المغرب يعول على تنمية الزراعة لتحقيق هدف خفض البطالة بحلول 2030

الحكومة المغربية تراهن على تحلية مياه البحر وتقنيات ري اقتصادية لمواجهة تداعيات تقلبات المناخ.
الجمعة 2025/02/28
الزراعة رهان مغربي للحد من نسبة البطالة

الرباط - ربطت الحكومة المغربية تحقيق هدف معدل البطالة بنهاية العقد الحالي بتنمية الزراعة المعتمدة على الأمطار، حيث لا يزال القطاع يواجه تحدي الجفاف.

ويسعى المغرب إلى خفض معدل البطالة إلى نحو 9 في المئة بحلول عام 2030، بعد تسجيله العام الماضي أعلى مستوى منذ ربع قرن، حيث أعلنت الحكومة الأربعاء تفاصيل خارطة الطريق لسوق العمل، تتضمن هدف إحداث 1.45 مليون وظيفة جديدة.

وتعاني الزراعة، القطاع الحيوي في المغرب، تداعيات تقلبات المناخ، لكن البلد يريد مواجهة هذه التحديات بالرهان على تحلية مياه البحر وتقنيات ري اقتصادية.

ويواجه البلد موجة جفاف للسنة السابعة تواليا، وهي أطول فترة من احتباس الأمطار في التاريخ الحديث للمغرب، وأدت هذه الموجة إلى فقدان الزراعة، وهو قطاع رئيسي ويساهم في 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، نحو 137 ألف فرصة عمل.

وبعد أن تسبب توالي الجفاف في فقدان قرابة 157 ألف وظيفة في الأرياف العام 2023، سجلت البلاد معدل بطالة عند 13.3 في المئة بنهاية عام 2024 وهو الأعلى منذ العام 2000.

وكانت الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش قد وعدت بإيجاد مليون فرصة عمل إضافية خلال ولايتها التي تنتهي العام المقبل، لكنها عجزت عن تحقيق هذه الأهداف بسبب تضرر القطاع الزراعي.

9

في المئة مستهدف معدل البطالة بنهاية العقد الحالي نزولا من 13.3 في المئة خلال 2024

وخصصت الميزانية الحالية نحو 1.5 مليار دولار لإنعاش سوق العمل، تشمل 1.2 مليار دولار لتحفيز الاستثمار، و100 مليون دولار للحفاظ على فرص العمل في القرى والمناطق الزراعية، ومئتي مليون دولار لتحسين برامج المساعدة على إيجاد وظائف.

وتقول السلطات إن ارتفاع معدل البطالة كان نتيجة مباشرة لتداعيات الوباء، واستمرار فقدان فرص العمل في الزراعة بسبب توالي سنوات الجفاف.

كما أشارت أيضا إلى انخفاض معدل النشاط إلى 43.5 في المئة، وفق منشور صادر عن رئيس الحكومة يتضمن إجراءات تفعيل خارطة الطريق.

وتتضمن الخارطة 8 مبادرات لتحفيز إحداث فرص عمل، من أبرزها تعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر نظام دعم للمشاريع الاستثمارية التي تتراوح ما بين 100 ألف دولار و5 ملايين دولار، وتسهيل مشاركتها في الصفقات الحكومية والتصدير.

لمواجهة فقدان الوظائف في القطاع الزراعي، يتم التخطيط لرفع المساحة المزروعة بالحبوب إلى 4 ملايين هكتار، وإطلاق منصة إلكترونية للتنسيق بين العرض والطلب بشأن اليد العاملة الزراعية.

يأمل المغرب بتحقيق نمو اقتصادي هذا العام بنحو 4.6 في المئة، بدعم من القطاعات غير الزراعية، في مقابل 3.3 في المئة العام الماضي، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي.

ولكن تبدو المؤشرات مقلقة بعجز في الأمطار بنحو 53 في المئة مقارنة مع متوسط الثلاثين السنة الماضية، وفق ما أفاد وزير الزراعة أحمد البواري منتصف فبراير الماضي.

وبحلول العام 2050 يتوقع تراجع الأمطار بنسبة 11 في المئة وارتفاع درجات الحرارة بواقع 1.3 درجة، وفق دراسة سابقة لوزارة الفلاحة. وهذه أسوأ دورة جفاف في المغرب منذ مطلع الثمانينات.

ورغم هذه الإكراهات لا تزال مكانة الزراعة مهمة في صادرات البلاد، إذ وفرت حتى نوفمبر الماضي عائدات بنحو 4 ملايين دولار من حوالي 5.2 مليون طن، وفق ما أفادت الوزارة لوكالة فرانس برس. ويمثّل ذلك نحو 19 في المئة من الصادرات.

ولم يتغير هذا الحجم كثيرا بين عامي 2022 الذي بلغ نحو 5.4 مليون طن و2023 بنحو 5.3 مليون طن.

◙ تم إطلاق خارطة طريق تتضمن 8 مبادرات لتطوير سوق العمل، من أبرزها تقديم دعم للشركات الصغيرة والمتوسطة

وتمثل بلدان الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية لتلك الصادرات، وعلى رأسها فرنسا بحوالي 675 مليون طن بقيمة أكثر من 1.2 مليار يورو العام الماضي، وفق نفس المصدر.

وتشمل هذه الصادرات أساسا خضراوات وفواكه تنتج في مزارع مسقية، حيث اعتمد المغرب منذ العام 2008 مخططا ضخما لدعم المستثمرين في الزراعات التصديرية. ويراهن على الاستمرار فيه بالرغم من ظروف المناخ.

وحتى الآن يظهر هذا الشق من القطاع صمودا في وجه الجفاف، وفق معطيات رسمية. ويعود ذلك إلى إجراءات عدة، أبرزها تعميم تقنيات الري الموضعي الأقل استهلاكا للمياه على 53 في المئة من المساحة المسقية (850 ألفا من أصل 1.58 مليون هكتار)، على أن تغطي مليون هكتار في 2030.

وكذلك الاعتماد المتزايد على مياه البحر التي تروي حاليا نحو 20 ألف هكتار. وهي خيار إستراتيجي بهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا، في أفق العام 2030، سوف يخصص جزء منها للزراعة.

لكن الرهان على تطوير الزراعة السقوية يثير انتقادات حول استنزاف المياه، مقابل إهمال الزراعة المطرية. وبسبب الجفاف، فقدت هذه الزراعة حوالي 38 في المئة من قدرتها الإنتاجية و31 في المئة من مساحتها في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وهذا ينعكس أساسا على محاصيل الحبوب، حيث ارتفعت وارداتها إلى حوالي 9 ملايين طن في المتوسط بين 2022 و2024، بنحو 3 ملايين دولار سنويا.

10