المغرب يسرّع وتيرة تنفيذ التزاماته بالإصلاحات الاقتصادية

الحكومة تستكمل برنامجها استعدادا للحصول على آخر قسط من صندوق النقد.
الاثنين 2024/12/09
الأوضاع المعيشية أولوية

يسابق المغرب الزمن لتطبيق مجموعة من الإجراءات المتعلقة ببرنامج إصلاح الاقتصاد في نهاية يناير المقبل، لضمان الاستفادة من القسط الثالث والأخير من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار، ضمن الاتفاق الموقع في العام الماضي.

الرباط - يستعد صندوق النقد الدولي للقيام بمراجعة لاتفاق مع الحكومة المغربية منتصف فبراير المقبل، على أن يجتمع في مارس للمصادقة على صرف الشريحة الأخيرة بقيمة 437 مليون دولار، بعدما حصلت الرباط على دفعتين خلال العام الجاري.

وتشمل التزامات الحكومة، والتي تصل إلى سبعة تدابير، تنفيذ إصلاحات في سوق الكهرباء، وفرض ضرائب على المواد الملوثة، وإقرار تشريعات للحفاظ على المياه.

وعلاوة على ذلك تتضمن الإصلاحات نشر توقعات مديونية الدولة لثلاث سنوات، وتأثير التغير المناخي على نشاط البنوك، بحسب تقرير للمؤسسة المالية.

وسيتعين على المغرب نشر التعرفة التي سيكون على مُنتجي الطاقة المتجددة دفعها للوصول إلى شبكة توزيع الجهد المتوسط، وفصل حسابات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وهي شركة مملوكة للدولة المالية الخاصة بعمليات الإنتاج والنقل.

ويرى المتابعون للشأن الاقتصادي المغربي أن هذه خطوة من شأنها سحب صلاحية الإنتاج من شركة الكهرباء، وتحويلها إلى مُشغل لنظام نقل الكهرباء فقط.

وتعمل وزارة الماء والتجهيز على اعتماد تدابير قانونية لحماية الموارد الجوفية، بينما تواجه البلاد إجهادا مائيا غير مسبوق.

وكشف مصدر حكومي لبلومبيرغ الشرق الأحد، لم تذكر هويته، عن إجراء دراسة حول كلفة المياه سيعقبها إصدار قوانين لحماية الموارد الجوفية، خصوصاً بعدما شهدت تراجعا، وسط أطول موجة جفاف تشهدها البلاد في تاريخها المعاصر.

وتتضمن حزمة الالتزامات أيضا إصدار البنك المركزي توجيهات تفرض على البنوك إعداد تقارير مرتبطة بمخاطر التغيرات المناخية على نشاطها. كما تعهدت وزارة الاقتصاد والمالية بنشر تقارير دورية عن حجم المديونية الحكومية، وتأثير تغير المناخ على نشاطها.

◙ 437 مليون دولار قيمة المبلغ الذي سيصرفه صندوق النقد من اتفاق بقيمة 1.3 مليار دولار

واشترط صندوق النقد على المغرب إقرار ضرائب جديدة لمواجهة التغير المناخي، من بينها زيادة الضريبة على القيمة المضافة على النفط والغاز والوقود.

ولكن الحكومة اعترضت على هذا الإجراء، نظرا إلى تأثيره المحتمل على الدخل المتاح للأسر، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعاً في معدلات البطالة وأسعار المواد الغذائية، وسط تغييرات كبيرة في نظام الحماية الاجتماعية.

ولتفادي الزيادة الضريبية اقترحت الحكومة إجراءً بديلاً يتمثل في زيادة الضرائب المفروضة على الفحم ووقود النفط الثقيل اللذين يُستخدمان في إنتاج الكهرباء.

ومن المقرر أن يتم ذلك من خلال إلغاء الإعفاء الضريبي على المادتين، والممنوح حاليا لشركة الكهرباء، والشركات العاملة معها. كما اقترحت الحكومة أيضا زيادة الضريبة على منتجَي نفط آخرين، وهما البيتومين المستخدم في البناء وزيوت التشحيم.

وقال مصدر من وزارة الاقتصاد والمالية إن “هذا الإجراء سيتم إدراجه في مشروع موازنة 2025، على أن يُطبق في بداية العام المقبل.” وتخطط الرباط أيضا لاعتماد ضريبة على الكربون، حيث أبلغت صندوق النقد بأنها ستطبق الضريبة في عام 2026، بعد المصادقة على بعض التعديلات التشريعية.

