المغرب يواصل اعتماد سياسة التقشف المائي رغم تحسن مردود السدود

المملكة تشهد اليوم تأثيرات متزايدة للتغيرات المناخية على مختلف مواردها المائية.
الأحد 2025/06/15
شح الموارد يهدد الأمن المائي للمغرب

الرباط - رغم التحسّن الذي عرفه مخزون السدود من الموارد المائية في المغرب، والذي تجاوز 39 في المئة، تستمر السلطات في تطبيق نفس الإجراءات الميدانية التي أقرتها سابقا، تماشيا مع إكراهات مرحلة الجفاف وقلة التساقطات المطرية.

ويشهد المغرب اليوم تأثيرات متزايدة للتغيرات المناخية على مختلف موارده المائية، سواء الجوفية أو السطحية، ازدادت حدتها بشكل أكبر خلال السنوات الماضية، التي شهدت انحسارا في التساقطات، وتتجلى هذه التأثيرات في عدة جوانب.

وتمّ الإبقاء على مظاهر “اليقظة” في جهات المغرب الاثنتي عشرة، سواء تعلق الأمر باليقظة المرتفعة أو المنخفضة أو حتى دون يقظة.

وحسب المعلومات التي وفّرتها منصة “الماء ديالنا” التي تشرف عليها وزارة التجهيز والماء، فإن السلطات العمومية بجهة الرباط – سلا – القنيطرة تواصل الحرصَ على منع استعمال ماء الشرب لغسل وتنظيف الساحات والشوارع العمومية، مع الحث على استعمال المياه المعالجة، وكذلك تطبيق إجراءات الضبط الإداري الخاصة لمواجهة المخالفين لهذه المقتضيات.

ويتم في تراب الجهة نفسها، لاسيما سلا، حصرُ فترة اشتغال الحمامات ومحلاّت غسل السيارات في أربعة أيام فقط، مع تفعيل عمل الهيئات المكلفة بضبط وزجر المخالفات المرتبطة بتبذير الموارد المائية. زد على ذلك منعَ ملء المسابح العمومية والخاصة أكثر من مرة في السنة، إلى جانب تدابير أخرى تروم الوصول إلى الهدف نفسه.

السلطات تواصل منع الزراعات الموسمية المستهلكة للمياه، وضبط أنشطة الحمّامات وغسل السيارات

وإضافة إلى هذه الإجراءات تواصل سلطات جهة الدار البيضاء – سطات (ذات مستوى اليقظة المرتفع) تقنين زراعة الجزر والزراعات الأكثر استهلاكا للماء في 5 آلاف متر مكعّب للهكتار في السنة، ومنع غير المنضوين تحت لواء الجمعيات المرخص لها بممارسة هذه الزراعات.

ويتم كذلك منع استغلال الموارد المائية الجوفية عن طريق الآبار أو الأثقاب أو مجاري المياه أو الوديان دون ترخيص من الجهة صاحبة الاختصاص، فضلا عن منع كُليّ لزراعة العشب الطبيعي، ومنع مماثل لسقي ملاعب الغولف باستعمال الماء الصالح للشرب، مع إعداد برنامج لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة.

وتنضم جهة درعة – تافيلالت إلى الجهات الأخرى ذات مستوى اليقظة المرتفع (اللون الأحمر)، إذ لا تزال تعرف منع زراعة البطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر، لاسيما في إقليم تنغير، مع تعليق البتّ في تراخيص إنجاز المنشآت والمشاريع الاستثمارية الجديدة الزراعية والصناعية وغيرها المستهلكة للماء، بإقليم الرشيدية تحديدا.

وليست وضعية الموارد المائية بجهة سوس – ماسة مُطمئنة، على الرغم من بقاء مستوى اليقظة منخفضا؛ إذ تواصل السلطات العمومية تقنين الزراعة ومنع الزراعات الموسمية المستهلكة للمياه، إلى جانب ضبط أنشطة الحمّامات وغسل السيارات.

وتتشارك جهتا طنجة – تطوان – الحسيمة وفاس – مكناس مع سوس – ماسة في المستوى نفسه من اليقظة المنخفض، إذ تواصلان بدورهما اللجوء إلى منع زراعة العشب وسقي الملاعب بالمياه الصالحة للشرب، فضلا عن زجر جميع عمليات استخراج المياه بطرق غير قانونية.

سلطات جهة الدار البيضاء – سطات تواصل تقنين زراعة الجزر والزراعات الأكثر استهلاكا للماء في 5 آلاف متر مكعّب للهكتار في السنة

وتهدف هذه التدابير إلى التجاوب مع تداعيات شح الموارد المائية، نتيجة لتوالي سنوات الجفاف بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ويتم بطانطان منعُ تنظيف وغسل الشوارع العمومية والطرقات بالماء الصالح للشرب، مع منع سقي المساحات الخضراء ومنع سحب المياه من الآبار دون ترخيص.

وتنسحب مجمل هذه التدابير على أقاليم أخرى، كأسا الزاك والسمارة، في وقت لا تورد فيه المنصة سالفة الذكر التابعة لوزارة التجهيز والماء معلوماتٍ عن هذه التدابير بجهة الداخلة – وادي الذهب وكذلك أقاليم العيون وطرفاية وبوجدور.

وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت تحدّى الأسبوع الماضي النواب البرلمانيين بشأن وجود مناطق في المغرب تعاني من العطش، إذ لفت إلى أن السلطات العمومية اتخذت إجراءاتٍ ميدانية لإيصال المياه إلى المواطنين، ولو باستخدام الصهاريج، لاسيما في القرى.

وانتهج المغرب سياسة مائية لمواجهة ندرة المياه في فترات الجفاف، تعتمد على بناء السدود لتجميع مياه الأمطار، والربط بين الأحواض المائية، ومعالجة المياه العادمة، وبناء محطات لتحلية مياه البحر، والاقتصاد في استعمال الماء، ثم التدبير الجيد للمياه الجوفية.

وفي ظل استمرار سنوات الجفاف، وبروز مجموعة من الظواهر المناخية المتطرفة بفعل التغيرات المناخية، وارتفاع الطلب على المياه بفعل التوسع العمراني والمشاريع الزراعية والصناعية وغيرها، بات المغرب مطالبا بالاستعداد لمواجهة تحديات جديدة تهدد أمنه المائي.

وشهد المغرب مؤخرا تراجعا ملحوظا في كميات الأمطار، ما يؤثر سلبا على تغذية المياه الجوفية والموارد السطحية، كما أن توالي سنوات الجفاف زاد من حدة شح المياه، بينما تسبب ارتفاع دراجات الحرارة في استنزاف المياه بتحفيزه لتبخرها، ناهيك عن تسريع ذوبان الثلوج في الجبال، التي تعتبر مصدرا هاما للمياه في بعض المناطق.

وأثرت التغيرات المناخية أيضا على السدود والمياه الجوفية، حيث أدى انخفاض التساقطات وارتفاع درجات الحرارة إلى تراجع مخزون السدود، ما خلق تحديات كبيرة للقطاع الزراعي وأثر على تزويد المدن بمياه الشرب، كما أثر على القطاع الصناعي.

2