيانو بورخيس أن مشروع الخط فائق السرعة القنيطرة – مراكش، سيتم تجهيزه بمعدات تكنولوجية متطورة، توفر أجود معايير السلامة والراحة، ما يعيد تشكيل شبكة السكك الحديدية الوطنية من حيث المدة الزمنية للرحلات وكذلك الخدمات المقدمة، مع تلبية أهداف الاستدامة التي حددها المغرب.
وسيتيح إنجاز تمديد الخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش الفرصة لتطوير خدمة حقيقية للقرب، تتمثل في قطارات القرب الحضرية، لتغطي جزءا من حاجيات النقل الجماعي بالنسبة إلى سكان مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش. وتعد هذه الخدمة الجديدة لقطارات القرب الحضرية استجابة حقيقية لتحديات التنقل الحضري في هذه المدن الكبرى، وتوفر العديد من المؤهلات على مستوى المواعيد وجودة الخدمة والاستدامة.