المغرب يضع الابتكار محورا لآفاقه التوسعية في صناعة الهيدروجين

التكنولوجيا والابتكار من بين عدة أدوات إستراتيجية تراهن عليها الحكومة المغربية لتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي.
السبت 2024/08/17
إليكم طريقتنا في مسح البصمة الكربونية

يتفق المتابعون للشأن المغربي على أن الابتكار صار محورا أساسيا لمستقبل الحياد الكربوني، وخاصة ذلك المتعلق بتطوير مشاريع الهيدروجين، وهو تحول تفرضه التغييرات العالمية جراء الاحتباس الحراري، الذي يتطلب إنتاجا كبيرا من المصادر النظيفة.

مراكش - وجهت الحكومة المغربية أنظارها إلى تشجع الاستثمارات في الابتكار المتعلق بالهيدروجين الأخضر إدراكا منها بأن هذا المجال يعد عنصرا حيويا لتحقيق طفرة اقتصادية مستقبلا تتلاءم مع متطلب الانبعاثات الصفرية.

وتعتبر التكنولوجيا والابتكار من بين عدة أدوات إستراتيجية تراهن عليها الحكومة لتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي، كما هو الحال مع جيرانها الإمارات والسعودية والبحرين.

ولدى المسؤولين قناعة كبيرة بأن بلدهم لديه الفرص والإمكانات والأدوات اللازمة حتى يضع الاقتصاد على درب النهوض وتعزيز جاهزيته للمستقبل وتطوير حلول مبتكرة للتحديات القادمة لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة.

ويعول المغرب على النسخة الرابعة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، والتي تحتضنها مراكش مطلع أكتوبر المقبل، باعتبارها منصة مثالية لاكتشاف المبادرات الرئيسية والإستراتيجيات الرائدة في القطاع والتقنيات المرتبطة به.

وأفاد بيان للمنظمين بأن القمة التي ينظمها معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة تركز على التقدم المحرز في المشاريع الكبرى الجارية، بالإضافة إلى فرص التمويل، تماشيا مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تطوير هذه الصناعة في البلاد.

سمير رشيدي: نريد ترسيخ مكانة المغرب كرائد عالمي في الصناعة
سمير رشيدي: نريد ترسيخ مكانة المغرب كرائد عالمي في الصناعة

ويخطط البلد، وهو أحد أبرز بلدان المنطقة العربية وقارة أفريقيا في استخدام المصادر النظيفة لإنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين بحلول 2030 بالاعتماد على إمكاناته بالطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر ما من شأنه تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050.

وتشير تقديرات مجلس الطاقة العالمي إلى أن المغرب من الدول الست في العالم التي تمتلك إمكانات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وهو ما من شأنه أن يؤهل البلاد للاستحواذ على 4 في المئة من الطلب العالمي بحدود عام 2030.

وستسلط القمة التي تشرف عليها وزارة الانتقال الطاقي بالشراكة مع تجمع الهيدروجين الأخضر (كلستلر غرين أتش 2)، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، والوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) الضوء على “عرض المغرب” في هذا المجال.

ويُجسد عرض المغرب الالتزام بتسريع عملية التحول نحو اقتصاد بلا كربون، فضلا عن الاستفادة من الموارد الطبيعية والتقدم التكنولوجي للبلد ليكون مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بأسعار تنافسية.

كما ستسلط القمة هذه السنة الضوء على أهم المنجزات المنضوية تحت هذه المبادرة الطموحة التي تم الإعلان عنها في مارس الماضي، من خلال المشاريع التجريبية والمبادرات الصناعية والجوانب التنظيمية.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة سمير رشيدي قوله إن القمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته “تعكس التزامنا بدعم الإستراتيجية الوطنية لانتقال الطاقة والتنمية المستدامة”.

وتابع “عبر تسليط الضوء على مشاريع رائدة في القمة وتوطيد البنى التحتية الضرورية مثل مشروع منصة الهدروجين الأخضر وتطبيقاته (غرين أتش 2 أي) نفتخر بمساهمتنا الفعالة في ترسيخ مكانة المغرب كرائد عالمي في القطاع”.

ويقوم المعهد بدور مهم في إحداث وتطوير هذه المنصة الحوارية السياسية والاقتصادية الإقليمية رفيعة المستوى، مع تسليط الضوء على الابتكار والبحث التطبيقي الموجه نحو السوق في قلب التضافر بين مختلف الفاعلين.

ويراهن المغرب على تحلية مياه البحر لمواجهة إجهاد مائي متزايد في الأعوام الأخيرة، إذ يمثل الهيدروجين الأخضر فرصة سانحة للبلد لتعزيز مكانته في صناعة الأسمدة التي يعد من روادها عالميا بفضل احتياطيه الضخم من الفوسفات.

لكنه يظل مرتهنا بتقلبات أسعار مادة الأمونياك الضرورية لهذه الصناعة، حيث يعد أول مستورد لها في العالم. ويوفر الهيدروجين الأخضر إمكانية التخلص من هذا العبء حيث يمكن استعماله لإنتاج أمونياك أخضر بإضافة الآزوت.

محمد يحيى زنيبر: نؤكد التزامنا بتطوير منظومتنا ودعم تقدم هذا القطاع
محمد يحيى زنيبر: نؤكد التزامنا بتطوير منظومتنا ودعم تقدم هذا القطاع

وأكد رئيس كلستلر غرين أتش 2، محمد يحيى زنيبر أن القمة المرتقبة تشكل “فرصة إستراتيجية لبناء منظومة ديناميكية وتعاونية، ودعم الابتكار، وتعزيز مكانة المغرب في السوق العالمية للهيدروجين الأخضر”. وقال “من خلال استضافة الفاعلين في الصناعة والبحث، نؤكد التزامنا بتطوير منظومتنا ودعم تقدم هذا القطاع الإستراتيجي”.

وستشكل القمة منصة لمناقشة أفضل الممارسات للانتقال من مرحلة إثبات المفهوم إلى الإنتاج على نطاق واسع، بالإضافة إلى بناء شراكات عابرة للحدود بين الدول والمناطق المجاورة.

وستعرف حضور أكثر من 170 متحدثا من أبرز الخبراء والباحثين الدوليين من 35 بلدا، حيث سيتشاركون خبراتهم وتجاربهم في مجال تكنولوجيا باور تو إكس والهيدروجين الأخضر.

ومن المرتقب أيضا حضور ما يفوق ألف مشارك ومشاركة، من بينهم صناع قرار وخبراء في مجالات الصناعة والبحث والابتكار، في القمة التي ستشهد قرابة 25 جلسة مصممة خصيصا لاستكشاف أحدث التطورات والتحديات والفرص في باور تو إكس.

وقال رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية هشام الهبطي إن القمة “تمثل فرصة هامة لاستكشاف أحدث التطورات في مجال الطاقة والهيدروجين الأخضر”.

وأضاف “يعكس هذا الحدث التزام جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بتكوين المؤهلات لدعم طموحات المغرب، وكذلك في مجال البحث العلمي لمواكبة أحدث الابتكارات”. وتابع “تشكل القمة منصة لتعزيز الموقع الإستراتيجي للمغرب كرائد عالمي في مجال الهيدروجين الأخضر والتكنولوجيات المرتبطة به”.

بدوره، أكد رئيس وكالة (مازن) طارق مفضل أن بفضل رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس يحتل المغرب اليوم مكانة بارزة في تطوير الطاقات المتجددة، كما يطمح إلى تعزيز مكانته كمركز للطاقة وتعزيز تنمية الهيدروجين الأخضر.

11