المغرب يفتح آفاقا جديدة للتجارة والاستثمار مع السعودية

اتفاق على تعزيز التعاون في الصناعة والثروة البشرية والدخول المشترك للأسواق الواعدة.
الأربعاء 2022/04/20
انضموا لاستكشاف عمل خطوط الإنتاج داخل المصنع

عزز المغرب أوجه علاقاته الاقتصادية مع السعودية عبر منتدى تم فيه استكشاف فرص الدعم التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة وسوق العمل، وهو ما يعد ببناء مرحلة جديدة أكثر انفتاحا من بوابة عقد الشراكات وصولا إلى تبادل المنافع المشتركة.

جدة (السعودية) – شكل منتدى الأعمال السعودي – المغربي الذي انطلق الاثنين الماضي في العاصمة الرياض ويستمر لمدة يومين فرصة مهمة في هذا التوقيت لبلورة رؤية مستقبلية يمكن أن تدعم التعاون التجاري والاستثماري بشكل أكبر.

ويرتبط المغرب مع دول الخليج عموما بعلاقات تعاون ترتقي إلى مرتبة العلاقة الاستراتيجية التي يؤطرها تناغم سياسي كبير وتبادل نشط للمنافع الاقتصادية، وتنسيق عالي المستوى بشأن قضايا التكامل في العديد من القطاعات الإنتاجية.

وأكد وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور أنه اتفق مع نظيره السعودي بندر بن إبراهيم الخريف على “خارطة طريق” للتكامل الصناعي بين البلدين.

رياض مزور: اتفقنا على خارطة طريق للتكامل الصناعي بين البلدين

وبدأ الوزير المغربي زيارة إلى السعودية غير محددة المدة على رأس وفد يضم 40 رجل أعمال، للمشاركة في المنتدى الذي يأتي كخطوة للنهوض بالعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى مزور قوله عقب لقاء جمع الوزيرين إن “الجانبين اتفقا على العمل في عدد من المجالات لتحقيق التنافسية المتكاملة بين المنظومتين الصناعيتين في البلدين، والوصول إلى الأسواق بقيمة مضافة مزدوجة، إلى جانب الاستثمار في العنصر البشري والابتكار”.

وأضاف أن بلده “شرع في تنويع منتوجاته وصادراته، وكذلك السعودية بفضل رؤية 2030، لتعزيز المبادلات التجارية بين البلدين التي تراجعت قيمتها منذ عام 2013، نتيجة لنوعية المنتوج الذي تغيرت قيمته بتغير الأسعار وخاصة المنتوجات البترولية والبلاستيكية”. وأوضح أن الهدف “ليس التنويع في حد ذاته بل إدماج سلاسل الإنتاج، ولاسيما التقييم الصناعي والتجاري”.

ويشكل المنتدى فرصة ثمينة لمعالجة التراجع الكبير الذي سجلته المبادلات التجارية في العام 2019 ببلوغها 900 مليون دولار فقط، بعدما كانت تقدر بنحو 2.9 مليار دولار في 2011.

وفي نوفمبر الماضي بدأ مجلس الأعمال السعودي – المغربي تحركات كبيرة للنهوض بـ5 قطاعات واعدة وهي السياحة والكهرباء والطاقات المتجددة واللوجستيات والغذاء، في خطوة مهمة لمعالجة الانخفاض في حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وتشير إحصائيات الاتحاد العام لمقاولات المغرب (تجمع أصحاب الأعمال) إلى أن حجم التعاون التجاري الثنائي بلغ ما مجموعه 1.45 مليار دولار.

ويحتل المغرب المرتبة الرابعة والخمسين ضمن الدول المصدرة للسعودية، وتشمل الصادرات منتجات كيميائية غير عضوية وسيارات وقطع غيار وفواكه وألبسة، وهو الشريك رقم واحد مع البلد النفطي بين دول المنطقة العربية.

في المقابل تحتل السعودية المرتبة العاشرة ضمن الدول المصدرة للمغرب، وتشمل صادراتها اللدائن ومصنوعاتها والمنتجات المعدنية والأملاح والأحجار والإسمنت والورق والمواد الدابغة والملونة.

ويتطلع البلدان في إطار تعزيز شراكتهما التجارية والاستثمارية إلى تعزيز المنظومة اللوجستية، من خلال الحد من بعض العراقيل التي قد تعيق التجارة، ودعمها في المستقبل عبر إطلاق خط بحري بين البلدين من شأنه أن يقوي المبادلات البينية.

ويسعى المغرب لاستثمار الإمكانيات الضخمة التي توفرها السعودية، لاسيما على مستوى صادرات السيارات التي شهدت انتعاشا كبيرا في الآونة الأخيرة.

وإلى جانب ذلك التركيز أكثر على القطاع الزراعي الذي بدأ يوجه اهتمامه إلى السوق السعودية، والخليجية عموما، استجابة للطلبات الملحة واستغلال الإمكانيات الضخمة في هذا المجال.

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المغربية يبلغ عدد المشاريع السعودية في المغرب 240 استثمارا، تديرها قرابة 250 شركة، فيما تستثمر عشرون شركة مغربية بالبلد الخليجي في حوالي 11 مشروعا.

ماجد القصبي: القطاع الخاص بالبلدين له دور فعال في تنمية الشراكة

وقال مزور إنها “استثمارات ضخمة في الصناعة وفي قطاع السكر، ما يؤكد أن المغرب بلد يستثمر عند شركائه ويوفر قيمة مضافة وفرصا للعمل”، لكنه لم يذكر قيمة هذه الاستثمارات.

وبلغت الاستثمارات السعودية المباشرة في المغرب، وفق وزير الصناعة والتجارة، 246 مليون درهم خلال عام 2020 (26.6 مليون دولار)، استهدفت قطاعات الصناعة والعقار والسياحة والزراعة.

وكانت السعودية قد دشنت في سبتمبر 2020 ملحقياتها التجارية في مدينة الدار البيضاء لمساعدة المصدرين والقطاعات الصناعية في البلد الخليجي على دخول السوق المغربية، وهو ما ينسجم مع “رؤية 2030”.

وقال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي إن السعودية “حريصة على إعطاء دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع المغرب لتكون في مستوى العلاقات السياسية القائمة بين قائدي البلدين”.

وأكد ضرورة تحديد أولويات التعاون الاقتصادي الثنائي التي لخصها في عدة مسارات تتمثل في التواصل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في البلدين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية البينية والاستثمار في الثروة البشرية والدخول المشترك إلى الأسواق الواعدة.

وأوضح في هذا الإطار أنه ينبغي تكثيف اللقاءات التواصلية بين المسؤولين الحكوميين وبين ممثلي القطاع الخاص في البلدين، وتنمية الاستثمارات السعودية في المغرب. وتشكل مسألة استقدام المزيد من العمالة المغربية للعمل في السوق السعودية أحد محاور تعزيز علاقات البلد الخليجي بالمغرب.

وأشار القصبي إلى أنه يتعين أيضا الاستثمار في الثروة البشرية من خلال الرفع من عدد العمال المغاربة في السعودية الذين يناهز عددهم نحو 22 ألف مغربي حتى يصل عددهم إلى نصف مليون شخص.

وفي مطلع العام الماضي بحث مجلس الأعمال السعودي – المغربي في اجتماع عمل عن بعد تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري والشراكة بين رجال الأعمال في البلدين لتجاوز الصعوبات والعوائق التي تواجه أصحاب الأعمال.

واقترح رئيس الجانب المغربي خالد بنجلون حينها إنشاء صندوق استثماري مشترك لتقديم تسهيلات ائتمانية لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الشراكات بين الكيانات الاقتصادية في البلدين.

وقال بنجلون في ذلك الوقت إن “إنشاء الصندوق مهم خاصة أن أغلبية الشركات في المغرب صغيرة ومتوسطة بواقع 98 في المئة وليست لديها الإمكانات اللوجستية والتجارية أو المالية للنفاذ إلى السوق السعودية”. أما رئيس الجانب السعودي علي اليامي فأكد أن الفترة المقبلة ستشهد زيارات متواصلة ومتبادلة بين الجانبين وإقامة فعاليات ومعارض واجتماعات مشتركة.

10