المكسيكي المهاجر هيريرا أميرا للشعر الأميركي

في العاشر من شهر يونيو الجاري، أعلن جيمس بيلينغتن، أمين مكتبة الكونغرس، عن اختياره لخوان فيليبي هيريرا (Juan Filpe Herrera) ليشغل موقع شاعر أميركا الرسميّ (Poet Laureate Consultant in Poetry)، وهو موقع يعادل “شاعر البلاط” في بريطانيا، ولقب “أمير الشعراء” في التقاليد العربية.
وفي معرض تبريره لهذا الاختيار، قال بيلينغتن: أرى في قصائد هيريرا عملا أميركيا أصيلا، عملا يكتسب جلاله وفيوضاته من “أوراق العشب”، ثمّ يتوسّع ناهلا منه.
تنهمك قصائده في نوع من الخفة الجديّة -في اللغة والصورة- تجعلني أشعر بأنها التي تمنح القصائد قوتها الراسخة. أرى كيف تشايع أصواتا وتقاليد وتواريخ، ومنظورا ثقافيّا كذلك، والذي هو جزء حيويّ من هويتنا الأميركية الأكبر.
من أصول لاتينية
ينحدر هيريرا، والذي يكتب بالإنكليزية والأسبانية على حدّ سواء، من عائلة مزارعين هاجرت إلى كاليفورنيا من المكسيك في بداية القرن العشرين.
وهو، بهذا التتويج الذي سيتمّ في شهر سبتمبر من هذا العام، سوف يكون أول شاعر ينحدر من أصول لاتينيّة (تشيكانيّة) يشغل هذا “المنصـب” مــنذ تأسيــسه في العام 1936.
موقع شاعر أميركا الرسمي يهدف إلى الانهماك في مشاريع شعرية من شأنها أن توسّع قاعدة جمهور الشعر وزيادة الوعي بكتابته
وأمّا هيريرا -والذي سوف يخلف الشاعر تشارلز رايت في هذا الموقع- سوف يفتتح منصبه الجديد، هذا، بقراءات شعريّة في “شهر التراث الهيسبانيّ”، الذي سوف تستضيفه مكتبة الكونغرس في الخامس عشر من شهر سبتمبر.
بيت الألوان
وخلال مدة شغله لهذا المنصب، سوف يعمل هيريرا، وبالتعاون مع المكتبة، على مشروع (ضمن ميزانية تقدر بخمسة وثلاثين ألف دولار) أطلق عليه بالإسبانية اسم “بيت الألوان” (Casa de Colores)، وهو مشروع سوف يتوجه إلى جميع الأميركيين من شتى الأعراق والخلفيات الثقافية.
“نعم، أنا أول شاعر لاتينيّ يتوّج بهذا اللقب في الولايات المتحدة، ولكنني هنا من أجل الجميع، لقد صُنع صوتي من أصوات الآخرين”، هكذا قال هيريرا في أول تعقيب له على هذا الاختيار.
ثم استطرد قائلا: “نتحدث عن فهم بعضنا البعض، ولكن، وبالرغم من تلك الحوارات التي أجريت على نطاق الأمة -ثقافيا وتاريخيّا- إلّا أنه مازالت هنالك بعض الفجوات، لذا فإنني أريد المساعدة في ردم هوّة المعرفة المتعلقة بجتمعاتنا اللاتينية وما يدور من حولها، في ضوء طرائق الأدب والكتابة” ثم ختم “كما أريد للشبيبة اللاتينية أن يكتبوا عن المشاعر التي تعتمل في قلوبهم، وأن يعبّروا عنها، كي ننصت إلى بعضنا البعض جميعا”.
وفي إحدى قصائده، نقرأ لخوان فيليبي هيريرا الخاتمة التالية:
“أريد أن أكتب عن الحبّ
في وجه الكارثة”.
ومن قصيدة له بعنوان “دم على العجلة”، نقتطف المقطع التالي:
|
دم على تربة الليل والرجال في الطريق إلى سجن البلد
دم على الكرسي الواجم الذي يحتويك بمسرّاته
دم داخل الكوارتز، الساعة الجميلة، عين الحارس
دم على منحدر الأسماء والوشوم مخفيّة
دم على العذراء، خلف الحُجب،
خلف شَعر الوحي الذهبيّ للملاك القمريّ
أيّ دم هذا، أهو دم الجرذ العامل؟
أهو دم الحاكم المستنسخ، خادمة المدينة؟
لِمَ يجري على هيئة السّين والزّاي؟
دم على الأريكة التي صنعت لرؤية العربات والوجه الرّهيم
دم على الدبّوس الذي يمضي فيك بلا ألم
دم على الغربال، ملكة القلوب المستعبدة ذات الجذع الأخضر
دم على أمنية جدّتي، عصاها التّكساسيّة المبهرجة
دم على صدر الابنة التي تحوك الزهور
دم على الأب، هل يذكره أحد، ضاربا إلى الزرقة؟
دم من تصوير المطبخ الجصيّ، بضربات كهرمانية سميكة
دم من أذن الطفل اليمنى، من أنفه الوحي
أيّ دم هذا؟