المغرب يكرّس التزاماته السياحية في تطوير قطاع الضيافة

يستثمر المغرب بشكل مستمر في تحديث بنيته التحتية السياحية وتنمية عروض الإيواء ورفع تنافسيته على الساحة الدولية، بما يخدم تطوير جودة خدمات صناعة الضيافة وفق أعلى المعايير الدولية، حيث يعكس هذا التوجه الإستراتيجي الرغبة في جعل القطاع أكثر ديناميكية استعدادا للأحداث المستقبلية.
الرباط - يواصل المغرب تعزيز مكانته كوجهة سياحية متميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تنفيذ إستراتيجية طموحة تهدف إلى تطوير صناعة الضيافة وتحسين تجربة الزوار. وتأتي هذه الجهود في إطار التزام الحكومة بتحديث البنية التحتية السياحية، وتوسيع طاقة الإيواء الفندقي، وجذب استثمارات كبرى في القطاع السياحي.
وفي العام 2024 قطعت السلطات خطوة مهمة نحو تجسيد خططها بتحفيز السياحة عبر إطلاق برنامج لتحديث القطاع الفندقي استعدادا لكأس أفريقيا لكرة القدم 2025 ومونديال كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
وصدرت هذا الأسبوع خمسة قرارات في الجريدة الرسمية، تعزز الإطار التنظيمي للقانون المتعلق بالمؤسسات السياحية، وتهدف إلى إحداث تحول نوعي حقيقي في القطاع وتوفير تجربة سياحية مثالية.
ويضم المغرب أكثر من 150 علامة تجارية فندقية بعد كل من جنوب أفريقيا بنحو 430 علامة تجارية فندقية، ومصر بعدد يبلغ 300 علامة تجارية فندقية. وتُقدر حاجة السوق إلى ما بين 20 ألفا و30 ألف غرفة جديدة لتلبية الطلب المتزايد على السياحة.
ورغم فترة الوباء التي كانت قاسية على القطاع، شهد عدد الغرف الفندقية المصنفة بالبلاد خلال الفترة بين 2012 و2022 قفزة كبيرة من 64.4 ألف غرفة إلى 121 ألف غرفة. وذكرت وزارة السياحة في بيان أوردته وكالة الأنباء المغربية الرسمية الثلاثاء أنه بذلك، “ستستفيد مؤسسات الإيواء السياحي من نظام تصنيف بالنجوم مبسط ويتماشى مع المعايير الدولية."
وعلى سبيل المثال، فإن دور الضيافة والإقامات السياحية والنوادي الفندقية، التي كانت تصنف حسب الدرجات ستصنف مستقبلا حسب النجوم على غرار الفنادق. كما تم إدراج المؤسسات ذات الطابع المغربي الأصيل مثل الرياض والقصبة ضمن نظام التصنيف الجديد، ما يسمح لها بتمييز عرضها وتثمين أصالتها.
وسيمنح التصنيف بالنجوم، المتعارف عليه دوليا، مزيدا من الوضوح والثقة للسياح عند اختيارهم للإيواء السياحي وسيوفر للفاعلين السياحيين رؤية أوضح لعرضهم السياحي. وعلاوة على البنية التحتية والتجهيزات، أصبحت جودة الخدمات المقدمة عاملا أساسيا، يتم تقييمه في جميع مراحل تجربة الزبون.
ولضمان استمرارية مستوى الجودة سيتم إجراء زيارات سرية بصفة منتظمة من طرف خبراء مختصين يقومون بتقييم جودة الخدمات وفقا لمعايير مفصلة، يمكن أن تصل إلى 800 معيار حسب التصنيف، تمت بلورتها بمعية منظمة الأمم المتحدة للسياحة.
وبحسب القرارات سيسلم تصنيف مؤسسات الإيواء السياحي لمدة سبع سنوات ويتم تجديده كل خمس سنوات. ومن أجل إعطاء قطاع الضيافة المزيد من الزخم تم أيضا إدخال مستجد مهم يخص الفنادق من فئة خمس نجوم والفنادق الفاخرة، وهو الإقامات العقارية المسندة.
ويتيح هذا المفهوم الجديد للمستثمرين إسناد فلل إلى فنادقهم يمكنهم بيعها لأفراد وتولي إدارتها لفائدة زبائن يبحثون عن تجربة خاصة مع الاستفادة من خدمات الفندق. وهي آلية جديدة وضعتها الحكومة من أجل تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي.
