المفتشية العامة: حكومة ظل تجسد شكوك تبون في لوبيات الإدارة

السلطة تستسهل استحداث أجهزة جديدة بدل اتخاذ إصلاحات جذرية.
السبت 2022/03/05
تبون لا يثق في الإدارة الجزائرية

نصب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مفتشية رئاسة الجمهورية، تطبيقا للتعهدات الانتخابية التي وعد بها الجزائريين أثناء حملته الانتخابية، لكن الجهاز الذي سيضطلع بمهام رقابية لأداء المؤسسات الرسمية ينظر له متابعون على أنه يترجم أزمة الثقة القائمة بين الرئيس والإدارة.

الجزائر – دخلت مفتشية رئاسة الجمهورية حيز الخدمة بتوقيع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على مرسوم استحداثها، لتنضاف بذلك إلى جهاز وساطة الجمهورية، وهو ما يكرس توجهات السلطة في ردم الهوة المستفحلة داخل وبين المؤسسات الرسمية للدولة، في إطار ما تروج له حول الحكامة الراشدة.

ويبدو أن المفتشية العامة وقبلها وساطة الجمهورية، ستكون بمثابة حكومة ظل تقع وصايتها تحت رئاسة الجمهورية، الأمر الذي يكرس المخاوف التي عبّر عنها رئيس الدولة في أكثر من مرة، وتشكى من عرقلة برنامجه من طرف بعض اللوبيات والمؤسسات الإدارية، كما يطرح الاستفهام عن مهام ودور المؤسسات الدستورية في ممارسة حقها الرقابي، كما هو الشأن بالنسبة للبرلمان.

ويدخل الجهاز الجديد في سياق التعهدات التي أطلقها الرئيس تبون، خلال حملته الانتخابية التي أوصلته إلى قصر المرادية في استحقاق ديسمبر 2019، من أجل إضفاء الرقابة والمتابعة لأداء المؤسسات الرسمية والمسؤولين عليها، وتقويم التسيير على مستوى الإدارات والهيئات والمؤسسات العمومية، خاصة على المستوى المحلي.

ويراهن الرئيس تبون على الهيئات الجديدة من أجل القضاء على الاختلالات المستشرية داخل مفاصل الدولة، ويعتبرها أساس بناء جزائر جديدة تسترجع فيها ثقة المواطن، اعتمادا على مراقبة عمل المسؤولين، ومحاربة الفساد والبيروقراطية.

وجاءت مفتشية رئاسة الجمهورية لتنضاف إلى جهاز وساطة الجمهورية، الذي استحدث خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يكرس توجه السلطة لإصلاح أداء الإدارة بأجهزة إدارية جديدة، بدل الذهاب إلى حلول عميقة وإصلاحات جذرية، تخفف من الحواجز البيروقراطية أمام الجزائريين، وتغني الخزينة العمومية عن أعباء مالية إضافية.

وذكرت برقية لوكالة الأنباء الرسمية أن استحداث هذه الهيئة بإمكانه “فتح المجال واسعا أمام محاربة خيانة الأمانة ووضع حد لسياسة اللا عقاب، وتكريس الشفافية لاستعادة ثقة المواطن في دولته”، وهو ما سينضاف إلى جهود جهاز وساطة الجمهورية، الذي اضطلع خلال الأشهر الأخيرة بإيعاز من رئاسة الجمهورية، بما سمي بـ”تذليل الصعوبات الإدارية والبيروقراطية التي عطلت المشاريع الاستثمارية والاقتصادية”، وتحدثت تقارير رسمية في هذا الشأن عن دخول نحو 400 مشروع حيز الخدمة، بعد تدخل “الوساطة” لتسوية أوضاعها الإدارية.

وأضافت البرقية أن “رئيس الجمهورية لطالما أكد أن تحقيق الانطلاقة الفعلية يمر عبر بسط الرقابة، وهو ما تجسد في استحداث مفتشية عامة تتولى مراقبة مدى تنفيذ المسؤولين للقرارات والسياسات العمومية، من خلال تحريات ميدانية يجريها مفتشون يتم إيفادهم إلى مختلف الولايات، وتشمل كل القطاعات، باستثناء الدفاع الوطني والأعمال القضائية”.

ولفتت إلى أن المفتشية العامة تتدخل من خلال “مهام الرقابة التي يمكن أن تكون إما فجائية وإما معلنا عنها، وزيادة على ذلك يمكن أن تكلف من طرف رئيس الجمهورية بأي مهمة تحقيق أو تحر في مسائل خاصة أو استثنائية، حسب ما ينص عليه المرسوم الرئاسي المحدد لصلاحياتها وتنظيمها وسيرها”.

واكتفت وكالة الأنباء الرسمية بالإعلان عن توقيع الرئيس تبون على مرسوم استحداث المفتشية العامة، دون أن تقدم توضيحات عن النصوص والتشريعات الناظمة للهيئة، أو تفسيرات لاستثناء شؤون الدفاع والقضاء من مهامها، لاسيما وأنهما مؤسستان كغيرهما من المؤسسات التي طالها الفساد.

يدخل الجهاز الجديد في سياق التعهدات التي أطلقها الرئيس تبون، خلال حملته الانتخابية التي أوصلته إلى قصر المرادية

وكان عبدالمجيد تبون قد أوضح في وقت سابق أن “الغاية من استحداث مفتشية عامة تابعة لرئاسة الجمهورية هي مراقبة عمل ونشاط المسؤولين، بحيث لا يدري أي مسؤول متى تقصده هذه المفتشية”.

ويبدو أنها تملك من الصلاحيات ما يسمح لها بـ”الاطلاع المباشر على كيفية التسيير على المستوى المحلي واتصالها بكافة شرائح المجتمع، في سياق تحرياتها، وستكون هذه الهيئة بمثابة العين الساهرة على تنفيذ القرارات الحكومية وتطبيق قوانين الجمهورية، في إطار تقييم متواصل لأداء القائمين على تجسيد السياسات
العمومية”.

كما تضطلع هذه الهيئة بالسهر على متابعة مدى تطبيق تعليمات الرئيس وتنفيذ توجيهاته التي تصب في خانة تنظيم وتحسين نوعية تسيير مصالح الدولة والجماعات المحلية، فضلا عن نوعية الخدمات التي تقدمها هذه المصالح بالنظر إلى احتياجات وتطلعات المواطنين، ويمتد عملها الرقابي ليحيط بكل ما له علاقة بتطبيق التشريع الذي يحكم سير مصالح الدولة، وعلى وجه أخص المؤسسات والهيئات العمومية والجماعات المحلية والهياكل التابعة لها.

وأكدت الوكالة الرسمية أنه “بغية تسهيل المهام المسندة لها، تم تمكين هذه المفتشية من جملة من الصلاحيات التي تؤهلها للاطلاع على نشاط الهياكل محل التفتيش أو المراقبة، حيث تتوج كل مهمة بتقرير يوجه إلى رئيس الجمهورية”.

4