وبموجب تلك التعديلات سيتم منح المعهد المغربي للتقييس صلاحية إصدار شهادات محتوى الكربون، وتدريب موظفي الجمارك على مراقبة تطبيق الضريبة على الواردات.

وذكر خبراء صندوق النقد في تقرير حول المراجعة الثانية للاتفاق أن “الإجراءات المتعلقة بضريبة الكربون سيكون تأثيرها محدودا” في المدى القريب.

وأشاروا في تقرير حول الاقتصاد المغربي إلى أن مزيج الكهرباء يعتمد بشكل كبير على الفحم، حيث يمثل نحو 40 في المئة من قدرة توليد الطاقة، ما يجعل قطاع الكهرباء في البلاد من بين القطاعات الأكثر كثافة بالكربون في العالم.

وتشير معطيات الصندوق إلى أن 80 في المئة من الكهرباء المولدة من الفحم تأتي من موردين مستقلين وقعوا عقوداً طويلة الأجل مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وهي شركة حكومية.

ومن المتوقع أن تنتهي هذه العقود بعد عام 2040، وهو ما يجعل من الصعب الحد من اعتماد المغرب على الفحم في المدى القريب.

أبرز الإجراءات

  • تنفيذ إصلاحات في سوق الكهرباء
  • فرض ضرائب على المواد الملوثة
  • إقرار تشريعات للحفاظ على المياه
  • نشر توقعات مديونية الدولة لثلاث سنوات
  • تأثير التغير المناخي على نشاط البنوك
  • نشر تعرفة لمُنتجي الطاقة المتجددة
  • فصل حسابات المكتب الوطني للكهرباء والماء

وفي خضم ذلك يعتزم المغرب اعتماد قانون يتيح للبنوك بيع الديون متعثرة الدفع من قِبل الأسر والشركات، وهي سوق تُقدّر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار.

ويقود البنك المركزي مهمة قيادة هذا الإصلاح بدعم من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، إلى جانب القطاعات الحكومية والبنوك والهيئات التنظيمية.

ومن المرجح أن يترتب على قانون السوق الثانوية للديون المتعثرة انعكاس على القطاع المصرفي، وبشكل أساسي على إصلاح الميزانيات العمومية للبنوك.

والهدف من القانون المرتقب هو دعم بروز سوق فعالة وشفافة يمكن من خلالها للبنوك بيع ديونها المتعثرة بطريقة آمنة، وفق المدير العام للمركزي عبدالرحيم بوعزة خلال مؤتمر حول تحفيز السوق الثانوية للديون المتأخرة أقيم في مدينة الدار البيضاء مؤخرا.

وتضاعف رصيد الديون المتعثرة للشركات والأسر المسجلة لدى البنوك في المغرب خلال العقد الماضي، ليبلغ حاليا 9.8 مليار دولار، بما يمثل 8.6 في المئة من إجمالي الائتمانات البنكية، وهو ما يناهز 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتأتي كل هذه الإجراءات بينما تستعين الرباط بالبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتوفير تمويلات لتنفيذ مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 التي ستحتضنها البلاد بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

وقال رئيس البنك الأفريقي أكينوومي أديسينا إن “المكتب الوطني للسكك الحديد في المغرب يسعى للحصول على 8.8 مليار دولار من مستثمرين” لتمويل خطته التوسعية.

وأوضح للصحافيين في ساعة متأخرة من يوم الجمعة الماضي، بعد ختام منتدى الاستثمار في أفريقيا الذي استمر ثلاثة أيام في الرباط، أن المستثمرين مستعدون لتمويل المكتب بأكثر من المبلغ المطلوب، مشيرا إلى أن إجمالي عروض التمويل تجاوز 13 مليار دولار.

ويخطط المغرب لتوسيع شبكة القطارات فائقة السرعة إلى مراكش قبل نهائيات بطولة كأس العالم 2030، ثم إلى الجنوب حتى أغادير.

كما تضع شركة سكك الحديد هدفا بحلول عام 2040، بتوسيع شبكتها لزيادة عدد المدن التي تخدمها إلى المثلين، أو 43 مدينة، وهو ما سيشمل 87 في المئة من سكان البلاد.

10