وفي تعليقها على هذا التقدم الذي شهدته الترسانة القانونية، قالت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور “لقد نجحت حكومتنا في إخراج قرارات القانون الذي تم اعتماده سنة 2015، وذلك بفضل الجهد الكبير الذي تم بذله بالتعاون مع المهنيين وجميع الأطراف المعنية.”
وأضافت “هي اليوم خطوة حاسمة للصناعة السياحية، التي علاوة على جانبها التنظيمي، ستمكن من جعل المغرب يتموقع ضمن أكبر الوجهات السياحية عالميا.”
وبحسب القرارات الجديدة، فإن مهنيي القطاع سيستفيدون من فترة انتقالية مدتها 24 شهرا من أجل الامتثال للمعايير الجديدة للتصنيف. وتوفر لهم هذه المدة إطارا مناسبا لإجراء التحسينات اللازمة، وتكوين فرق العمل حسب المتطلبات الجديدة، والاستعداد بشكل جيد لعمليات التصنيف.
وإلى جانب ذلك سيتم تعزيز الإطار التنظيمي بقرارات جديدة ستمكن من هيكلة 3 أشكال الإيواء، هي المخيم المتنقل (بيفواك)، والإيواء عند السكان والإيواء البديل الذي يتضمن أشكالا مبتكرة. كما سيتضمن المنتجات المعروضة في المنصات الأكثر استعمالا.
أهداف الإجراءات
- فرض الصرامة لضمان جودة وسلامة الخدمات المقدمة للسياح
- توفير إطار واضح للدمج التدريجي للناشطين بشكل غير قانوني
- السياح سيستفيدون من تعدد خيارات الإقامة المتاحة والمتوفرة
وستمكن القرارات المستقبلية من تحقيق عدة أهداف. أولاً، ستُقرّ دفاتر تحملات صارمة لضمان جودة وسلامة الخدمات المقدمة للسياح. وثانيًا، ستوفر إطارًا واضحًا للدمج التدريجي للفاعلين الذين ينشطون حالياً على هامش القطاع المهيكل. وأخيرًا، سيستفيد السياح من تعدد خيارات الإقامة المتاحة لهم.
ووفقا لوزارة السياحة، من المتوقع أن يكون لتنويع العروض تأثير على الأسعار، خاصة خلال الموسم الصيفي، الذي يشهد ذروة تدفق الزوار، وبالتالي سيشجع السياح على السفر مع ضمان جودة الخدمات.
ويقدم المغرب نفسه كوجهة مستقرة، سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة، ولذلك يعول على قطاع السياحة كثيرا كأحد أبرز الموارد الرئيسية للعملة الصعبة إلى جانب الصادرات والصناعة والاستثمار المباشر.
ويواصل قطاع السياحة، الذي يسهم بسبعة في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، تحقيق تطور مستمر، خاصة بعدما حطمت عائدات القطاع لأول مرة حاجز الـ11 مليار دولار في عام 2024، إثر استقبال 17.4 مليون سائح بزيادة 20 في المئة بمقارنة سنوية.
واحتل البلد المرتبة الثالثة عربيًا من حيث عدد الزوار الدوليين في عام 2024، ويُتوقع أن يواصل صعوده خلال السنوات القادمة، بفضل الاستقرار السياسي والتنوع الجغرافي والغنى الثقافي. ويراهن المغرب على جذب نحو 17.5 مليون سائح بحلول العام 2026 خاصة أنه مقبل على تنظيم تظاهرات رياضية ومؤتمرات دولية كبيرة.
وسيكون للمغتربين دور في تنمية القطاع، فقد أعلنت مؤسسة محمد الخامس للتضامن الثلاثاء، انطلاق عملية “مرحبا 2025” لاستقبال الملايين من المغتربين العائدين إلى الوطن، في واحدة من أكبر حركات العبور العالمية. وذكرت الحكومة أن عملية استقبال المهاجرين تشمل “520 رحلة بطاقة استيعابية تناهز 500 ألف مسافر، و130 ألف سيارة في الأسبوع.”
وأشار متحدث الحكومة مصطفى بايتاس خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط، إلى “تخصيص 29 سفينة تابعة لسبع شركات نقل بحري، ستؤمن 12 خطا بحريا انطلاقا من موانئ إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.” ويقدر عدد المغتربين بأكثر من 5 ملايين شخص، حسب وزارة الخارجية، فيما تمثل تحويلاتهم المالية أول مصدر للنقد الأجنبي، ما يجعلهم ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد.