المغرب يشكل لجنة لتقييم العلاقات مع البرلمان الأوروبي

الرباط – قرر البرلمان المغربي إحداث لجنة تضم ممثلين عن مجلسي النواب والمستشارين لإعادة تقييم العلاقات مع البرلمان الأوروبي، في رد على الاستهداف المتكرر الذي تتعرض له المملكة مؤخرا من قبل قوى وجماعات ضغط داخل المؤسسة الأوروبية.
وجدد رئيسا مجلسيْ المستشارين والنواب النعم ميارة ورشيد الطالبي، بمناسبة اختتام الدورة الخريفية لمجلس المستشارين، إدانة البرلمان المغربي للتوصية التي صدرت من البرلمان الأوروبي، والتي تنتقد واقع الحريات في المملكة.
وأشار ميارة والطالبي إلى أن “تشكيل اللجنة هو تعبير عن الردّ القوي للرفضِ الرسمي والشعبي للتدخل في شؤوننا الداخلية، وأيضا دعم الأصوات الحكيمة في البلدان الأوروبية التي فضحتْ خلفياتِ هذا القرار الشَّاردِ من حيث مُحتواه وتوقيتُه”.
وشدد رئيس مجلس النواب على أن اللجنة هي رسالة من المؤسسات المغربية تفيد بـ”حرصها معارضةً وأغلبيةً على التفاعل مع قضايا بلادِنا الحيوية ومع انشغالات المواطنين، ومساهمة من موقعِنا الدستوري والمؤسساتي في إيجاد الأجوبة التشريعية على أي تدخل والرفض المطلق للخَلْطِ المتعمَّدِ بين حريةِ الرأي من جهة، وجرائمِ الحق العام التي يَنْظُر فيها القضاءُ الذي من مسؤوليتِه ضمانُ حقوق الضحايا، قبل كل شيء”.
وكان البرلمان الأوروبي أقر في شهر يناير الماضي نصا غير ملزم يطالب السلطات المغربية “فورا” بـ”احترام حرية التعبير وحرية الإعلام” و”ضمان محاكمات عادلة للصحافيين المعتقلين”.
ودعا البرلمان الأوروبي إلى إطلاق سراح عدد من الصحافيين صادرة بحقهم أحكام سجنية في المغرب على خلفية اتهامات تتعلق بالتجسس وانتهاكات جنسية.
وأثار النص غضب الرباط التي سارعت إلى إدانته واعتبرته تدخلا في شؤونها.
وقال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن تشكيل لجنة لإعادة تقييم العلاقة مع البرلمان الأوروبي هو بمثابة رد حاسم من طرف المغرب على الأوروبيين وإظهار أن الرباط حريصة على منطق الشراكة شريطة عدم المساس، بأي حال من الأحوال، بسيادة البلاد.
وأوضح لزرق أن إعادة تقييم العلاقة مع البرلمان الأوروبي هي اتجاه لإظهار أن المغرب يريد مواجهة مساعي تحريف الشراكة الإستراتيجية، التي من أسسها احترام مصالح الطرف الآخر، بعيدا عن منطق الابتزاز والوصاية.
وقال ميارة إن “المغرب بمؤسساته يدرك جيدا الخلفيات الحقيقية للانزلاق غير المقبول للبرلمان الأوروبي، ومن خلال هذه اللجنة نريد توجيه رسالة مباشرة إلى تلك الأطراف والتيارات السياسية التي ورطت البرلمان الأوروبي في تصرف عدائي ومجاني تجاه شريكها الإستراتيجي الموثوق”.
إحداث اللجنة رسالة واضحة تفيد بأن المغرب لا يقبل أي تدخل في شؤونه الداخلية والمساس بسيادته
ورأى الطالبي أن “التَّموْقُع الجديد للمغرب إقليميًا وقاريًا ودوليًا، يثيرُ حنق جهاتٍ خارجيةٍ تُعَبِّئ العديدَ من الإمكانيات ووسائل الإعلام واللوبيات، وتَحْشُدُ الأصوات لمناهضةِ بلادِنا، لا لشيء سوى لأنها تَشُقُّ طريقَها بثباتٍ، وعلى أساس القرار الوطني المستقل”.
وقال إن هذا الحُنْق وهذا الاستعداء بلغا قِمَّتَهما بإصدارِ ذَاكَ الذي سُمِّيَ توصيةً أو قرارًا غيرَ مُلزِمٍ من جانب جزءٍ من الطَّيْفِ السياسي في البرلمان الأوروبي يوم 19 يناير 2023 تحت مُسمّى “احترام حرية التعبير والرأي في المغرب”.
وشدد رئيس مجلس النواب المغربي تأكيده على أن المغرب ليس في حاجة إلى الدروس عن حرية الرأي والتعددية وصيانة حقوق الإنسان، وقال “نحنُ نتوفرُ على مؤسساتها وآلياتها والتشريعات التي تكْفُلُ احترامَها، ونحنُ أمةٌ عَرَفْنا كيف نَقْرأُ تاريخَنَا ونَخْتَطُّ لنا الطريقَ من أجل المستقبل الذي نحنُ بصددِ بنائِه اليوم”.
ويرى رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، في تصريحات لـ”العرب”، أن “المغرب مُصِرُّ على ضرورة أن يكون البرلمان الأوروبي في تعاطيه مع المغرب حريصا على القيم المشتركة دون التدخل في السيادة القضائية والمسائل الداخلية للمملكة وعدم مخالفة مواثيق الأمم المتحدة، واتخاذ خطوات مشجعة لمعالجة القضايا الثنائية، وأن أي منظمة تختار مثل هذه الطرق لتجاوز حدود السيادة ستحصل على الإجابة المناسبة من طرف المغرب”.
واعتبر لزرق أن قرار البرلمان الأوروبي رغم أنه غير ملزم أظهر سوء نية الطرف الأوروبي وغاياته الاستعمارية، مشيرا إلى أن رد البرلمان المغربي بإحداث لجنة تقييم وإعادة النظر في علاقته بنظيره الأوروبي، وأيضا استنكار كل الأطياف السياسية والقضائية والاقتصادية، هما رسالة واضحة تفيد بأن المغرب لا يقبل أي تدخل في شؤونه الداخلية والمساس بسيادته.