المفكر السعودي سعد البازعي: العمل الثقافي لا تنتجه المؤسسات

الخليج العربي أصبح المنطقة الأكثر إنتاجا في المجالات الإبداعية.
السبت 2023/11/25
على المترجم العربي أن يكون شجاعا

تشهد منطقة الخليج العربي ازدهارا ثقافيا كبيرا جعلها على رأس الحراك الثقافي العربي، ولم يأت هذا الازدهار من عدم بل قاده كتاب ومفكرون ومثقفون واجهوا التيارات الغارقة في الماضي بجرأة ليخلقوا مسارا ثقافيا تنويريا يراعي خصوصيات المنطقة والثقافة العربية بتراثها فاتحا إياها على مستقبل أفضل، ومن بين هؤلاء المفكر والناقد والمترجم السعودي سعد البازعي الذي تحتفي به الكويت هذه الأيام.

الكويت - يحتفي معرض الكويت الدولي للكتاب في نسخته السادسة والأربعين هذا العام بالناقد والمترجم السعودي سعد البازعي الذي اختاره شخصية ثقافية لدورته هذه، ويعتبر البازعي واحدا من أبرز الأسماء الثقافية المؤثرة في منطقة الخليج والعالم العربي عموما.

واحتفاء بالبازعي أقام المعرض، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حتى الثاني من ديسمبر القادم، جلسة حوارية بحضوره تناولت جوانب من تجربته ورؤاه حول قضايا ثقافية راهنة.

ازدهار ثقافي

ازدهار معارض الكتب وحرص الحكومات على تنظيمها وإقبال الجمهور عليها دليل على أهمية الكتاب الورقي للناس

في جلسة حوارية شهدها المعرض مساء الأربعاء، قال الناقد والمفكر والمترجم السعودي الأكاديمي سعد البازعي إن ازدهار معارض الكتب، وحرص الحكومات على تنظيمها وإقبال الجمهور عليها، دليل على أهمية الكتاب الورقي للناس وأن علاقتهم به لن تكون افتراضية. وأضاف البازعي أن النجاحات التي تحققها معارض الكتاب في الرياض وجدة والكويت وغيرها تُثبت أن الكتاب مازالت له شعبية.

وأشار إلى أن معارض الكتب صارت بمثابة مهرجانات ثقافية، لكنه عبّر عن أمله في أن تكون الندوات المصاحبة حول الكتب في إطار أن معارض الكتب تُقام لتذكر الناس بالكتاب وخاصة الجيل الجديد من الشباب.

وحول رؤيته للحياة الثقافية في السعودية ومنطقة الخليج العربي، قال البازعي إن الحياة الثقافية في بلدان الخليج العربي مزدهرة وتشهد نموا مستمرا، وأنه منذ عقدين أو ثلاثة صارت المنطقة مركز استقطاب وبات يعمل بها أكثر العقول العربية، وأصبحت المنطقة الأكثر إنتاجاً في المجالات الإبداعية كافة.

ولفت إلى أن السعودية اتجهت منذ إنشاء وزارة الثقافة في خط مغاير، حيث جرى تشكيل 11 هيئة نجحت في تحقيق حراك ثقافي وإبداعي غير مسبوق في شتى مناحي الإبداع.

ونوّه البازعي إلى أنه حين تم ضم “تصميم الأزياء” و”الطهو” إلى أنشطة الهيئات التابعة لوزارة الثقافة بالمملكة، كان هناك تخوّفٌ من أن تكون هناك ردود فعل سلبية، لكن الذي حدث هو العكس.

وأكد على أن الأندية الثقافية السعودية قامت بدور رئيسي في الحركة الثقافية بالمملكة، وأن تلك الأندية الآن في طريقها للانسحاب من المشهد الثقافي، وحلّ محلها “الشريك الأدبي”، وصارت هناك المقاهي الثقافية التي تشهد حراكا كبيراً، إضافة إلى برنامج معتزلات الكتابة التي تتيح للمبدعين فرصة إنجاز أعمالهم الإبداعية، وهو برنامج من مستحدثات الحياة الثقافية في المملكة.

وتشهد الترجمة حركية هامة على مستوى الخليج وعدة بلدان عربية، وللبازعي مساهمات هامة في الترجمة التي قدم فيها العديد من المؤلفات الفكرية والنقدية.

ويعتبر أن زخم التراجم على مستوى الخليج العربي يعود أساسا إلى التحول الواضح الذي يحدث في الساحة الثقافية السعودية والخليجية بشكل عام، إذ يظهر ذلك في الترجمة كمجال ضخم للإنتاج المعرفي والتفاعل مع الآخر؛ وتؤكد هذه الحركية مشاريع كبرى تأسست سواء في الكويت أو السعودية، كما وقع إطلاق جوائز للترجمة وغيرها مثل جائزة الملك فيصل العالمية.

أهمية الترجمة

الحياة الثقافية في بلدان الخليج العربي مزدهرة وتنمو باستمرار ومنذ عقدين أو ثلاثة صارت المنطقة مركز استقطاب

رأى البازعي أن حركة الترجمة بالمملكة نشطت كثيرا في السنوات الثلاث الماضية، مشددا على أن العمل الثقافي لا تنتجه المؤسسات، وأن المؤسسات هي حاضنة وداعم وموجّهة.

ونوّه البازعي إلى ضرورة أن تراعي المنطقة العربية موقعها التاريخي والحضاري، وأن تتنبه لوجود ثقافات مهمة في آسيا وأفريقيا، وأننا نقع ضمن هذا العالم غير الغربي، وأن نترجم من الثقافات الآسيوية والأفريقية، وأن ندرس تلك الثقافات والعمل على تقديم الثقافة العربية لهم.

وبيّن أن أهمية الترجمة تكمن في أنها هي الطريق لمعرفة الآخر، وأنه على المترجم العربي أن يكون شجاعا في مواجهة الخلاف مع الآخر، لا أن يجعل النص يتماشى مع ذواتنا نحن.

وتابع أنه “حينما نترجم نواجه ثقافات باختلافها، وأنه إما أن نكون مخلصين للنص الأدبي، أو أن نقدم للقارئ ما يرتاح إليه وما يُشبهه، وأن تلك الأمور تندرج في ‘مآزق الترجمة'”. واختير المفكر السعودي سعد البازعي شخصية معرض الكويت الدولي للكتاب الذي انطلق الأربعاء ويستمر حتى الثاني من الشهر المقبل.

ويذكر أن البازعي باحث وناقد سعودي، حصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة الرياض (جامعة الملك سعود) عام 1974 ثم على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي والمقارن من جامعة بوردو بالولايات المتحدة.

وله نحو 30 كتابا في الأدب والفكر المعاصر علاوة على ترجمات عديدة، ومن أبرز مؤلفاته “ثقافة الصحراء” و”دليل الناقد الأدبي” و”المكون اليهودي في الحضارة الغربية” و”سرد المدن” و”هموم العقل” و”قلق المعرفة” و”هجرة المفاهيم”.

وقد حضر الندوة الحوارية للناقد والمفكر والمترجم السعودي سعد البازعي كل من الأكاديمي محمد خالد الجسار الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وعائشة المحمود الأمينة العامة المساعد لقطاع الثقافة، وجمهور كبير من محبي الثقافة.

12