المغرب يكرس التعددية الفكرية والثقافية في البرامج التلفزيونية

الحكومة المغربية تسعى إلى ترسيخ حرية التعبير وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة.
الجمعة 2025/05/16
الإعلام المغربي شهد تحولات كبيرة

الرباط - أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد مهدي بنسعيد أن التوجهات الرئيسية الجديدة تحرص على تكريس التعددية الفكرية والثقافية كركيزة في البرامج الإخبارية والحوارية، من خلال إلزام القنوات العمومية بتقديم محتوى يعكس تنوع الآراء والخصوصيات اللغوية.

وتُعدّ التعددية الإعلامية ركيزة أساسية في أيّ نظام ديمقراطي يسعى إلى ترسيخ حرية التعبير وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة. وفي المغرب، شهد الإعلام خلال العقود الأخيرة تحولات كبيرة، سواء على مستوى الإطار القانوني أو تنوع الفاعلين والوسائط، ما أوجد مساحة نسبية للتعددية، لكنها لا تزال محاطة بعدة تحديات.

وأكد الوزير بنسعيد على أن الخطوات التي تتخذها الحكومة بهذا الشأن تضمن مشاركة جميع المؤسسات الحزبية والنقابية والجمعوية في النقاش العمومي.

وتناول بنسعيد، في عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الأربعاء الإصلاحات التي عرفها المجال الإعلامي، قائلا إنها ساهمت في إرساء مرتكزات متكاملة لتطوير مختلف مكوناته “وذلك بتوفير بيئة مشجعة للممارسة الصحفية، وتعدد مساحات التعبير وتمكين مختلف التعبيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية من التعبير عن آرائها وانشغالاتها.”

محمد مهدي بنسعيد: التوجهات تلزم القنوات العمومية بمحتوى يعكس تنوع الآراء
محمد مهدي بنسعيد: التوجهات تلزم القنوات العمومية بمحتوى يعكس تنوع الآراء

ويحظى مجال الإعلام باهتمام دائم ومتواصل في مختلف السياسات العمومية، وشدد الوزير على أن هذا الاهتمام يأتي إدراكا لأهمية بناء منظومة إعلامية وطنية قادرة على الاضطلاع بالأدوار الحيوية في الإخبار وتأطير الرأي العام الوطني، ومواكبة التحولات التي تعرفها المملكة في مختلف الميادين.

ووفق بنسعيد، بدأت وزارة الاتصال المغربية العمل في ورشات إصلاح مدونة الصحافة والنشر، في إطار تعزيز حرية التعبير ودعم استقلالية المؤسسات الإعلامية، وتكوين الصحافيين ونشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع كآليات لتعزيز دور الإعلام في حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.

وأكد أن “حرية التعبير والإعلام في المغرب حققت خطوات مهمة”، مضيفا أن “التحديات التي تواجهها (هذه الحرية) تتطلب التزاما مستمرا لتوفير بيئة أكثر حرية واستقلالية للصحافة، بما يساهم في تعزيز حقوق الإنسان وترسيخ قيم الديمقراطية.”

وتعتبر مدونة الصحافة والنشر في المغرب خطوة متقدمة، لكنها ليست نهاية المطاف. فالإصلاح الحقيقي يتطلب ملاءمة شاملة بين القوانين والممارسات والضمانات الدستورية بما يكرس صحافة حرة ومسؤولة.

ويرى متابعون أن التحدي الحقيقي يكمن في تطبيق مقتضيات القانون بروح ديمقراطية، وضمان استقلالية المؤسسات، وتحصين حرية التعبير دون المساس بالحقوق الفردية والجماعية. كما أن الحاجة مستمرة إلى مواكبة هذا الإصلاح بمراجعات دورية، تستجيب للتحولات المتسارعة في المجال الإعلامي، وهو ما تعمل عليه وزارة الاتصال.

وأشار الوزير بنسعيد إلى أن ”الإصلاحات التي عرفها المجال الإعلامي مكّنت من “إغناء المشهد الإعلامي المغربي الذي يتسم بتنوع وتعدد بارزين، ويعكسه كذلك المنتوج الإعلامي الذي يغطي عددا كبيرا من مساحات التعبير ويمكّن مختلف المكونات الثقافية والسياسية والاجتماعية، سواء على الصعيد الوطني أو الصعيد الجهوي من فرص التعبير عن اهتماماتها.”

وكان إصلاح المدونة التي تم اعتمادها سنة 2016، استجابة للعديد من التوصيات الوطنية والدولية، وكذلك لمطالب الجسم الصحفي والمجتمع المدني، بضرورة تقنين المهنة، وحماية الصحافيين، وتنظيم العلاقة بين الصحافة والسلطة القضائية، ورفع القيود ذات الطابع العقابي عن الممارسة الإعلامية.

ونوه بنسعيد إلى أنه “من مؤشرات حرية الصحافة ازدياد جاذبية المملكة المغربية وتحولها إلى وجهة مفضلة لوسائل الإعلام الأجنبية.”

إصلاح المدونة التي تم اعتمادها سنة 2016 كان استجابة للعديد من التوصيات الوطنية والدولية ولمطالب الجسم الصحفي والمجتمع المدني

ورغم الطابع التقدمي للإصلاح، إلا أن عدداً من الملاحظات أُثيرت من طرف مهنيين وحقوقيين، من بينها استمرار بعض النصوص القانونية خارج مدونة الصحافة، مثل القانون الجنائي، في فرض عقوبات سالبة للحرية على الصحافيين في بعض القضايا، مثل المس بالثوابت أو المؤسسات، وضعف استقلالية المجلس الوطني للصحافة في بعض الأحيان، وتأثير التمثيلية داخله على فعالية قراراته.

كما تتزايد القضايا المرتبطة بالتشهير والنشر الرقمي، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يطرح تحدياً قانونياً بين حماية الحياة الخاصة وضمان حرية التعبير.

ويثير إصلاح مدونة الصحافة والنشر نقاشا متواصلا في الوسط الإعلامي المغربي، حيث أكد يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، أن تطور الصحافة في العصر الرقمي يتطلب نقاشاً مجتمعياً شاملا، لا يقتصر على الصحافيين فقط، بل يجب أن يشمل جميع الأطراف الفاعلة في المجتمع مثل البرلمان والنقابات والأحزاب السياسية.

وقال إن تجارب الدول العالمية في هذا المجال تظهر أن التنظيم الذاتي يجب أن يكون مفتوحاً للجمهور، مع الإشارة إلى أن العديد من التجارب في دول مثل كتالونيا والبرتغال والهند تعتمد على إشراك ممثلين عن المجتمع، مثل أساتذة الجامعات والقضاة، في هيئات التنظيم الذاتي.

وأضاف أن “التنظيم الذاتي هو عمل مجتمعي. هناك اعتقاد سائد بأنه ربما يكون تنظيمًا بين المهنيين أنفسهم من أجل تنظيم مهنتهم فقط، واحترام أخلاقياتها، وهذا صحيح جزئيا، لكنه ليس تنظيما منغلقا داخليًا، للمهنيين فقط، هذا الاعتقاد غير صحيح، ففي التجارب العالمية هو تنظيم من أجل المجتمع.”

5