المغرب يعلن إجراءات لتخفيف نفقات الدولة على الشركات العامة

حاولت الرباط مواجهة ارتفاع تكلفة الوباء على الميزانية العامة للدولة بإعادة ضبط وتيرة المؤسسات بحيث يتم دمج بعضها في هياكل مؤسسة لتقليص الإنفاق في استجابة للتحديات التي فرضتها جائحة كورونا.
الرباط - أقرت الحكومة المغربية إجراءات جديدة لتخفيف نفقات الدولة على القطاع العام للتقليل من استنزاف مخصصات المؤسسات العامة للخزانة العامة في وقت تشهد فيه التوازنات المالية ارتباكا بفعل تقلص الموارد وعدم عودة القطاعات إلى نشاطها المعهود.
وفي هذا السياق قال وزير المالية المغربي الثلاثاء إن المغرب يخطط لإصلاح أو دمج أو حل بعض الهيئات الحكومية للحد من اعتمادها على ميزانية الدولة التي تأثرت بجائحة فايروس كورونا.
وقال الوزير محمد بنشعبون للصحافيين إن الخطة يمكن أن تتضمن دمج المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي، وهو مشغل السكك الحديدية الحكومي المثقل بديون، والشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب، وهي شركة الطرق السريعة، في كيان واحد.
ويتوقع المغرب انكماش اقتصاده بنسبة خمسة في المئة هذا العام، مع ارتفاع العجز المالي إلى 7.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والدين الحكومي إلى 75.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من إجراءات العزل العام الصارمة، سجل المغرب 26 ألفا و196 حالة إصابة مؤكدة بفايروس كورونا.
وأعلنت الدولة بالفعل بعض الإجراءات للمساعدة في الحدّ من التداعيات الاقتصادية. فقد أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس الأسبوع الماضي عن تحفيز بقيمة 12.8 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال بنشعبون إن التحفيز يشمل 75 مليار درهم (حوالي ثمانية مليارات دولار) في شكل قروض تضمنها الدولة للمؤسسات الخاصة والعامة و45 مليار درهم كتمويل للاستثمار الاستراتيجي لضخ سيولة لمشروعات عامة وخاصة.
وستتلقى الخطوط الملكية المغربية ستة مليارات درهم، 60 في المئة منها ضخ مباشر للسيولة و40 في المئة قروض مضمونة من الدولة. وقال إن “خطة المغرب لتعميم الضمان الاجتماعي خلال خمس سنوات ستضمن التأمين الصحي ومعاشات التقاعد وإعانات البطالة للجميع”.
ويعمل ما يزيد على ثلث العمال المغاربة بالفعل في شركات غير مسجلة دون ضمان اجتماعي أو يقومون بعمل يدوي أو بيع في الشوارع، وهو ما يشكل 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للمندوبية السامية للتخطيط في المغرب.
وقالت المندوبية إنه من المتوقع أن ترتفع البطالة إلى 14.8 في المئة في 2020 من حوالي 9.2 في المئة قبل الجائحة. ويعتزم المغرب إصدار سندات دولية هذا العام. وقال الوزير دون الخوض في تفاصيل “كل الاستعدادات تمت”.
ويعيش المغرب منذ أسابيع على وقع قفزة في الإصابات بفايروس كورونا ما دفع السلطات إلى إعادة إغلاق عدد من المدن، الأمر الذي أجّج مخاوف أوساط الاقتصاد من حظر جديد قد يكلف البلاد خسائر اقتصادية أكبر.
وشمل القرار الذي بدأ تنفيذه أواخر شهر يوليو الماضي، مدنا كبرى كالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء (غرب) والعاصمة السياحية مراكش (جنوب) وطنجة (شمال) وفاس (وسط)، ومدنا أخرى متوسطة هي مكناس (وسط) ووسطات وبرشيد (غرب) وتطوان (شمال).
وكانت البلاد قد خففت إجراءات العزل العام في يونيو على الرغم من استمرار تعليق الرحلات الدولية ما عدا الرحلات الخاصة التي تسيرها الخطوط الجوية الوطنية لنقل المواطنين أو المقيمين الأجانب.
وحسب إحصائيات رسمية فإن قطاع الإيواء والمطاعم يبقى من أكثر القطاعات تضررا، حيث تضرر نحو 93 في المئة من شركات هذا القطاع خلال شهر مايو وتم تصنيفها في خانة الوضعية الصعبة، يليه قطاع الخدمات الإدارية وأنشطة دعم الأعمال بنسبة 76 في المئة، كما سجل قطاع الصناعات التحويلية وقطاع البناء نسبتي 71 في المئة و70 في المئة على التوالي.
وتكبدت قطاعات اقتصادية مغربية خسائر كبيرة يصعب حصرها بسبب التداعيات المتفاقمة على الصناعات المختلفة مثل صناعة الآلات الكهربائية ومعدات الاتصالات وقطاع السيارات والطيران.
ويعد القطاع السياحي المغربي الأكثر تضررا من انتشار الفايروس على الصعيد العالمي، نظرا لليد العاملة المهمة التي يحتويها القطاع، حيث تراجع الإقبال على شراء تذاكر الطيران وإلغاء حجوزات الفنادق.
وكان صندوق النقد الدولي قد منح المغرب 4 خطوط تسهيلات ائتمانية للوقاية والسيولة لمواجهة المخاطر المحتملة والتدهور المتزايد في بيئة الاقتصاد العالمي.
وارتباطا بالإجراءات التي يقوم بها المغرب لصيانة الاقتصاد المحلي، أعلن البنك الدولي عن إعادة هيكلة قرض كان موجها لتطوير إدارة مخاطر الكوارث في المغرب لاستعماله في مواجهة آثار تفشي فايروس كورونا المستجد.
وذكر البنك الدولي أنه قام بتقديم استجابة طارئة لمساعدة المغرب على التعامل مع آثار الجائحة من خلال إعادة هيكلة قرض سياسة تطوير إدارة مخاطر الكوارث الذي تبلغ قيمته 275 مليون دولار.