المفاوضون يعودون إلى عواصمهم للتشاور مع بلوغ مباحثات فيينا "قضايا صعبة"

طهران - عاد كبار المفاوضين الإيرانيين والأوروبيين السبت إلى عواصمهم لإجراء مشاورات وجيزة، مع بلوغ المباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي "قضايا صعبة" في ما يتعلق بصياغة المسودات في ظل استمرار الخلاف على التفاصيل.
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" أن "المفاوضين سيعودون إلى فيينا خلال يومين"، مشيرة إلى أن الاجتماعات على مستوى الخبراء ستتواصل في العاصمة النمساوية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ونقلت عن مصدر لم تسمّه إن "المفاوضات جارية حاليا حول القضايا الصعبة وكيفية صياغة القضايا التي تم الاتفاق على مبادئها، إلى عبارات وإدراجها في الوثيقة" بشأن اتفاق نهائي.
وتخوض إيران مع القوى الكبرى مباحثات لإحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي المبرم عام 2015. وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت أحاديا منه عام 2018، بشكل غير مباشر فيها.
وبدأت مفاوضات فيينا في أبريل. وبعد تعليقها زهاء خمسة أشهر اعتبارا من يونيو، تم استئنافها في أواخر نوفمبر.
وتشدد طهران على أولوية رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد انسحابها من الاتفاق، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي.
وفي المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على أهمية عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها بموجب الاتفاق، والتي بدأت التراجع عنها في 2019 ردا على انسحاب واشنطن.
ونقلت "إرنا" عن المصدر أنه تمت معالجة العديد من المسائل "ذات الصلة بالحظر (العقوبات) والقضايا النووية، والعمل جار حاليا بشكل متزايد على الملحق الثالث حول التنفيذ والتسلسل المحتمل للاتفاق"، أي تنسيق الخطوات التي يجدر بكل طرف اتخاذها بحال التفاهم على إحياء الاتفاق.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات اقتصادية عن إيران، في مقابل الحدّ من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وتابع المصدر "نحن نناقش التفاصيل وهذا الجزء هو الأصعب والأطول في المفاوضات لكنه ضروري تماما للوصول إلى هدفنا"، وفق ما أوردت "إرنا".
وأشار المصدر إلى أن أي تفاهم نهائي سيتم تطبيقه عبر مراحل تستغرق شهورا، مضيفا أن المزاج الإيجابي الذي تحدث عنه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل نابع من الدخول في مرحلة صياغة المسودات رغم استمرار الخلاف على التفاصيل.
وخلال الأيام الماضية، عكست تصريحات المعنيين بالمفاوضات، تحقيق بعض التقدم، مع تأكيد استمرار وجود تباينات بينهم بشأن قضايا مختلفة.
وأتى الإعلان عن عودة المفاوضين غداة تأكيد بوريل أن أجواء المباحثات باتت "أفضل" مما كانت عليه قبل نهاية 2021، متحدثا عن "احتمال" التوصل إلى تفاهم "في الأسابيع المقبلة".
من جهة أخرى، كشف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن هناك تقدما حقيقيا في مفاوضات فيينا بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وأشار إلى أن الدول الغربية تجاوزت مسألة بحث البرنامج الصاروخي وتصرفات إيران في المنطقة، داعيا طهران إلى أن تكون واقعية وبنّاءة في المفاوضات.
من ناحيتها، أكدت الصين مجددا معارضتها للعقوبات أحادية الجانب من الولايات المتحدة على إيران، وذلك في اجتماع بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان انعقد أمس في مدينة ووشي بإقليم جيانغسو، بحسب وزارة الخارجية الصينية.
وقال وانغ إن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأساسية عن الصعوبات المستمرة بعد انسحابها من جانب واحد من الاتفاق النووي في عام 2018، موضحا أن الصين تدعم بقوة استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق.
وشدد وزير الخارجية الصيني على رفض العقوبات "غير القانونية" ضد إيران "والتلاعب السياسي من خلال مواضيع تشمل حقوق الإنسان والتدخل في الشؤون الداخلية لإيران والدول الأخرى بالمنطقة".
أما عبداللهيان فقال بعد اللقاء إن بكين وموسكو تقومان بدور إيجابي في مفاوضات فيينا لدعم "حقوق إيران النووية" وإلغاء العقوبات.
ومن جانب آخر، أكد وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان أن المفاوضات تسير ببطء، كما حذر في ختام اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين بمدينة برست غربي فرنسا من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق سيضع الاتحاد أمام أزمة، مطالبا إيران "بحسم موقفها".
أما المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي فوصفت المرحلة الحالية من المفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع إيران بأنها حاسمة، موضحة أن واشنطن ستفكر في مسار مختلف في المراحل المقبلة، وأن الرئيس جو بايدن طلب من فريقه وضع مجموعة من الخيارات لدراستها.
وتشدد الدول الغربية على الحاجة إلى إبرام تفاهم سريعا، خصوصا في ظل "تسارع" أنشطة إيران النووية منذ تراجعها عن التزاماتها بموجب الاتفاق.
وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس من تبقي "بضعة أسابيع" لإنقاذ الاتفاق النووي، مؤكّدا أنّ بلاده "مستعدّة" للجوء إلى "خيارات أخرى" بحال فشل المفاوضات في فيينا.