"الملاك".. غسل سمعة أشرف مروان خارج سياق التاريخ

سياق الأحداث في الفيلم الإسرائيلي يتناقض مع مسار الحرب والسلام بين مصر وإسرائيل.
الاثنين 2018/09/17
الفيلم لم يظهر مروان كعميل لإسرائيل بل كـ"بطل للسلام" 

لندن - خفتت كثيرا ضجة كبيرة أحدثها إعلان منصة البث العالمية “نيتفليكس” عن فيلم “الملاك”، الذي يجسد علاقة المسؤول المصري البارز أشرف مروان بالموساد الإسرائيلي، بعدما أظهر تناقضا كبيرا مع حقائق تاريخية، وخرج في سياقه عما كان متوقعا قبل عرضه.

وعرضت “نيتفليكس” الفيلم في 14 سبتمبر الجاري. ومنذ الإعلان عن بثه، توقع مؤرخون أن يطرح الفيلم فكرة تتمحور حول قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق نظام الرئيس المصري الراحل أنور السادات، من خلال تجنيد مدير مكتبه، الذي كان زوجا لابنة الرئيس جمال عبدالناصر.

لكن السيناريو فاجأ النقاد عندما أراد إظهار مروان باعتباره شخصية محورية استطاع التلاعب بصناع السياسات في القاهرة وتل أبيب على حد سواء، من أجل الوصول إلى غاية شخصية وهي “السلام”.

وسلط السيناريو الضوء على سياق اتصال مروان لأول مرة بالسفارة الإسرائيلية في لندن، إذ اعتبر المؤلف أن تأزم العلاقة بين مروان وعبدالناصر، وسعي الرئيس المصري آنذاك إلى فصل ابنته منى عن مروان، كان سببا رئيسيا في قرار مروان التعامل مع “أعداء عبدالناصر” و”بيع البلد من أجل المقابل المادي”.

اثار جدلا وساعا
أثار جدلا وساعا

ولم ينكر المؤلف حصول مروان على حقيبة نقود في كل مرة التقى فيها مع داني بن أرويا، ضابط الموساد الذي كان يشرف على مروان، وقام بدوره الممثل البريطاني توبي كيبيل.

ويظهر الفيلم صراع قوى داخل الموساد في ما يتعلق بـ”الملاك”، وهو الاسم الحركي الذي منحه الموساد لمروان. ونتج هذا الصراع عن الخلاف في وجهات النظر بين داني، وزميله في الموساد جودا هورنستاين (ميكي ليون)، الذي كان يضغط لضرورة عدم الوثوق في مروان، عند رئيس الموساد زفي زامير، الذي قام بدوره الممثل الإسرائيلي أوري بفيفر.

ورغم الأسباب الظاهرية، لم يتمكن الإسرائيليون من التوصل إلى دوافع مروان الحقيقية من وراء قراره التعاون مع الموساد. لكن المؤلف أراد الإجابة عن تساؤلات الإسرائيليين حول فكرة لم تكن متوقعة قبل عرض الفيلم.

ويوضح أحد المشاهد التي جمعت مروان مع السادات ضغطه لصالح عدم تنفيذ خطة الفريق سعدالدين الشاذلي المتمثلة بتطوير الهجوم في مرحلة لاحقة من أجل الوصول إلى منطقة المضايق الاستراتيجية في سيناء، وهو ما يعني تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة. وبدلا من ذلك طرح مروان “جرح إسرائيل دون تدميرها” على السادات من أجل التوصل إلى الهدف النهائي، وهو إجبار الإسرائيليين على الجلوس على طاولة التفاوض، وتوصل الجانبين إلى اتفاق سلام.

وتاريخيا، شكل مفهوم العمليات العسكرية المحدودة لكسر الجمود الذي خلقته حالات “اللاحرب واللاسلم” بين مصر وإسرائيل، عقيدة السادات التي بنى عليها خططه العسكرية والدبلوماسية، التي قادت لاحقا إلى زيارته إلى الكنيست الإسرائيلي عام 1977، ثم توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979.

غير أن مؤلف الفيلم ينسب هذا المسار الحافل بالدبلوماسية التي أعقبت حرب أكتوبر 1973 لفكرة أشرف مروان وقدرته غير الواقعية أو الموثقة على التأثير على السادات.

ولم يكن مروان قادرا، وفق أحداث الفيلم، على التأثير على السادات وحده، بل كان مستعدا للتلاعب بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي أظهره الفيلم في صورة شاب متحمس يعشق الطرب والنساء.

واستطاع مروان خداع القذافي وتوظيف علاقته معه في إحباط هجوم كان يخطط له على طائرة إسرائيلية، وأثبت من خلال هذه العملية، التي تعاون فيها مع الاستخبارات الإيطالية قيمته كعميل لدى إسرائيل.

ودلل المؤلف على نهجه في “غسل سمعة” مروان في المشهد الأخير، الذي جمعه بداني عام 1982 في لندن، وأكد فيه أن “إسرائيل أفضل كثيرا اليوم بعد السلام مع مصر”، كما وضع صورة حقيقية لمروان وكتب تحتها “هذا الشخص هو الوحيد الذي يعتبر بطلا قوميا في كل من مصر وإسرائيل معا”.

1